النظام السوري يستهدف درعا بالبراميل المتفجرة والمعارضة تطلق معركة جديدة في ريف حماه

«هيومان رايتس ووتش» تتهم «الإدارة الذاتية» الكردية بـ«الاعتقال التعسفي» وتجنيد أطفال

سوريون يبحثون بين الركام عن ناجين من قصف قوات النظام لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة (أ.ف.ب)
سوريون يبحثون بين الركام عن ناجين من قصف قوات النظام لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يستهدف درعا بالبراميل المتفجرة والمعارضة تطلق معركة جديدة في ريف حماه

سوريون يبحثون بين الركام عن ناجين من قصف قوات النظام لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة (أ.ف.ب)
سوريون يبحثون بين الركام عن ناجين من قصف قوات النظام لمدينة حلب بالبراميل المتفجرة (أ.ف.ب)

استهدفت قوات النظام السوري، أمس، بالبراميل المتفجرة مدينة نوى وبلدة إنخل في ريف محافظة درعا، بأقصى جنوب سوريا، تزامنا مع إعلان كتائب معارضة بدء معركة «الإخلاص لله» في بلدة كفر نبودة بريف حماه، في حين اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية الدولية السلطات الكردية في المناطق التي تديرها في شمال سوريا، بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان.
المنظمة أشارت في تقرير إلى أن «السلطات الكردية التي تدير ثلاث مناطق بشمال سوريا (الجزيرة، عين العرب، عفرين) مارست الاعتقال التعسفي وانتهكت سلامة الإجراءات القانونية وأخفقت في التصدي لوقائع قتل واختفاء جرى تسجيلها ضد مجهول». ووثق التقرير الذي حمل عنوان: «تحت الحكم الكردي: الانتهاكات بالمناطق الخاضعة لإدارة حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا» عمليات الاعتقال التعسفي لمعارضي الحزب السياسيين وانتهاكات أثناء الاحتجاز، لافتا إلى حالات اختطاف وقتل مقيدة ضد مجهول، إضافة إلى استخدام الأطفال في قوة الشرطة التابعة للحزب وجناحه المسلح.
ورغم أن نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نديم حوري أكد أن «المناطق الكردية من سوريا تتسم بهدوء أكبر من تلك الأجزاء التي تمزقها الحرب»، لكنه لفت في الوقت ذاته إلى «انتهاكات خطيرة ما زالت تجري من دون أن يقوم حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يتمتع بسلطة راسخة بوقفها». وكان حزب الاتحاد الديمقراطي المنبثق عن حزب العمال الكردستاني في تركيا تولى الحكم الفعلي في المناطق الثلاث ذات الأغلبية الكردية منذ انسحاب القوات النظامية السورية من تلك المناطق في 2012، من خلال إقامة إدارة محلية تدير محاكم وسجونا وقوات شرطة.
أما على الصعيد الميداني، قصفت طائرات هليكوبتر تابعة للنظام بالبراميل المتفجرة كل من مدينة نوى وبلدتي إنخل واليادودة في ريف محافظة درعا الغربي، وبلدة النعيمة ومحيط سجن غرز المركزي الذي تسيطر عليه جبهة «النصرة» مما أدى إلى سقوط جرحى، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». كذلك ألقت الطائرات المروحية برميلين متفجرين على بلدة ناحتة، بشمال شرق المحافظة، تزامنا مع استمرار الاشتباكات بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية على مدخل مدينة درعا من الجهة الغربية بالقرب من اليادودة، بحسب ما أفاد ناشطون معارضون.
وفي حماه، استهدفت الكتائب الإسلامية المعارضة بصواريخ «غراد» حاجزي الصيادة وجب الخسارة النظاميين، بريف حماه الشرقي ضمن معركة الإخلاص لله»، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام وسط استمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الإسلامية من جهة أخرى في محيط بلدة السعن. وذكر المرصد أن معركة «الإخلاص لله» تضم 11 فصيلا مقاتلا من أبرزهم تجمع العزة، ولواء أسامة بن زيد، وفيلق الشام، وصقور الغاب، والجبهة السورية للتحرير. وحول الوضع في ريف حماه، أيضا، أفاد مكتب «أخبار سوريا» بسيطرة كتائب المعارضة على بلدة السعن نفسها، وهي كانت تقع تحت سيطرة قوات النظام. ونقل عن ناشط إعلامي معارض قوله إن «مقاتلي المعارضة تقدموا باتجاه البلدة التي دارت على أطرافها اشتباكات عنيفة وسط قصف جوي ومدفعي على المنطقة من قبل القوات النظامية». ولفت المصدر إلى «انتهاء المعارك بدخول مقاتلي المعارضة إلى البلدة ومقتل عدد كبير من العناصر النظاميين».
وفي ضواحي العاصمة دمشق، أفاد المرصد السوري بارتفاع الغارات التي نفذها الطيران الحربي النظامي على مناطق في بلدة المليحة إلى 23، بالتزامن مع قصفها بتسعة صواريخ نوع «أرض - أرض»، وسط اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من طرف، والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني وعناصر «حزب الله» اللبناني من طرف آخر، في محيط المليحة. وأفاد ناشطون معارضون بانسحاب معظم عناصر الميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا إلى جانب الجيش النظامي من جبهة المليحة. وقد عزت مصادر المعارضة الانسحاب إلى «تطورات الوضع في العراق»، موضحة أنه أدى «لاستعادة قوات المعارضة السيطرة على بعض النقاط» في البلدة.
أما في محافظة حلب، بل في مدينة حلب نفسها، فقد تجددت الاشتباكات بين القوات النظامية وكتائب المعارضة في محيط فرع المخابرات الجوية التابع للنظام في حي جمعية الزهراء، تزامنا مع سقوط قتيلين من جنود الجيش النظامي إثر قنصهما قرب ثكنة هنانو العسكرية، كما تجددت الاشتباكات في محيط قلعة حلب، وفق ناشطين. وفي الشمال الشرقي لمحافظة حلب، قتلت غرفة عمليات «أهل الشام المعارضة» عددا من عناصر القوات النظامية في محيط بلدة البريج، حسب ما أعلنته الغرفة، التي تضم عدة فصائل معارضة، أبرزها جبهة «النصرة»، وجيش المجاهدين والجبهة الإسلامية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.