مصر {تتدخل بقوة} لمنع عباس من إعلان غزة {إقليماً متمرداً}

القاهرة تعهدت باستكمال تسليم القطاع للحكومة

طلاب فلسطينيون يلوحون من نوافذ حافلة تقلهم إلى مدرستهم في غزة (رويترز)
طلاب فلسطينيون يلوحون من نوافذ حافلة تقلهم إلى مدرستهم في غزة (رويترز)
TT

مصر {تتدخل بقوة} لمنع عباس من إعلان غزة {إقليماً متمرداً}

طلاب فلسطينيون يلوحون من نوافذ حافلة تقلهم إلى مدرستهم في غزة (رويترز)
طلاب فلسطينيون يلوحون من نوافذ حافلة تقلهم إلى مدرستهم في غزة (رويترز)

قال مسؤول فلسطيني، إن الرئيس محمود عباس ينوي إعلان قطاع غزة «إقليماً متمرداً»، إذا لم تسلم حركة حماس قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بشكل كامل، لكنه أشار إلى أن مصر تعمل بجد من أجل منع إعلان هذا القرار.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه «إعلان القطاع إقليماً متمرداً هو الإجراء القانوني الذي تحدث عنه الرئيس». وتابع: «إذا لم تسلم حماس قطاع غزة سيعلن الرئيس قطاع غزة إقليماً متمرداً وحكومته منقلبة وغير شرعية». وتابع: «هذا سيعني وقف أي تعاملات مع هذا الإقليم مهما كان شكلها أو مصدرها». وبحسب المصدر «هذا الاقتراح قديم ونوقش مرات عدة، ولم تتخذه القيادة الفلسطينية على أمل إقامة الوحدة وإنقاذ القطاع، لكن بعد محاولة الاغتيال الأخيرة كل شيء تغير». وأردف «الرئيس أعطى الآن فرصة للوسطاء. على حماس التقاط الفرصة والعودة إلى حضن الشرعية قبل فوات الأوان».
وكان عباس أعلن نيته اتخاذه «إجراءات وطنية وقانونية ومالية» ضد قطاع غزة، متهماً حركة حماس بمحاولة اغتيال الحمد الله وفرج، في القطاع الأسبوع الماضي. وهاجم عباس حماس بشكل غير مسبوق قائلاً، إنهم أهل الاغتيالات والقتل، وإنه لا يريد منهم أي تحقيق أو معلومات أو أي شيء. وتعهد عباس بالضرب بيد من حديد على أكبرهم وأصغرهم. واتهم عباس حماس بالعمل على فصل قطاع غزة وتنفيذ المخطط التآمري بإقامة دولة غزة، بتأييدات ضمنية وعلنية كثيرة بأن أميركا تريد فصل القطاع عن الضفة الغربية حتى لا يكون هناك دولة فلسطينية موحدة. وقال عباس «إما حكومة تتحمل المسؤوليات الكاملة على القطاع كما في الضفة، وإما سلطة الأمر الواقع، سلطة الانقلاب. هذا هو الرأي، إما أن نتحمل نحن كل شيء كما اتفقنا، أو فليتحملوا المسؤولية كاملة، هذا هو الموقف».
وأكد عباس، أنه لم يخطط يوماً لإيذاء أي مواطن فلسطيني، ويأمل أن يتفهمه أهل القطاع. وأرفق عباس إعلانه بإبداء الغضب من نتيجة المصالحة قائلاً: إنها صفر حتى الآن. واختلفت السلطة مع حماس على التمكين الأمني، وفي القضاء، وحول الجباية المالية ومصير الموظفين. وقال المسؤول إن على حماس تسليم كل شيء دفعة واحدة كما طلبت الحكومة الفلسطينية. وبحسب المصدر «يأمل الرئيس والجميع هنا أن لا يصلوا إلى ذلك القرار. لكن لا خيارات، إما تسليم القطاع أو إعلانه إقليماً متمرداً».
ورفضت حماس حتى الآن تسليم قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بسبب خلافات حول مفهوم التمكين. كما انتقدت بالأمس دعوة تسليم القطاع دفعة واحدة، في حين حذر مسؤولون في الحركة التي تسيطر على قطاع غزة من أن استمرار الوضع الحالي سيعني انفجاراً قادماً لا محالة في وجه إسرائيل. وقال الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع: «إن مطالبة حكومة الوفاق بتسليم قطاع غزة دفعة واحدة يؤكد سياسة الإقصاء». ورفضت حماس إبعادها عن الملفات المتعلقة بغزة باعتبار ذلك يتنافى مع ما تم الاتفاق عليه في اتفاق أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في القاهرة. وهاجم القانوع حركة فتح وقال: إنها «لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه، وتتهرب من استحقاقات المصالحة».
وأضاف: «ترتب على ذلك تبني حكومة الوفاق لسياستها، وعدم قيامها بواجباتها ومسؤولياتها، والمشاركة مع رئيس السلطة في خنق غزة». ولوحظ أن حماس لم تصعد لغتها ضد عباس بالشكل المعتاد، واكتفت رسمياً بالبيان الذي قالت فيه إنه يحرق الجسور. وعبّر مسؤولون في الحركة عن أملهم في أن تنجح دول عربية وجهات أخرى في «تدارك الأمر والتحرك». وحذر مسؤولون آخرون في الحركة بأن استمرار الضغط على غزة سيعني انفجاراً لا محالة بوجه إسرائيل. ودخلت على خط الأزمة الأخيرة وساطات مختلفة.
وقال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط»، إن المصريين على اتصال مكثف بالقيادة الفلسطينية وبحماس. وبحسب المصدر، فإن مصر تعهدت بتسليم القطاع للحكومة كما كان متفقاً ومأمولاً عندما تدخلت لإنجاز المصالحة قبل أشهر. وأكد عباس لكل محدثيه، أنه لن يقبل من الآن وصاعداً حلولاً وسطية. وأضاف: «إما تسلم حماس المسؤولية كاملة للسلطة في قطاع غزة، أو تتحمل هي ذلك كحكومة أمر واقع منقلبة».
وحصل عباس على دعم علني من حركة فتح حول أي إجراءات متخذة ضد غزة، وأصدرت الحركة بياناً قالت فيه إنها تقف خلف عباس في أي إجراءات سيتخذها. وقال منير الجاغوب، مسؤول المكتب الإعلامي لمفوضية التعبئة والتنظيم: «إن حركة فتح تؤكد وقوفها خلف القيادة الشرعية، وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن، ودعمها كل ما يتخذه من إجراءات ضد (سلطة الأمر الواقع الانقلابية في غزة) تهدف إلى إعادة اللحمة إلى شطرَي الوطن». وسألت «الشرق الأوسط»، مسؤولين فلسطينيين حول إذا ما كان الباب أُغلق مع إعلان عباس اتخاذه إجراءات ضد غزة، أم ثمة احتمالات انفراجة.
وقال عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في الحركة، لـ«الشرق الأوسط»: إن الجسور لم تحرق، وإن أمام حماس فرصة حقيقية لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة. وطالب الأحمد حماس بتسليم قطاع غزة للحكومة قائلاً: إنه لم يعد ممكناً استمرار الانقسام في هذا المرحلة التاريخية والمهمة من الصراع. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف: إن الباب مفتوح أمام حماس قبل اتخاذ أي إجراءات. وأضاف: «حماس جزء من النسيج الوطني الفلسطيني... ونحن أمام مرحلة صعبة معقدة وتحتاج إلى تكاتف الجهود». وتابع: «المطلوب الآن التوحد أمام الاستحقاقات الكبيرة المرتقبة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.