زيدان بعد عودته إلى ليبيا: أنا رئيس الوزراء الشرعي

قذاف الدم يدعو المجتمع الدولي لرعاية حوار وطني

سيارات ليبية تمر بجانب ملصقات انتخابية في طرابلس أمس (أ ف ب)
سيارات ليبية تمر بجانب ملصقات انتخابية في طرابلس أمس (أ ف ب)
TT

زيدان بعد عودته إلى ليبيا: أنا رئيس الوزراء الشرعي

سيارات ليبية تمر بجانب ملصقات انتخابية في طرابلس أمس (أ ف ب)
سيارات ليبية تمر بجانب ملصقات انتخابية في طرابلس أمس (أ ف ب)

بالتزامن مع تزايد أنشطة المهجرين الليبيين في تونس ومصر، والبالغ عددهم مئات الألوف، للفت نظر العالم لقضيتهم، وعودة رئيس الحكومة الليبية المقال، علي زيدان، إلى البلاد بشكل مفاجئ، دعا أحمد قذاف الدم، المبعوث الشخصي السابق للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، المجتمع الدولي أمس، لرعاية حوار يضم جميع القبائل والفعاليات الليبية، كما ناشد من سماهم بـ«كافة أفراد الشعب المسلح» للالتحاق الفوري بمعسكراتهم. ووجه نداء إلى كل من «رجال الشرطة» ورجال «العدل الشرفاء»، أن يعودوا إلى أعمالهم لـ«إنقاذ الوطن وحماية أرواح المواطنين».
ويعد زيدان سياسيا مستقلا، لكنه يحظى بدعم الليبراليين، وتعد زيارته لليبيا الأولى له منذ إقالته في مارس (آذار) الماضي عقب مواجهات مع التيارات الإسلامية في المؤتمر الوطني العام (البرلمان). وغادر زيدان البلاد رغم منعه من السفر بقرار من النائب العام لاتهامه بالتورط في قضية اختلاس أموال عامة، لكنه قال بعد عودته إن قرار النائب العام له دوافع سياسية، مشيرا إلى أنه لا يزال ينتظر قرار القضاء بشأن إقالته التي عدها «غير قانونية». ويتهم الرجل الإسلاميين بالسعي للاستحواذ على السلطة.
ويوجد توافق بين الكثير من الأطياف الليبية، من قبائل وتيارات شعبية وسياسية، على ضرورة التخلص من مظاهر التسلح ونظام الكتائب والميليشيات، وإيجاد جيش وطني موحد، وشرطة قادرة على حفظ الأمن في البلاد، بمن في ذلك زيدان، وفقا لما أعلنه فور وصوله لمدينة «البيضا» في شرق البلاد يوم أول من أمس، لكن هذه الأطياف غير قادرة، على ما يبدو، على تجاوز خلافاتها الكبيرة بشأن مواقفها المؤيدة والمعارضة لكل من النظام السابق ومن تولوا عملية الإطاحة به.
وبينما يوجد زخم شعبي حول «عملية الكرامة» التي يقودها اللواء المنشق خليفة حفتر، ضد كتائب وميليشيات الإسلاميين المتشددين، إلا أنه يوجد أيضا انقسام بين كتل قبلية وجهوية وسياسية معتبرة، حول حفتر نفسه. وقال زيدان، الذي ينتمي إلى مدينة «ودان» الصحراوية الواقعة جنوب شرقي سرت، إنه يؤيد «عملية الكرامة» وأضاف أنها «يجب أن تحظى بدعم الشعب الليبي»، وعد الهدف من العملية «اقتلاع الإرهاب والعنف وبناء جيش وطني».
يشار إلى أن عبد الله الثني، الذي يتولى حاليا رئاسة الوزراء بالوكالة، حل محل زيدان، بعد أن كان وزيرا للدفاع في حكومته. وعين المؤتمر الوطني رئيس وزراء آخر الشهر الماضي، هو أحمد معيتيق المحسوب على الإسلاميين، إلا أن القضاء أبطل قرار تعيينه. يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه المواجهات بين قوات حفتر والإسلاميين في عدة مناطق خاصة في مدينة «بنغازي» في ضواحي الهواري والقوارشة وسيدي فرج، إضافة لمناطق الوديان والغابات الواقعة جنوب مدينة «درنة»، بينما تعد مدينة «البيضا» الأكثر أمنا بسبب طبيعتها القبلية والجغرافية.
من ناحية أخرى، وفيما يتعلق ببيان قذاف الدم، قال أحد المقربين منه في القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن المقصود بتعبير «كافة أفراد الشعب المسلح»، هم «جميع أطياف الجيش من القوات البرية والبحرية والصاعقة وغيرها»، كما أضاف أنه يقصد به أيضا «جميع خريجي الكليات العسكرية والحربية في ليبيا». ويأتي هذا في وقت يتزايد فيه حراك «المهجرين الليبيين» في عدة دول خاصة دول الجوار الليبي، وذلك من أجل لفت نظر العالم لقضيتهم وللضغط لإيجاد نظام سياسي مستقر في البلاد التي تعمها الفوضى منذ الإطاحة بنظام القذافي ومقتله في خريف 2011.
ومن المقرر أن ينعقد مؤتمر بالقاهرة للمهجرين الليبيين، يوم الأحد المقبل وفقا لما أعلنه ما يعرف بـ«مجلس القبائل الليبية» بمصر. وسبق أن أقام مهجرون ليبيون في تونس مؤتمرا الأسبوع الماضي، شاركت فيه عدة شخصيات ليبية ووجهاء ممن يخشون على حياتهم في ظل النظام الجديد في طرابلس الغرب.
ويقيم قذاف الدم في القاهرة منذ نحو ثلاث سنوات، ولم يعلن تأييده صراحة للعملية العسكرية التي يقودها اللواء المنشق خليفة حفتر ضد الإسلاميين المتشددين في البلاد. وقال قذاف الدم في بيان أصدره أمس: «نعلن بأننا ندعو لحراك جديد يتجاوز الماضي، ويطيح بالحاضر البائس، ويضع مستقبلا مزدهرا لكل الليبيين دون إقصاء أو تهميش أو مزايدة».
وظهر قذاف الدم في أيام الثورة المسلحة ضد القذافي، والتي شارك فيها حلف الناتو بالقصف الجوي، كرجل ينأى بنفسه عن سياسات العقيد الراحل حين كانت مقاليد البلاد تفلت من يد القذافي في طرابلس الغرب. وخرج قذاف الدم من ليبيا أثناء المواجهات الكبرى بين قوات «الثوار» وقوات القذافي. وثارت أقاويل وقتها عن أنه كان في مهمة لدعم النظام السابق، إلا أنه نفى ذلك عدة مرات.
وكشفت مصادر قريبة من قذاف الدم عن أن له اتصالات مع عدة أطراف في الداخل الليبي، وأخرى مع شخصيات ليبية اضطرت للعيش في الخارج بسبب تردي الأوضاع الأمنية في البلاد. وأضافت أن قذاف الدم واجه على مدى الشهور الماضية مشكلة التوفيق بين بعض ممن يرفعون شعارات «ثورة فبراير عام 2011»، ومن ما زالوا يرفعون شعارات «ثورة القذافي عام 1969». وتابعت قائلة إن قذاف الدم طلب أخيرا من الطرفين أن ينحيا الشعارات والخلافات جانبا، من أجل إنقاذ الدولة الليبية.
وأعلن قذاف الدم في بيانه أمس، والذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن دعوته التي أطلقها لليبيين من أجل «حراك جديد يتجاوز الماضي»، جاءت بعد «التواصل المستمر، ولأشهر كثيرة مع أحرار ليبيا»، و«بعد أن أصبح الصمت يلحق العار التاريخي بالجميع». وقال: إن وضع «مستقبل زاهر لكل الليبيين»، لن يتحقق إلا بوحدة كل أبناء الشعب بغض النظر عن الرايات والشعارات والطرح السياسي. كما دعا إلى عودة كافة المهجرين، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين. وقال: «بعد هذا الدمار والجرائم والنهب والسجون.. وغياب الدولة، لا ندري من سيحاكم من».
وأضاف قائلا في بيانه: «إننا نقبل عند قيام الدولة الجديدة، بأن يحاكم كل من أجرم في حق الوطن من الطرفين أمام محكمة عادلة». كما أعلن رفضه لـ«كل التدخلات الأجنبية في شؤون ليبيا من كافة الدول والأطراف»، إلا أنه دعا المجتمع الدولي لرعاية حوار بين القبائل، وقال: «ندعو المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته، وأن يرعى على الفور حوارا يضم كافة القبائل، والفعاليات الليبية دون استثناء، لوضع النقاط على الحروف لتنفيذ ما جاء في هذا البيان.. عندما يجري التوافق عليه».
ودعا قذاف الدم «كافة أبناء شعبنا الذي روعته هذه المأساة والفرقة، وبات يحلم بالأمن والأمل، بعد هذه الآلام، أن يتبنى هذا النداء.. والتعبير عن ذلك بخروج جماهيري في كافة المدن والقرى يدا بيد، ليسمع العالم صوتنا، ونقف معا شركاء في الوطن وحراس له وحماة لوحدته وأمنه».
وتنظر بعض الأطراف الليبية التي ترفض أي حوار مع محسوبين على النظام السابق، بعين الريبة إلى أنشطة مجالس القبائل الليبية التي تأسست أخيرا في عدد من دول الجوار الليبي، وتتخوف من أن تكون هذه المجالس أوعية لتجمع أنصار نظام القذافي، لكن قيادات في مجالس القبائل أعلنت أن الهدف من تحركاتها «إنساني يهدف إلى لفت أنظار العالم للمأساة التي يتعرض لها مئات الألوف من الليبيين الذين اضطروا لترك منازلهم ومدنهم والعيش في المنفى».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.