مصر: حزب النور السلفي يقرر التصويت بـ«نعم» للدستور المعدل
دعا الشعب المصري إلى المشاركة في الاستفتاء ودعم الدستور الذي أقرته لجنة «الخمسين» لتحقيق الاستقرار
نادر بكار في حديثه أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم
القاهرة:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
القاهرة:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
مصر: حزب النور السلفي يقرر التصويت بـ«نعم» للدستور المعدل
نادر بكار في حديثه أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم
أعلن حزب النور السلفي المصري، انه سيصوت بنعم في الاستفتاء على الدستور المعدل، ودعا الشعب المصري الى المشاركة والتصويت بـ"نعم".
وقال يونس مخيون، رئيس الحزب في مؤتمر صحفي، "حزب النور سوف يشارك في هذا الاستفتاء وسوف يشارك بنعم حرصا منا على الوصول الى حالة الاستقرار وتحقيق المصلحة العليا للبلاد، وحتى نجنب البلاد مزيدا من الفوضى أو الوقوع فيما لا يحمد عقباه". وأضاف "يونس" خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد لإعلان موقف الحزب من المشاركة في الاستفتاء على الدستور، أنهم شاركوا في لجنة الخمسين لإعداد الدستور من أجل التواصل مع المجتمع والحفاظ على الهوية الإسلامية العربية وعلى مواد الشريعة الإسلامية في الدستور، وحتى يخرج دستور يعبر عن كل أطياف المجتمع. وأشار إلى أن الحزب يرى أن المسودة التي صوتت عليها اللجنة حافظت على الهوية العربية الإسلامية ومارست توازنًا بين ممارسة الحقوق والحريات.
وطالب "مخيون" رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور والحكومة الحالية بإجراء حوار حقيقي ومجتمعي قبل إصدار القوانين المتعلقة بالانتخابات.
من جهته، حث نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام والمتحدث باسم الحزب، أفراد الشعب المصري على التصويت بـنعم في الاستفتاء على الدستور المعدل الذي أقرته لجنة "الخمسين" برئاسة عمرو موسى، عقب تعطيل دستور 2012، بعد عزل الرئيس الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو(حزيران) 2013. وقال بكار "الحزب يدعو أفراد الشعب المصري أن يكمل مشواره وأن يقول نعم للتعديلات الدستورية"، وأوضح أن الدكتور محمد إبراهيم منصور، ممثل الحزب بلجنة الخمسين، لم يمتنع عن التصويت على مواد الدستور، مضيفاً أن الذى امتنع عن التصويت فى الدستور هو مسعد أبو فجر ممثل سيناء فى لجنة الخمسين، مؤكداً أن تفسير المحكمة الدستورية للشريعة الإسلامية مرضي لهم وحقق ما نريد منها وبديل جيد للمادة 219.
وأضاف بكار فى المؤتمر الصحفى: "الدستور منتج بشرى يقبل الأخطاء ولن يكون بالكامل مرضياً لنا، لكن المنتج النهائى جيد، وما يثار حول الخلاف مع القواعد الحزبية للتصويت بـ"نعم" على الدستور الجديد غير صحيح، وأننا نحاول أن نقنع أعضاء الحزب وكل الشعب المصري".
جاء هذا القرار من حزب النور السلفي، بعد اجتماع عقدته الهيئة العليا للحزب لاتخاذ قرار نهائي للتصويت على مشروع الدستور المعدل بعد المشاركة الفاعلة في لجنة تعديل الدستور التي يطلق عليها لجنة "الخمسين".
ويرى المراقبون أن وجود حزب النور في لجنة تعديل الدستور وخارطة المستقبل حقق له مكتسبات كثيرة من بينها احترام الشعب المصري ومختلف القوى السياسية.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.