تونس تسعى للتوسع اقتصاديا في أفريقيا.. والمرزوقي يزور أربع دول فيها

وزير الخارجية الأسبق: طورنا في 2010 مبادلاتنا التجارية مع القارة بنسبة 30 في المائة

تونس تسعى للتوسع اقتصاديا في أفريقيا.. والمرزوقي يزور أربع دول فيها
TT

تونس تسعى للتوسع اقتصاديا في أفريقيا.. والمرزوقي يزور أربع دول فيها

تونس تسعى للتوسع اقتصاديا في أفريقيا.. والمرزوقي يزور أربع دول فيها

يؤدي الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، بداية من اليوم (الجمعة) زيارة إلى مجموعة من الدول الأفريقية في زيارة وصفت بكونها تحمل أبعادا اقتصادية بالأساس، وذلك من خلال بحث المؤسسات التونسية عن متنفس لها في الأسواق الأفريقية التي تطرح إمكانيات تطور هائلة. ويرافق الرئيس التونسي في زيارته الأفريقية الأولى من نوعها بعد الثورة، قرابة 90 رجل أعمال من مختلف الأنشطة الاقتصادية.
عن هذه الزيارة, قال شاكر بوعجيلة، الملحق الإعلامي للرئيس التونسي، في تصريح لوسائل الإعلام، إن الزيارة موجهة بالخصوص إلى أربع دول أفريقية، وتبدأ اليوم 20 يونيو (حزيران) الحالي، وتتواصل حتى يوم 26 من نفس الشهر لتنتهي بمشاركة الرئيس التونسي في قمة الالتحاد الأفريقي الملتئمة في غينيا الاستوائية.
وتضم القائمة بلدان تشاد ومالي والنيجر والغابون، وذلك بدعوة من رؤساء تلك الدول. وتكتسي الزيارة إلى النيجر والغابون بأبعاد اقتصادية بالأساس، إلا أن الزيارة إلى مالي وتشاد تحمل كذلك أبعادا أمنية متعلقة بمكافحة آفة الإرهاب ومقاومة مظاهر التهريب.
عن التجربة التونسية في مجال استكشاف الأسواق الأفريقية والتوجه نحو دفع الاستثمارات في مجمل القطاعات، قال كمال مرجان، وزير الخارجية التونسية الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إنه خاض سنة 2010 ولمدة ستة أشهر تجربة ناجحة مع عدة دول أفريقية. وأشار في حديثه إلى توجيه بعثة اقتصادية كل شهر إلى إحدى الدول الأفريقية تضم ضمن تركيبتها رجال أعمال وكوادر إدارية مهتمة بالجوانب الاقتصادية والتجارية.
وأثمرت هذه التجربة المندرجة ضمن ما سماها «الدبلوماسية الاقتصادية» زيادة على مستوى المبادلات التجارية مع الأسواق الأفريقية بنسبة 30 في المائة. وأبدى مرجان تعجبه تجاه غياب استراتيجية تونسية موجهة إلى الأسواق الأفريقية وقال إنها «خسارة كبرى، فتونس لم تلعب دورا مهما في أفريقيا».
واحتضنت العاصمة التونسية بداية شهر مايو (أيار) الماضي مؤتمرا اقتصاديا تحت عنوان «تونس - أفريقيا: القارة كأفق» وأكد الخبراء خلاله ضرورة تلافي ضعف الحضور الاقتصادي التونسي في القارة الأفريقية. وذكر أكثر من طرف اقتصادي، أن تونس «ابتعدت عن أفريقيا»، وأنها «تنقصها الرؤية والمشروع السياسي الواضح في تعاملها مع البلدان الأفريقية جنوب الصحراء». ودعا المشاركون إلى التوجه نحو الأسواق الأفريقية.
وكان الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال التونسيين) قد أعلنت «2014 سنة أفريقيا» ضمن برنامج أنشطتها للسنة الحالية. ونظمت في السابق بدورها بعثتين لأصحاب المؤسسات إلى كل من مالي والكاميرون، واستقبلت في تونس عددا من الوفود من عدة بلدان أفريقية وبعثت مجالس أعمال مشتركة مع نظيراتها من غرف الصناعة والتجارة ومنظمات الأعراف الأفريقية في محاولة لدفع المبادلات التجارية بين تونس وتلك الدول.
وتصدر تونس عدة منتجات إلى الأسواق الأفريقية على غرار المواد الغذائية المصنعة ومواد التنظيف والمنتجات الصيدلية والأدوات والكتب المدرسية. إلا أن مستوى تلك الصادرات لا يزال بشهادة معظم الإخصائيين دون المأمول وهو يتطلب إرادة سياسية قوية مثل تيسير التنقل إلى القارة السمراء وبعث مكاتب تمثيل تجاري في معظم الدول الأفريقية ذات الآفاق الواعدة.
ويطمح القطاع الخاص التونسي إلى تحقيق رقم معاملات أكبر في القارة الأفريقية التي تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحقيق معدلات نمو منتظمة لا تقل في معظم الحالات عن خمسة في المائة، مما جعل خبراء الاقتصاد التونسي يصفون الأسواق الأفريقية ومعدلات الاستثمار القوية وحاجة القارة إلى رؤوس أموال كبيرة بكونها «ورشة عمل كبرى».
ولا تزال الأسواق الأفريقية تعاني من عدة مشكلات من بينها على وجه الخصوص تأمين التجارة مع عدة دولا أفريقية تعيش عدم استقرار سياسي، وارتباط اقتصادات عدة دول أفريقية بالدول الغربية وصعوبة الدخول إلى تلك الأسواق.
ويرى عدة خبراء في المجال الاقتصادي، أن الأمر موكول في المقام بيد الدولة، فهي تمثل في هذا المجال القاطرة التي لا بد أن تجر بقية الأطراف الناشطة في القطاع الخاص إلى تلك الدول. ولا تخلو التجربة التونسية من عدة «مغامرات» فردية في الدخول إلى أدغال الأسواق الأفريقية في مجال مكاتب الدراسات والمقاولات وبعث الفضاءات التجارية وقد نجحت في الاستثمار في مجال مكاتب الدراسات والمقاولات وبعث الفضاءات التجارية، وكذلك القطاع السياحي مثل ما يحدث في مالي على وجه الخصوص.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الاقتصاد السوري خسر 24 عاماً من التنمية البشرية إلى اليوم

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط في 2023. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.