مباحثات بين الرباط ومدريد حول الهجرة

الجانبان يؤكدان أهمية الشراكة والتعاون

TT

مباحثات بين الرباط ومدريد حول الهجرة

انطلقت أمس بالعاصمة المغربية الرباط أشغال الدورة الثانية من اللقاء المغربي - الإسباني حول الهجرة، وسط تأكيد ممثلي البلدين على أهمية الشراكة التي تجمعهما، ودورها في مواجهة الظاهرة التي تؤرق بال الكثير من دول المنطقة.
وقال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، إن بلاده تشكل مع إسبانيا «تحالفا نموذجيا واستراتيجيا لمواجهة ظاهرة الهجرة في منطقة حساسة»، واعتبر علاقات البلدين مثالا للتعاون بين الشمال والجنوب.
وأضاف بنعتيق في كلمة ألقاء في افتتاح الدورة، التي تنظم تحت شعار «العيش المشترك»، أن الرباط ومدريد «لم تفشلا تجاه التزاماتهما المتبادلة»، مؤكدا أن التعاون مبني على «الاحترام والاعتراف المتبادل بين السيادتين». وشدد المسؤول الحكومي على أن اللقاء المغربي - الإسباني، يروم أساسا تعزيز التعاون والتشارك بين البلدين في مجال مكافحة الهجرة، وضمان العيش المشترك بين الضفتين، مطالبا بضرورة التفكير في التعاون المشترك من أجل مواجهة تحدي الفقر والتنمية في بلدان القارة الأفريقية لمعالجة ظاهرة الهجرة من المنبع. وأشار بنعتيق إلى أن المغرب له جالية مهمة في إسبانيا، تقدر بنحو 800 ألف، مبرزا أن البلدين مطالبان بخلق «مستقبل أفضل لهم وضمان إدماجهم بشكل سلس في المجتمع الإسباني، وتربيتهم على قيم العيش المشترك، والقبول بالآخر انطلاقا من المؤسسات التعليمية والأسر».
من جهتها، قالت ماريا ديل كورال تيليز، كاتبة الدولة (وزيرة دولة) الإسبانية المكلفة الهجرة، إن بلادها عازمة على مساعدة المغرب في إرساء سياسة هجرة ناجحة، خاصة في مجال احترام حقوق الإنسان، معلنة أن إسبانيا «تعترف بجدية سياسة الهجرة التي تتبعها المملكة المغربية».
وأكدت ديل كورال أن التعاون في مجال الهجرة بين المغرب وإسبانيا، يعمل على «محاربة الاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية»، ولفتت إلى أن التعاون بين البلدين يجري في «احترام للمواثيق الدولية»، وذلك في رد غير مباشر على الاتهامات التي توجه للبلدين بخصوص انتهاك حقوق الإنسان في تعاطيهما مع المهاجرين.
بدوره، اعتبر ريكاردو دياز رودريغيز، السفير الإسباني في الرباط، أن اللقاء الثنائي بين الغرب وإسبانيا «فرصة لطرح كل القضايا المتصلة بالهجرة ومناسبة مهمة لتقاسم الخبرات في هذا المجال».
وأضاف السفير الإسباني موضحا أن «المغرب حليف دائم لإسبانيا وسنستمر بالعمل معه»، مؤكدا أن التعاون بين البلدين سيضمن مستقبلا أفضل للمملكتين وشعبيهما، وطالب في الآن ذاته بـ«تطويره من أجل ربح الرهان في المستقبل»، كما نوه بالدور الرائد الذي يقوم به المغرب في الاتحاد الأفريقي، وتبنيه لسياسية خاصة بالهجرة. وجرى توقيع اتفاقية بين البلدين بهدف تنمية التبادل الثقافي بين البلدين، حيث سيلتزم الجاران بتطبيق برنامج متفق عليه، يشمل عدة مظاهرات اجتماعية وثقافية، تندرج ضمن الاتفاقية الإطار الموقعة سنة 2010 التي تهم التبادل الثقافي والحضاري بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
على صعيد ذي صلة، كشفت دراسة حديثة أن عدد المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا بلغ سنة 2016 نحو 759 ألفا و999 شخصا، بنسبة بلغت 15.15 في المائة من مجموع الأجانب في إسبانيا، والبالغ عددهم 5 ملايين و17 ألفا و406 مهاجرين.
وأكدت الدراسة، التي أعدتها الكتابة العامة للهجرة بإسبانيا والوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أن 40 ألفا و79 مهاجرا مغربيا بإسبانيا يستفيدون من نظام حرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، فيما 719 ألفا و920 مهاجرا مغربيا يستفيدون من النظام العادي الذي يشمل الأجانب، الذين لا يوفرون على جنسية أحد بلدان الاتحاد الأوروبي.
وتوضح الأرقام التي أعلنتها الدراسة بناء على إحصاءات المرصد الدائم الهجرة بإسبانيا، أن غالبية المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا شباب تتراوح أعمارهم ما بين (16 و64 سنة)، بنسبة بلغت 74.14 في المائة، فيما تمثل الفئة الأقل من 15 سنة 24.77 في المائة، تليها نسبة المتقاعدين الذين يتجاوز عمرهم 65 سنة بـ2.09 في المائة. كما سجلت الدراسة أن عدد المهاجرين المغاربة الحاصلين على الجنسية الإسبانية عرف تزايدا مضطردا ما بين 2010 و2015، حيث انتقل العدد من 10 آلاف و703 في سنة 2010 إلى 19 ألفا و904 أشخاص في 2015، فيما بلغ مجموع المغاربة الحاصلين على الجنسية الإسبانية خلال هذه الفترة 127 ألفا و474 مغربيا.
يذكر أن افتتاح اللقاء المغربي - الإسباني حول الهجرة عرف حضور عدد من الشخصيات السياسية والمسؤولين الحكوميين، وفي مقدمتهم أندريه أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، والوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي مونية بوستة، ورئيس مجلس المستشارين السابق محمد الشيخ بيد الله.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.