الحكومة اللبنانية أبلغت مفوضية اللاجئين خشيتها من فتور المنح لإعانة السوريين

وزير الشؤون الاجتماعية لـ «الشرق الأوسط»: نعيل ونطعم ونطبب شعبا آخر

عائلة سورية لاجئة تنتظر في بيروت زيارة مسؤول من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليوم العالمي للاجئين أمس (رويترز)
عائلة سورية لاجئة تنتظر في بيروت زيارة مسؤول من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليوم العالمي للاجئين أمس (رويترز)
TT

الحكومة اللبنانية أبلغت مفوضية اللاجئين خشيتها من فتور المنح لإعانة السوريين

عائلة سورية لاجئة تنتظر في بيروت زيارة مسؤول من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليوم العالمي للاجئين أمس (رويترز)
عائلة سورية لاجئة تنتظر في بيروت زيارة مسؤول من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليوم العالمي للاجئين أمس (رويترز)

يحل يوم اللاجئ العالمي، الذي يحتفل به العالم اليوم ثقيلا على الدول المجاورة لسوريا، وبشكل خاص في لبنان، الذي بات يئن تحت عبء النزوح السوري، مع تقديرات تشير إلى تواجد أكثر من مليون ونصف المليون سوري في لبنان، يتوزعون بين نازحين وعمال موجودين قبل بدء الأزمة، إضافة إلى ميسورين ورجال أعمال مقيمين على نفقتهم الخاصة.
وليس اختيار المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش البلد الذي يستضيف العدد الأكبر من النازحين السوريين، للتوجه إليه وإحياء يوم اللاجئ العالمي وإطلاق تقرير شامل عن حركات النزوح في العالم، بتفصيل عابر. ولا يأتي هذا الاختيار عن عبث، بل عن اقتناع بضرورة لفت أنظار العالم والدول المانحة إلى لبنان، الذي أظهر «سخاء» في استضافة النازحين السوريين، بما يتجاوز إمكانياته وقدرته على التحمل، في ظل أزمة سياسية واقتصادية وأمنية خانقة.
هذا الاقتناع عبر عنه غوتيريش بنفسه أمس من بيروت، إثر مشاركته في اجتماع ترأسه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام للجنة الوزارية اللبنانية المكلفة متابعة أوضاع النازحين السوريين، بقوله: «اخترنا لبنان لإحياء هذه المناسبة (يوم اللاجئ) لإظهار امتناننا وتقديرنا لهذا الأمر، تجاه ما تقوم به الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني الذين يستضيفون أكثر من مليون نازح سوري، وهذا الرقم يوازي ربع عدد سكان لبنان والذين يؤمنون الحماية لهم بسخاء لافت». وأوضح أن «الهدف من هذا الإحياء في لبنان هو لفت نظر المجتمع الدولي لأنه يجب أن يواكب السخاء اللبناني بتضامن ملموس من قبل المجموعة الدولية، ليس فقط من أجل الدعم الإنساني لأنه حتى الساعة، مع الأسف، غير كاف من حيث التمويل ولكن أيضا في مواجهة الاحتياجات». وذكر أن «المجتمع الدولي التزم بدعم الحكومة اللبنانية في خريطة الطريق، من أجل الاستقرار ولكي تكون البرامج التعليمية والصحية والبنية التحتية التي تواجه ضغطا هائلا، نتيجة النمو الديموغرافي الناتج عن النزوح السوري الكثيف، حتى يتمكن لبنان من الحصول على الدعم الدولي اللازم ليس فقط من أجل تلبية احتياجات النازحين السوريين، بل الشعب اللبناني الذي يعاني من ضغط كبير».
ووفق إحصائيات مفوضية شؤون اللاجئين، يستضيف لبنان أكثر من مليون ومائة ألف نازح سوري، 52 في المائة منهم من الإناث، لكن تقديرات غير رسمية ترجح أن عدد السوريين المقيمين حاليا بلبنان أكبر بكثير، مع وجود نحو نصف مليون عامل سوري على الأقل كانوا يقيمون بلبنان قبل بدء أزمة سوريا.
وأدى ازدياد عدد النازحين وانتشارهم العشوائي في المناطق اللبنانية إلى ضغط كبير على البنى التحتية والخدمات والنظامين الصحي والتربوي، عدا عن تداعياته على الأمن والاقتصاد اللبناني الذي لم يسلم أساسا من تداعيات أزمة سوريا منذ اندلاعها منتصف شهر مارس (آذار) 2011. وساهم تخلف الدول والجهات المانحة عن الإيفاء بتعهداتها المالية في مضاعفة الضغط على الحكومة اللبنانية ووزاراتها المعنية. وفي هذا السياق، قال غوتيريش أمس إن «التضامن الدولي تجاه لبنان يجب أن يكون أقوى بكثير مما هو عليه حتى الآن وهذا هو الهدف الأساسي لوجودنا في لبنان»، مؤكدا «أننا نعي تماما التأثير الخطير الهائل جراء نزوح السوريين، وخصوصا في الاقتصاد والمجتمع من دون ذكر التأثير المقلق جدا من الأزمة السورية بالنسبة إلى الوضع الأمني في لبنان».
وفي هذا السياق، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الشرق الأوسط» أمس أن اللجنة الوزارية، التي تضم إلى الرئيس سلام كلا من وزراء الخارجية جبران باسيل، الداخلية نهاد المشنوق والشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أبلغت المفوض السامي لشؤون اللاجئين: «خشية الحكومة اللبنانية من فتور حركة المنح». ولفت إلى أن الجهات المانحة لم تقدم إلا القليل من الدعم المادي. ففي حين لبتّ ما يعادل 53 في المائة من نداء التمويل الذي أطلقته الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية العام الماضي، لم تقدم خلال العام الحالي إلا 23 في المائة من المساعدات. ووفق إحصاءات مفوضية شؤون اللاجئين، على موقعها على الإنترنت، استجابت الدول والهيئات المانحة حتى منتصف الشهر الحالي بما قيمته 390 مليون دولار أميركي من أصل نداء التمويل البالغ 1.7 مليار دولار.
وقال درباس إنه «في حال تخلفت الدول المانحة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية أو إذا توقفت مع طول أمد الأزمة، سيكون علينا أن نعيل شعبا آخر ونطعمه ونكسوه ونطببه ونعلمه، إلى جانب الشعب اللبناني»، متسائلا: «هل نقوى على ذلك؟». ولفت إلى أن غوتيريش «متحمس مثلنا وأكثر وهو متعاطف كثيرا مع لبنان»، موضحا «أننا قدمنا عرضا مسهبا عن وضع لبنان وإمكانياته ليكون ذلك بمثابة جرس إنذار للعالم». وكان غوتيريش، وهو رئيس وزراء سابق للبرتغال، أشار بعد مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية أمس إلى أن «الحكومة اللبنانية عبرت عن قلقها تجاه هذا الوضع، وإضافة إلى إجراءاتها من خلال خطة عمل تحاول عبرها خفض عدد النازحين، كانت لنا فرصة للتباحث حول أوجه هذه الخطة، وسنواصل العمل معا. وقال: «من الطبيعي أن دورنا هو حماية النازحين، ولكننا نعي المأساة ليس للشعب السوري بل أيضا الشعب اللبناني، هذا الوضع الخطير الذي يجعل لبنان تحت ضغط».
من ناحيته، أفاد وزير الشؤون الاجتماعية، وفق بيان وزعته الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، بأن «رئيس الحكومة اللبنانية قدم للوفد شرحا وافيا عن الأوضاع التي يعيشها السوريون في لبنان والمعاناة التي يعانيها الشعب اللبناني، والثقل الذي تنوء به الدولة اللبنانية جراء وجود مليون ونصف شقيق سوري يعادلون ثلث الشعب اللبناني».
وأشار إلى أنه «جرى طرح عدة نقاط من قبل رئيس مجلس الوزراء والوزراء تمحورت حول ضرورة الحد من النزوح السوري»، كاشفا أنه «تم إبلاغ المفوضية أن الحكومة اللبنانية لن تقبل بعد الآن نازحين إلا إذا كان النزوح بسبب المعارك في مناطق كبيرة من الحدود اللبنانية، كما أبلغت المفوضية أن من يغادر الأراضي اللبنانية إلى سوريا يكون قد أسقط عن نفسه صفة اللاجئ المعرف عنها بالمادة الأولى من اتفاقية جنيف للعام 1951».
واستهل غوتيريش زيارته إلى لبنان أمس بتفقد أحد تجمعات النازحين السوريين. وقال: إن «هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لوجود حالة من التعاطف والتضامن من المجتمع الدولي مع اللاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم»، مكررا الإشارة إلى أن «ما يقوم به المجتمع الدولي قليل للغاية بالمقارنة مع معاناة الناس الذين التقينا بهم واحتياجاتهم».
ولفت إلى أن «20 في المائة فقط من الأطفال السوريين في لبنان ملتحقون بالتعليم الرسمي في المدارس الرسمية التي تمنح شهادات تساعدهم على المضي قدما في حياتهم. لذلك فإن ما نقوم به ضئيل جدا. نحتاج لدعم أكثر بكثير لبلد مثل لبنان أو الأردن، وهي دول تواجه تحديا هائلا».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).