إجلاء معارضين من الغوطة... و«مجزرة أطفال» بقصف ريف إدلب

اتفاق بين «أحرار الشام» والنظام برعاية روسية في حرستا

بعد غارة قرب مدرسة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة قرب مدرسة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

إجلاء معارضين من الغوطة... و«مجزرة أطفال» بقصف ريف إدلب

بعد غارة قرب مدرسة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة قرب مدرسة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

أفيد، أمس، عن اتفاق بين «حركة أحرار الشام الإسلام» وقوات النظام السوري برعاية روسية لإجلاء معارضين من غوطة دمشق إلى إدلب التي قتل فيها عشرات أمس بقصف على بلدة في ريفها.
وقالت وحدة الإعلام الحربي التابعة لجماعة «حزب الله» اللبنانية، إن نحو 1500 مسلح و6000 من أفراد أسرهم سيبدأون اليوم في مغادرة بلدة حرستا في الغوطة الشرقية بناءً على اتفاق إجلاء.
وأوضحت الوحدة، أن من سيتم إجلاؤهم من حرستا سيذهبون إلى إدلب التي تسيطر عليها قوات المعارضة على دفعتين بناءً على الاتفاق. وقال مصدران بالمعارضة لـ«رويترز»، إنه الاتفاق أنجز بوساطة روسية، ذلك في أول اتفاق من نوعه في المعقل الأخير لمقاتلي المعارضة قرب العاصمة. وأضاف المصدران، إن مقاتلين من جماعة «أحرار الشام» التي تسيطر على مدينة حرستا المحاصرة وافقوا على إلقاء أسلحتهم مقابل العبور الآمن إلى مناطق يسيطر عليها مسلحون، وعرض بالعفو عن من يرغبون في البقاء بموجب شروط مصالحة محلية مع السلطات. واستعادت قوات النظام وميلشيات موالية 70 في المائة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية. ويفر المدنيون بالآلاف بعد قصف بدأ قبل أسابيع. وقال عمال إنقاذ والمرصد السوري لحقوق الإنسان: إن الهجوم الذي بدأه الجيش السوري الشهر الماضي بدعم من قوة جوية روسية أسفر عن مقتل مئات الأشخاص، حيث استهدفت ضربات جوية متواصلة مناطق سكنية يختبئ فيها الآلاف داخل أقبية في أنحاء المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية. وتأتي اتفاقيات الإجلاء بعد سنوات من الحصار والقصف، وهي سياسة استراتيجية رئيسية يتبعها الجيش السوري لإرغام المسلحين على الاستسلام وساعد ذلك الرئيس السوري بشار الأسد في استعادة حلب وحمص بالكامل ومناطق أخرى. وقال مسؤول مطلع على المحادثات التي جرت لأيام عدة: «تم التوصل لاتفاق وربما يدخل حيز التنفيذ بعد إعلان عن وقف لإطلاق النار في أقرب تقدير». وأضاف إنه سيبدأ بإجلاء المدنيين المصابين، وقال: إن المدنيين الباقين في المدينة «يواجهون معاناة يصعب التعبير عنها». ونقلت وسائل إعلام تابعة للمعارضة عن مسؤول محلي في حرستا، الخاضعة لسيطرة المعارضة، قوله: إن هناك اتفاقاً جرى التوصل إليه. وشن مقاتلون من المعارضة هجوماً كبيراً العام الماضي على ثكنات للجيش على مشارف حرستا؛ مما دفعه للرد بهجمات. وكانت هذه المعارك من أعنف ما شهدته الغوطة الشرقية في السنوات القليلة الماضية. وتعهد الأسد بالقضاء على ما يصفه بالتهديد الإرهابي القريب من مقر حكمه. وسقط صاروخ، الثلاثاء، على منطقة سكنية في الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً، بحسب مسعفين في المناطق الخاضعة للحكومة. واتهمت السلطات السورية مقاتلي المعارضة بإطلاق صواريخ من الغوطة في هجمات انتقامية، بينما تنفي المعارضة ذلك.
وقتل أكثر من 100 مدني في آخر يومين من الضربات الجوية بالغوطة الشرقية التي استهدف أكثرها مدينة دوما، أكبر مركز سكاني في المنطقة ولا يزال يعيش فيها أكثر من 150 ألف شخص. وقال مقاتلون في المعارضة وسكان، إنه جرى إسقاط النابالم والقنابل الحارقة على مناطق مدنية عدة لإجبار المقاتلين على الاستسلام. وساء الوضع بالنسبة لمقاتلي المعارضة المحاصرين في حرستا، وهم بالمئات، بعد نجاح الجيش في وقت سابق من الشهر في تقسيم الغوطة إلى ثلاث مناطق محاصرة؛ مما جعل حرستا معزولة عن باقي المناطق. وأعطى الجيش، الأحد الماضي، المسلحين في حرستا مهلة للانسحاب حسبما أفادت وسائل الإعلام الرسمية. وقال سكان ورجال إنقاذ: إن القوة الجوية الروسية كثفت القصف على حرستا بينما كانت المحادثات بشأن الاتفاق جارية. وسيزيد اتفاق حرستا الضغط على جماعتي المعارضة الرئيسيتين، وهما «فيلق الرحمن» في المنطقة الجنوبية و«جيش الإسلام» في المنطقة الشمالية للتوصل أيضاً إلى تفاهمات. وكانت الجماعتان أعلنتا رفض العرض الروسي لمغادرة الغوطة. وقال مسؤول بالمعارضة مطلع على الموقف على الأرض: إن الخيار الأكثر ترجيحاً هو نقل مقاتلي «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال وجنوب سوريا على الترتيب. وهزيمة المعارضة في الغوطة ستمثل أكبر انتكاسة تمنى بها الانتفاضة على حكم الأسد منذ إخراج المعارضة من شرق حلب أواخر 2016 بعد حملة مشابهة من الحصار والقصف والهجمات البرية والوعود بخروج آمن.
إلى ذلك، قتل 16 طفلاً، الأربعاء، في غارة نفذتها طائرات لم يعرف ما إذا كانت سورية أم روسية قرب مدرسة في قرية في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «القصف الجوي على قرية كفر بطيخ في ريف إدلب الشرقي وقع قرب مدرسة أثناء خروج التلاميذ منها»، مشيراً إلى أن الأطفال القتلى لا تتجاوز أعمارهم 11 عاماً.
وقتل جراء القصف أيضاً أربعة مدنيين آخرين، وفق «المرصد» الذي أشار إلى أن «ضمن القتلى 15 فرداً من عائلة واحدة». ورجّح «المرصد» ارتفاع الحصيلة نتيجة وجود جرحى في حالات خطرة ومفقودين تحت الأنقاض. ويأتي القصف غداة مقتل تسعة مدنيين في غارة استهدفت مخيماً للنازحين في ريف إدلب الجنوبي. وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مع تواجد محدود لفصائل إسلامية أخرى. وقد استعادت قوات النظام إثر هجوم عنيف نهاية العام الماضي السيطرة على عشرات القرى والبلدات في ريفها الجنوبي الشرقي.
وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) في آستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في إدلب في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأفاد «المرصد» لاحقاً: «تواصل أعداد الشهداء المدنيين ارتفاعها في منطقة كفر بطيخ؛ نتيجة المجزرة الدامية التي نفذتها طائرات حربية باستهداف المنطقة الواقعة في القطاع الشرقي من ريف إدلب، حيث ارتفع إلى 20 على الأقل عدد الشهداء، بينهم 16 طفلاً أعمارهم تتراوح بين عامين و11 عاماً، بالإضافة إلى ثلاث سيدات، ومن ضمن الشهداء 15 من عائلة واحدة و3 آخرون من عائلة ثانية، ولا تزال أعداد الشهداء قابلة للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة، ووجود مفقودين تحت أنقاض الدمار الناجم عن القصف الجوي على المنطقة».
يشار إلى أن «هذه المجزرة الجديدة، تأتي بعد أقل من 24 ساعة على مجزرة راح ضحيتها 9 مدنيين، هم سيدة وطفلتها وطفلة أخرى، بالإضافة إلى طفلين شقيقين وسيدة ثانية مع 3 من أطفالها، ينحدرون من ريف حماة الشرقي، ممن قضوا جراء القصف من قبل طائرات حربية استهدفت مخيماً بمحيط بلدة حاس، في الريف الجنوبي الغربي لمدينة معرة النعمان، في القطاع الجنوبي من ريف إدلب»، بحسب «المرصد».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.