إدارة ترمب لم تلغِ «خيار الضربة»... وإجراءات واستنفار في دمشق

عناصر من الجيش الروسي ينتشرون في مواقع حساسة للنظام السوري

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية للأسد يتحدث لعناصره في الغوطة بعد نزوح المدنيين منها (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية للأسد يتحدث لعناصره في الغوطة بعد نزوح المدنيين منها (أ.ف.ب)
TT

إدارة ترمب لم تلغِ «خيار الضربة»... وإجراءات واستنفار في دمشق

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية للأسد يتحدث لعناصره في الغوطة بعد نزوح المدنيين منها (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية للأسد يتحدث لعناصره في الغوطة بعد نزوح المدنيين منها (أ.ف.ب)

لا يزال النقاش دائراً في واشنطن إزاء توجيه ضربات صاروخية لمواقع قوات الحكومة السورية، رغم أن اجتماعاً سابقاً ترأسه الرئيس دونالد ترمب لم يقر ضربات كهذه، في وقت تكثفت إجراءات عسكرية وأممية في دمشق، بينها نشر عناصر من الجيش الروسي في مواقع «حساسة» تحسباً لضربة أميركية.
كان الرئيس ترمب طلب آراء المؤسسات الأميركية إزاء احتمال توجيه ضربات مشابهة لتلك التي حصلت على قاعدة الشعيرات في أبريل (نيسان) الماضي. وكان لافتاً، أن وزير الدفاع جيمس ماتيس، تحفظ على توجيه هذه الضربات ما دام أن الهدف ليس «تغيير النظام». كما قال آخرون إنه «ليست هناك مصالح استراتيجية» لأميركا في غوطة دمشق، وإن هدفها فقط البقاء في منطقة شرق نهر الفرات والدفاع عن حلفائها هناك؛ الأمر الذي عبرت عنه بوضوح لدى قتل الجيش الأميركي 195 من «المرتزقة» الروس هاجموا موقعاً أميركياً شرق دير الزور.
وتحدث مسؤولون أميركيون أيضاً عن «عدم وجود أدلة» على استخدام دمشق السارين منذ هجوم أبريل الماضي، و«بالتالي، فإن توجيه ضربات رداً على استخدام الكلور يؤدي إلى خفض مستوى الخط الأحمر، ويلزم واشنطن بالرد في مناسبات عدة، إضافة إلى أنه لن يؤدي إلى تغيير استراتيجي في التوازن العسكري، وقد تستخدم دمشق ذلك مبررا لشن مزيد من العمليات ضد المعارضة».
وبحسب المعطيات، استمر النقاش داخل الإدارة ولم يزل «خيار الضربات» من طاولة ترمب، إلى أن دخل عنصر جديد إلى النقاش مفاده بإمكانية أن «بعض الهجمات سجلت وجود خليط من الكلور والسارين»؛ الأمر الذي رد عليه متشككون بضرورة «توفير دليل قاطع على هذا الخليط».
وكانت إدارة ترمب رسمت «خطاً أحمر» هو غاز السارين. وكرر مسؤولون بريطانيون وفرنسيون الموقف ذاته، وسط حديث بعضهم بأن دمشق «لم تستخدم السارين منذ هجوم خان شيخون». لكن الجانب الفرنسي بدأ في الأيام الأخيرة بتليين موقفه من ضرورة «توفير دليل» قبل توجيه ضربات إلى إمكانية توجيه ضربة في حال «سقط قتلى مدنيون» وصولاً إلى حديث مسؤول عسكري فرنسي قبل يومين عن إمكانية توجيه «ضربات أحادية» ضد مواقع حكومية سورية.
في المقابل، صعّدت موسكو موقفها لـ«ردع النيات الغربية» عبر التلويح بالرد على أي هجوم يستهدف قوات الحكومة السورية، خصوصاً إذا استهدفت عناصر من الجيش الروسي. كما أنها شنت حملة دبلوماسية حول «تجهيز» واشنطن لـ«فبركة هجوم كيماوي لتبرير الهجوم الصاروخي على دمشق». كما أن خطاب «الاستعراض العسكري» للرئيس فلاديمير بوتين استهدف ردع تلك النيات، خصوصاً إذا حصلت ضربات قبل الانتخابات الرئاسية الروسية التي حصلت أمس. وكررت دمشق وموسكو نفي استخدام الكيماوي واتهام المعارضة بذلك، ثم حذرت من احتمال قصف مواقع للحكومة بـ«صواريخ مجنحة» من البحر المتوسط.
لكن تحضير الأرضية للضربة والضغط بقي مستمراً. في نيويورك، قالت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، المقربة من ترمب قبل أيام، إنه إذا لم يتحرك مجلس الأمن، فإن أميركا قد تتحرك منفردة؛ ما ذكّر بخطابها قبل توجيه ضربات أميركية على قاعدة الشعيرات. كما أن مجموعة القطع البحرية الأميركية وصلت إلى البحر المتوسط للمشاركة في مناورات مع الجيش الإسرائيلي، في وقت رست قطع عسكرية روسية قبالة قاعدتَي طرطوس واللاذقية. ودخل عنصر جديد في الأيام المقبلة، لدى اتهام لندن موسكو بالوقوف وراء الهجوم الكيماوي ضد جاسوس روسي، ثم اتهام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الرئيس بوتين شخصياً؛ الأمر الذي ردت عليه موسكو بقوة وتحذير.
وإزاء ذلك، اختلطت أجواء الموالين للحكومة في دمشق بين تأييد سيطرة قواتها على غوطة دمشق بعد اتباع سياسة «الأرض المحروقة» وشن غارات مكثفة قتل فيها مئات المدنيين في الغوطة المحاصرة، وبين القلق من احتمال حصول ضربة. وتداول دبلوماسيون غربيون يزورون العاصمة السورية، أمس، معلومات مفادها أن الرئيس بشار الأسد، الذي زار أمس الغوطة، ترأس السبت اجتماعاً للمجلس الوطني الذي يقوده اللواء علي مملوك بحضور قادة عسكريين وأمنيين، وتقرر اتباع سلسلة من الإجراءات الاحترازية تحسباً لضربة أميركا. وشملت الإجراءات توجيه رسالة إلى كل من موسكو وطهران لـ«توفير الحماية»، علماً بأن هاتين الدولتين توفران الدعم العسكري والاستخباراتي والاقتصادي للنظام، إضافة إلى التوافق على نشر عناصر وقوات من الجيش الروسي في مفاصل رئيسية للحكومة، سواء السلطة التنفيذية أو الجيش وإخلاء مواقع أخرى، واستنفار في بعض المؤسسات. ولم يتم تأكيد هذه المعطيات من مصادر مستقلة، لكن أفيد باتخاذ الأمم المتحدة في دمشق إجراءات لجهة انتشار موظفيها؛ الأمر الذي انسحب أيضاً على دبلوماسيين غربيين.
وإزاء ذلك، قال مسؤول غربي أمس: «مع الإدارة الأميركية كل شيء ممكن واتخاذ قرار مفاجئ أمر ممكن»، لافتاً إلى أن «أزمة عميقة بين دول غربية وروسيا تذكّر بأزمة الصواريخ الكوبية في الستينات، في قمة الحرب الباردة» السوفياتية - الأميركية.



حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
TT

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن بدعم من القوات الروسية عدة حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» خلال العام الجاري، فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

وشهدت مناطق البادية وسط سوريا تصعيداً كبيراً في عمليات «داعش» ضد القوات الحكومية، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 211 عملية قام بها التنظيم منذ بداية العام الجاري قتل فيها نحو 592 شخصاً، منهم 56 من عناصر «داعش»، و478 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة، و58 مدنياً.

وقال المرصد في تقرير له، اليوم الاثنين، إن تنظيم «داعش» انتعش بشكل كبير داخل الأراضي السورية، منذ بداية العام الجاري، خصوصاً ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. وأكد المرصد فشل القوات الحكومية وسلاح الجو الروسي في القضاء على «التنظيم»، محذراً من ازدياد مخاطر عملياته العسكرية.

تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

وتركزت هجمات «داعش» في بادية حمص، حيث تم تسجيل 93 هجوماً، تلتها بادية دير الزور بواقع 70 هجوماً، و26 هجوماً في بادية الرقة، و19 في بادية حماة، وهجومين في بادية حلب.

ومع دحر تنظيم «داعش» من المناطق المأهولة بالسكان عام 2017، تغلغلت خلايا منه في البادية السورية في اتجاه دير الزور ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفي اتجاه غرب نهر الفرات في المناطق سيطرة الحكومة السورية.

وتشير تقارير إعلامية إلى بناء «داعش» مخابئ ومخازن سلاح ذخائر في مناطق نائية في البادية، إلا أن مركزها الأهم بادية السخنة، شرق تدمر وسط سوريا. وقبل نحو شهرين قامت الفرقة 25 مهام خاصة في القوات الحكومية السورية، بحملة تمشيط للبادية بريف حمص الشرقي، بمساندة الطيران الحربي الروسي، انطلقت من السخنة وأطراف جبل البشري غرباً وحتى سبخة الكوم وبئر أبو فياض شمالاً، وصولاً إلى جبل العمور وجبل البلعاس غرباً لملاحقة خلايا التنظيم وتأمين طرق البادية السورية الواصلة بين مناطق الحدود مع العراق ومحافظة حمص، حيث تقوم خلايا التنظيم بهجمات متكررة على صهاريج النفط الآتية من مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وعلى رغم الخسائر التي تكبدها التنظيم فإنه لا يزال يشن هجماته على امتداد «البادية دير الزور - حمص - حماة - الرقة - حلب»، لتأكيد وجوده، حيث تمثل البادية كجغرافيا ممتدة ومتصلة مع دول الجوار ساحة للتنقل وإعادة التمركز.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو تبناه التنظيم لعملية إعدام سائق صهريج على طريق الشدادي جنوب الحسكة، فيما تبنى التنظيم مساء أمس الأحد تفجيرات في العراق أودت بحياة ضباط من الجيش العراقي وعدد من قوات «البيشمركة».