إنجاز مشروع العفو العام اللبناني... واستثناءاته تواجه بالتصعيد

مصدر نيابي يتوقع ترحيله إلى ما بعد الانتخابات

TT

إنجاز مشروع العفو العام اللبناني... واستثناءاته تواجه بالتصعيد

أنجزت اللجنة الوزارية والقانونية المكلّفة دراسة مشروع قانون العفو العام مهمتها، وسلّمت رئيس الحكومة سعد الحريري مسودة المشروع، حيث اطلع عليه وأرسل نسخاً عنه إلى الكتل النيابية للاطلاع وإبداء الملاحظات ببنوده، قبل إقراره من قبل الحكومة وضعه في عهدة الهيئة العام لمجلس النواب للتصويت على المشروع وإصداره بقانون، ونشره قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل.
وفي ظل الحديث عن بنود المشروع، تكتم وزير العدل سليم جريصاتي عن تفاصيله، وكتب على حسابه الخاص على «تويتر» إن «ما يتداوله الإعلام بموضوع العفو العام يعني الإعلام ومصادره فقط، ولا يعني وزارة العدل التي لا تملك الإفصاح عن مضمون أي مشروع قانون عفو عام تضعه أو التوقيت».
وتواجه صيغة القانون العتيد برفض مطلق من أهالي الموقوفين الإسلاميين، الذين يستثنيهم العفو باعتبارهم ملاحقين بجرائم متصلة بالاعتداء على الجيش، والقيام بـ«أعمال إرهابية»، وهذا الرفض ينسحب أيضاً على آلاف الملاحقين بجرائم مخدرات وسرقة وخطف، ممن حرموا نعمة العفو المنتظر منذ سنوات طويلة.
ويعدّ مشروع العفو أفضل الممكن رغم استثناءاته الواسعة، حيث أكد مصدر مطلع على مضمون المشروع لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسودة القانون باتت جاهزة وتستوفي الشروط المطلوبة، وقد سلمته اللجنة المختصة إلى رئيس الحكومة الذي وزّع نسخاً عنها إلى الكتل النيابية لدراستها والتشاور بشأنها وإبداء الملاحظات في حال وجودها، والنظر بما إذا كانت بعض البنود تحتاج إلى تعديل». وأوضح أن العفو العتيد «يشمل كلّ الجنح والمخالفات، باستثناء الجنح المتعلّقة بالفساد والتعدي على أملاك الدولة والمال العام، وحماية المستهلك ومخالفات البناء».
وشدد المصدر على أن القانون «يتضمّن استثناءات سبق أن تحدث عنها رئيسا الجمهورية والحكومة (ميشال عون وسعد الحريري)، وأهمها الجرائم التي أسفرت عن قتل عسكريين في الجيش والمؤسسات الأمنية ومدنيين، وخطف عسكريين ومدنيين وعمليات التفجير الإرهابية»، مشيراً إلى أن القانون «يستثني أيضاً كلّ جنايات القتل سواء التي وقعت قديماً أو حديثاً، وجرائم المخدرات تصنيعاً واتجاراً وتهريباً، ما عدا الجنح المتعلّقة بالتعاطي أو تسهيل التعاطي، كما يستثني القانون عصابات خطف الأشخاص وسرقة السيارات، وجرائم السرقة الموصوفة».
وبما خصّ الشقّ المتعلّق بالموقوفين الإسلاميين وما إذا كانوا ضمن الاستثناءات، وكيفية مواجهة التحركات التصعيدية على الأرض، قال المصدر إن هؤلاء «يخضعون لضوابط تحدث عنها الرئيسان عون والحريري، مثل الذين تلطخت أيديهم بالدماء فهؤلاء لن يشملهم العفو، أما الأبرياء من هذه التهمة فهم حكماً مشمولون». وسأل المصدر «هل يقبل الموقوفون الإسلاميون وأهلهم بشمول مفجري مسجدي السلام والتقوى بهذا العفو؟ وإذا كانوا يرفضون ذلك، لماذا يريدون من أهالي العسكريين الشهداء أن يسامحوا بدماء أبنائهم؟».
وثمة فارق بين القانون وتطبيقه وتكييف كلّ قضية مع العفو، وقد أشار مصدر قضائي إلى أن «قانون العفو تقرّه السلطة التشريعية، لكن تطبيقه يبقى من اختصاص السلطة القضائية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «المحاكم هي التي تعطي الوصف القانوني لكلّ جريمة، وتحدد ما إذا كانت مشمولة بالعفو أم لا». وقال: «هناك عدد كبير من الملاحقين بتهم (الإرهاب) ممن قدموا مساعدات لوجيستية لمطلوبين أو عناصر إرهابية، ولم يشتركوا في القتل سيشملهم العفو.
والمتهمون بالقتل إذا ثبتت براءتهم من هذا الفعل وانحسرت تهمتهم بجرائم غير خطرة، سينضمون تلقائياً إلى قوائم المعفى عنهم، وهذا ما تحدده المحاكم بالاستناد إلى معطيات الملف».
وما إن تسرّب بعض من مضمون المشروع إلى أهالي الموقوفين الإسلاميين، حتى انفجر غضبهم، ووضعوا برنامجهم للتصعيد في الشارع. وأعلن المحامي محمد صبلوح وكيل الدفاع عن عدد كبير من الإسلاميين، أن «الاستثناءات غير مقبولة وهي جائرة».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتطلّع إلى عفو شامل من ضمن مصالحة وطنية لا تستثني أي جريمة ولا أي فئة»، معتبراً أن «الاستثناءات الواسعة لا تعطي القانون صفة العفو العام»، مؤكداً أن الأهالي «سيستمرون في تحركاتهم، كما أن الموقوفين الإسلاميين يتمسكون بالإضراب عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم، ولتتحمّل السلطة نتائج ما قد يتعرضون له نتيجة هذا الإضراب».
في هذا الوقت، توقّع مصدر نيابي أن «يرحّل قانون العفو إلى ما بعد الانتخابات»، ولم يستبعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون «القانون موضع اشتباك سياسي بين من يريده شاملاً ومن يريده محدوداً».
ورفض المصدر النيابي أن «يشمل العفو مرتكبي جرائم القتل على أنواعها، ومنفذي الأعمال الإرهابية ومفجري السيارات المفخخة، ومن روّع الآمنين في أعمال الخطف، وتاجر وروّج المخدرات التي تفتك بشبابنا». وقال: «إذا عفونا عن هؤلاء عندما نساوي بين جرائمهم وبين العفو عن الضرائب».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».