هادي يهدد «الحوثيين» برد حازم بعد تجاوزهم الخطوط الحمراء

قيادات عسكرية تحذر من تساهل الجيش.. واتفاق ينهي أزمة جامع الصالح

هادي يهدد «الحوثيين» برد حازم بعد تجاوزهم الخطوط الحمراء
TT

هادي يهدد «الحوثيين» برد حازم بعد تجاوزهم الخطوط الحمراء

هادي يهدد «الحوثيين» برد حازم بعد تجاوزهم الخطوط الحمراء

هدد الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي أمس، جماعة «الحوثيين» المتمردة، برد حازم، مشددا على أنه «لن يسمح بتجاوز الخطوط الحمراء»، بعد أيام من انهيار اتفاق الهدنة في محافظة عمران (شمال) البلاد، وسيطرة المسلحين على مناطق محاذية للعاصمة صنعاء، في وقت كشفت فيه مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» عن استياء قيادات عسكرية عليا من تساهل وزارة الدفاع تجاه خطر المعارك في عمران ومحيط صنعاء.
وذكر هادي لدى استقباله في صنعاء وزير الدولة البريطاني للتنمية الدولية ألان دنكن: «إن ما يجري في محافظة عمران من تحركات ومواجهات لا بد من الوقوف أمامها بحزم». وقال: «لا يجوز توسيع المواجهة أو تجاوز الاتفاقات المبرمة، وعلى جميع الأطراف الالتزام»، مؤكدا أن الدولة «لن تسمح بأي تهديد أو خروقات مهما كانت المبررات، وعلى الحوثيين الالتزام بمخرجات الحوار والتهدئة وعدم التجاوز للخطوط الحمراء».
وعد هادي أن الأحداث التي شهدتها البلاد، أخيرا، تمثل عائقا أمام استكمال الحملة العسكرية التي شنتها السلطات ضد تنظيم القاعدة في جنوب البلاد، في مايو (أيار) الماضي، مؤكدا أن «قوى الشر والعدوان لا تزال تراهن على الانهيار الاقتصادي قبل الأمني، وهو ما فرض على القوات المسلحة أن تقوم بواجبها للقضاء على الإرهابيين في محافظتي أبين وشبوة»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الحكومية.
وفشلت لجنة تنفيذ اتفاق الهدنة في إقناع قيادات الحوثيين بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الموقع بين القوات الحكومية وميليشيات الحوثي مطلع الشهر الحالي. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس اللجنة اللواء جلال الرويشان، وعضو اللجنة اللواء عوض محمد بن فريد، زارا أول من أمس محافظة صعدة، المعقل الرئيس للحوثيين، ونقلا رسالة من الرئيس هادي إلى قيادات الجماعة تطالبهم بالالتزام باتفاق الهدنة، وسحب مسلحيهم من مناطق المواجهات في عمران وضواحي صنعاء. وأكدت المصادر أن رد الحوثيين كان سلبيا، وهو ما دعا الرئيس هادي إلى توجيه تحذير شديد اللهجة إليهم.
في غضون ذلك، كشفت مصادر عسكرية، لـ«الشرق الأوسط» عن خلافات بين قيادات الجيش، ووزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، بسبب التساهل في اتخاذ إجراءات حاسمة، تجاه المعارك في الشمال، في حين تبرر الوزارة موقفها «المحايد» بأن اليمن لا يحتمل مزيدا من الحروب في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد. وذكرت المصادر أن «سخطا كبيرا» لدى قيادات عسكرية بالصف الأول في الجيش، بسبب ذلك، وأنهم طالبوا الوزير باتخاذ إجراءات سريعة لردع الحوثيين وإيقاف خطرهم الذي يقترب من العاصمة صنعاء، وأكدت المصادر أن القيادات العسكرية أبلغت الوزير المقرب من الرئيس هادي أن الحوثيين لن يلتزموا بأي اتفاقيات هدنة وأنه لا بد من موقف حاسم معهم.
وفي سياق الوضع الميداني، استمرت المواجهات المسلحة العنيفة بين الجيش المدعوم بمقاتلين قبليين، والحوثيين في عدة مناطق بمحافظة عمران، والحدود الشمالية للعاصمة صنعاء. وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، سقوط عشرات القتلى في صفوف الحوثيين في هذه المعارك، فيما أصيب أمس الخميس، ضابط برتبة عالية، في قصف للحوثيين بمدفعية «هاون» على بوابة جبل «ضين» الاستراتيجي، فيما شن الجيش قصفا عنيفا بالدبابات والمدفعية الثقيلة، على مواقع المسلحين في قرية «بنى ميمون»، المقابلة للجبل، ومنطقتي سحب وبني الزبيرة، وقرية عمد، التي تقع جميعها جنوب مدينة عمران، كما شملت المواجهات مناطق «بيت بادي»، غرب المدينة، «والضبر»، شمالا، إضافة إلى جبل «المحشاش»، شمال غربي المدينة، فيما لا يزال عشرات المسلحين من الحوثيين محاصرين في بلدة همدان شمال صنعاء، حيث يفرض مقاتلون قبليون من أبناء المنطقة حصارا خانقا، عليهم بعد تصديهم لهجوم قبل يومين.
وقال الشيخ عبد السلام الجائفي، من مشائخ المنطقة، لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين فشلوا في السيطرة على منطقتهم في قرية «الجائف الأسفل»، وتكبدوا خسائر كبيرة، إضافة إلى أن القبيلة تفرض حصارا على أكثر من 50 مسلحا، في وادي «حيال»، وأن عشرات الجثث لا تزال متعفنة منذ أيام. وأوضح الزعيم القبلي، أنهم رفضوا «وساطة قبلية أرسلتها قيادات الحوثي لفك الحصار عن مسلحيهم، لكننا اشترطنا انسحابهم الكامل من المنطقة، وتسليم المتهمين بقتل عدد من أبناء القرية». وقال: «نحن نقاتل هذه الجماعات المسلحة دفاعا عن أرضنا وأنفسنا، ولن نسمح لهم بذلك مهما كلف الثمن».
وأطلقت منظمات حقوقية وإنسانية نداء استغاثة لفك الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على مدينة عمران، والقرى المحيطة بها، وحملت منظمات مجتمع مدني في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «الجهات الرسمية ممثلة بالرئيس والحكومة المسؤولية الكاملة تجاه ما يتعرض لها أكثر من 200 ألف مواطن في عمران»، واستغربت المنظمات «تجاهل السلطات الوضع الإنساني الكارثي، وتقصيرها الواضح في حماية المواطنين وبسط سيادة الدولة». واتهمت المنظمات جماعة الحوثي «بمحاصرة المدينة بآلاف المسلحين، وتحويلها إلى ساحة حرب مستخدمة كل أنواع الأسلحة». وطالبت المنظمات المحلية والدولية بسرعة تقديم «المساعدات الإنسانية العاجلة وإيصالها إلى المحتاجين والمتضررين من الأحداث».
في سياق آخر، توصل الرئيس عبد ربه منصور هادي، والرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلى اتفاق لمعالجة الأزمة التي شهدها جامع الصالح، القريب من دار الرئاسة جنوب صنعاء، بعد خمسة أيام من التوتر الأمني ومحاصرة قوات الحماية الرئاسية جميع مداخله بسبب تحصن الحرس الخاص بصالح داخله. وذكرت مصادر إعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي ينتمي إليه هادي وصالح، إلى أن الاتفاق نص على: «إشراف وزارة الأوقاف على الجامع، بدلا من مؤسسة الصالح التابعة لصالح، ومنع التحريض ضد هادي وضد الحوار الوطني، وإضافة قوات عسكرية من قوات الحماية الرئاسية، إلى جانب الحراسة السابقة التي تتبع صالح». وكانت قوات الحماية الرئاسية كشف في وقت سابق عن مخطط لاستخدام الجامع للاعتداء على المرافق الحساسة التي تقع بالقرب منه، ومنها القصر الرئاسي، مما دفعها للانتشار في محيط الجامع.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.