هنا المكسيك... الجميلة والمحبوبة

تنوع ثقافي يتلخص في منطقتي سان ميخيل دي أليندي ودولوريس هيدالغو

كنيسة سانت ميغيل في ساحة رافائيل
كنيسة سانت ميغيل في ساحة رافائيل
TT

هنا المكسيك... الجميلة والمحبوبة

كنيسة سانت ميغيل في ساحة رافائيل
كنيسة سانت ميغيل في ساحة رافائيل

هناك أغنية شهيرة للمطرب جوجري نيغريت بعنوان «مكسيكو ليندو يي كويريدو»، أو «المكسيك جميلة ومحبوبة». انطلقت الأغنية في المكسيك وانتشرت بمختلف أرجاء أميركا اللاتينية.
تقول كلمات الأغنية التي تصاحبها إيقاعات من الغيتار كثيراً ما تُدمع مآقي أبناء المكسيك لدى سماعها: «أغني للبراكين والسهول والزهور التي تشبه تمائم حبي». وتعتبر عبارة «المكسيك جميلة ومحبوبة» من أكثر العبارات التي تتردد أصداؤها باستمرار في أذهان من سعدوا بالاستماع لهذه الأغنية الرائعة. وسرعان ما أصبحت الأغنية بمثابة دعوة لزيارة هذه البلاد المعروفة بثرائها الثقافي وتنوعها الجغرافي. للتعرف على هويتها عن قرب لا نحتاج سوى السفر إلى منطقتي سان ميخيل دي أليندي ودولوريس هيدالغو التاريخيتين. فهما تلخصان سحرها لما تتميزان به من طبيعة خلابة وألوان زاهية. تقع المنطقتان بولاية غواناخواتو في قلب البلاد، على بعد نحو 3 ساعات ونصف الساعة بالسيارة عن العاصمة مكسيكو سيتي.
تقول أرسيلي رويز، وهي مكسيكية تعيش في أوروبا منذ سنوات وتتولى مسؤولية الترويج لبلادها بالخارج، إن غواناخواتو، التي تضم أكثر من 40 مدينة صغيرة، تُقدم للسائحين تجربة ثرية بـ«الثقافة والتعليم والترفيه وفن الطبخ والتاريخ المشوق للبلاد». وتضيف أن مدينة دولوريس هيدالغو كانت مهد صيحة الاستقلال عن إسبانيا عام 1810.
- سان ميخيل دي أليندي
قد تكون مدينة صغيرة، لكن إعلان منظمة «اليونيسكو» عام 2008 لها جزءاً من التراث الإنساني يؤكد جمالها وثراءها المعماري، الذي يشكل عنصراً محورياً في تاريخ البلاد. فكثير من شوارعها وبيوتها القديمة تحمل بين جنباتها قصصاً ملهمة عن النضال والسعي لنيل الاستقلال.
طبقاً للسجلات التاريخية، أنشئت سان ميخيل عام 1555 على واحد من أوائل الطرق التي بناها الإسبان بمختلف أرجاء أميركا اللاتينية. وتحتل مكانة خاصة في قلوب سكانها كونها شهدت على واحدة من أوائل التبادلات الثقافية بين الإسبان والهنود الحمر.
اليوم، تفور شوارعها الصغيرة بالحياة والحركة. ويتألف هذا الجزء من المدينة من ميدان وما لا يقل عن 10 شوارع تتفرع في اتجاهات مختلفة تتيح التجول فيها مشياً على الأقدام، والاستمتاع بمشاهدة المقاهي والمتاجر عن قرب. أكثر ما سيشدك هنا أن أغلب المباني تصطبغ بالألوان ذاتها، وهي البيج والأحمر الداكن والأصفر، إضافة إلى أبواب خشبية ضخمة. وليس من الصعب تخيل الصورة التي كان عليها في الماضي ومشهد مرور العربات التي تجرها الخيول، والتي كانت وسيلة المواصلات الأساسية وقت بناء الإسبان للمدينة.
داخل المدينة، لا يجب أن تفوت السائح زيارة قصر البلدية السابق. ليس لأنه من المباني التي شيدت بعد الاستقلال مباشرة فقط، بل لأنه يشتهر بروعته المعمارية، خصوصاً واجهته. زيارة كنيسة سان ميخيل التي يعود تاريخ تشييدها إلى القرن 17 أيضاً من الأماكن التي لا بد منها. وهو ما تؤكده أرسيلي بقولها: «تعتبر سان ميخيل دي أليندي جوهرة معمارية، تحتضن مناطق تتيح لزائرها استكشاف وجوه مختلفة للمكسيك».
تعتبر المنطقة حالياً واحدة من أثرى مناطق البلاد من حيث التعددية الثقافية والفنية، إذ تقيم بها جنسيات من شتى أرجاء العالم، وهو ما يمنحها تنوعها الفريد ونكهاتها المختلفة. فهناك مثلاً الفنون المحلية والوطنية والأجنبية، كما يستضيف متنزهها «خواريز بارك» مرة كل شهر رسامين ونحاتين لعرض أعمالهم مجاناً، فيما تتاح المعروضات للبيع بأسعار في متناول الجميع. كما توجد سوق لبيع المصنوعات اليدوية المحلية، خصوصاً المصنوعة من الزجاج.
- دولوريس هيدالغو
على بعد قرابة 40 دقيقة من سان ميخيل تقع دولوريس هيدالغو، المدينة التاريخية الأبرز على مستوى البلاد. فمنها صدر إعلان استقلال المكسيك، وعليه، فإن جميع المناطق التي سيزورها السائح داخل المدينة على صلة بالاستقلال، من متحف الاستقلال إلى منزل ميخيل هيدالغو الذي أعلن الاستقلال.
لكن لا يجب أن نجهل وجهها الآخر الذي يضج بمبانٍ زاهية الألوان وكثير من المساحات الخضراء والأشجار ومختلف صور الحياة، إضافة إلى الشوارع المغطاة بالأحجار، الأمر الذي يثري الطابع التاريخي بها.
ومن بين المزايا الأخرى أن الأسعار داخل سان ميخيل ودولوريس في المتناول، وتوجد فنادق متنوعة تتوافق مع مختلف الميزانيات. كما ترتبط المكسيك بالعالم عبر رحلات جوية دولية كثيرة، معظمها عبر الولايات المتحدة وأوروبا.
- فنادق متنوعة حسب الميزانيات
> في سان ميخيل تنوع هائل في الفنادق أشهرها «روزوود سان ميخيل دي أليندي»، الذي يعتبر المكان الأمثل للإقامة للسائح الباحث عن الرفاهية والمتعة والراحة. يقع في القلب التاريخي للمدينة، ويعتبر واحداً من الأماكن المعترف بها من جانب مختلف المؤسسات السياحية.
> «كاسا دي سيرا نيفادا»، فندق آخر لا يقل أهمية ويقع أيضاً في قلب المدينة التاريخي. كان في الأصل قصراً قديماً، لكن جهود صيانته نجحت في الحفاظ عليه في صورة رائعة حتى اليوم.
> «كاسا 1810 هوتيل بوتيك» يضم 14 غرفة فقط تمتاز بزخارفها المكسيكية التقليدية. ويعتبر هذا الفندق واحداً من الخيارات القائمة أمام الباحثين عن مكان فريد من نوعه.
- مطاعم محلية بنكهات عالمية
يتيح كل من «كاسا دي سيرا نيفادا» و«روزوود سان ميخيل دي أليندي» تجارب رائعة لا تنسى على الضيوف، بجانب مستوى الجودة الفاخر ونشاطات متنوعة، منها دروس في فن الطهي على الطريقة المكسيكية كي تتيح للزائر الانغماس في عالم لذيذ من المكونات والنكهات المحلية.
وأياً ما كانت المنطقة التي توجد بها داخل المكسيك، فإنك لن تكون أبداً بعيداً عن مكان يقدم أطباقاً شهية، الأمر الذي ينسحب بالتأكيد على سان ميخيل دي أليندي. بدءاً من المطاعم الصغيرة المعروفة باسم «فوندا» حتى المطاعم صاحبة الأسماء اللامعة. إذا كنت داخل سان ميخيل، يمكنك تناول الطعام داخل المطعم الرئيسي بفندق «روزوود»، الكائن في شرفة واسعة تمثل سقف الفندق ويطل على المدينة، وتمزج قائمة الطعام الخاصة بالمطعم بين أطباق محلية وعالمية بمذاق مميز.
- «تيو لوكاس» مطعم جدير بالزيارة لما يتميز به من موسيقى مكسيكية حية وكثير من الأطباق البحرية وأطباق اللحوم، يجري تقديمها جميعاً في بهو بمنتصف منزل قديم.
- «أبيري ريستورانت»، هو المطعم الرئيسي داخل فندق «دوس كاساس». وتجري إدارة المطبخ من جانب الشيف المكسيكي الإيطالي الشهير ماتيو سالاس، الذي يقدم لرواده تجربة لا تنسى من الأطباق الحديثة تستحث الحواس الخمس.
- من الأطباق التي تشتهر بها المنطقة ولا بد من تذوقها، طبق تورتيلا القمح، المحشو بالجبن الطازج ومزيج من البطاطا المطبوخة وقطع صغيرة من الجزر في صوص الطماطم.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.