معارك بيجي مستمرة والقوات العراقية تتقدم في تلعفر

مصدر أمني: «داعش» يشكل القوة الرئيسة التي تقود الأمور

معارك بيجي مستمرة والقوات العراقية تتقدم في تلعفر
TT

معارك بيجي مستمرة والقوات العراقية تتقدم في تلعفر

معارك بيجي مستمرة والقوات العراقية تتقدم في تلعفر

تتواصل المعارك لليوم الثالث على التوالي اليوم (الخميس) بين القوات العراقية ومسلحين، في قضاء تلعفر الاستراتيجي شمال العراق، فيما يشهد مجمع مصفاة بيجي بمحافظة صلاح الدين اشتباكات متقطعة، في محاولة للمسلحين السيطرة عليه.
وقال عبد العال عباس قائمقام قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الواقع في محافظة نينوى بتصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "القوات العراقية تواصل عملياتها ضد المسلحين وتلقت تعزيزات جديدة لمواصلة القتال".
وأكد شهود عيان من أهالي القضاء للوكالة، أن معارك متواصلة تدور بين القوات العراقية والمسلحين الذين ينتمون الى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش)" وتنظيمات متطرفة أخرى.
في غضون ذلك، تخوض القوات العراقية الى جانب عناصر ينتمون الى ميليشيات موالية للسلطة، معارك مع خليط من تنظيمات متطرفة تقودها جماعة "داعش" وتلقى دعما من عناصر في حزب البعث المنحل بينهم ضباط سابقون.
وعلى مدى أسبوع من المعارك، تمكنت هذه التنظيمات من السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد، أبرزها الموصل (350 كلم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى، وتكريت (160 كلم شمال بغداد) عاصمة محافظة صلاح الدين. إلا ان القوات الحكومية نجحت في الأيام الثلاثة الأخيرة مدعومة بمسلحين من ميليشيات شيعية موالية لها، في استيعاب صدمة خسارة الموصل وتكريت، واستعادة المبادرة العسكرية عبر وقف الزحف نحو بغداد وتوجيه ضربات جوية وإرسال تعزيزات الى مناطق القتال.
وذكر مصدر أمني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن تنظيم "داعش"، الذي تأسس في العراق "يشكل القوة الرئيسة المسيطرة التي تقود الأمور، ولا يسمح لأي تنظيم آخر بأن يشاركه القيادة". وأضاف "الثقل العسكري هو لهذا التنظيم. هناك تعاون مع تنظيمات أخرى مثل (جيش النقشبندية) و(جيش محمد)، رغم ان دورهم محدود في هذا الهجوم، وهناك تقاطع في ما بينهم حيال مسألة الصراع على السلطة". وتابع "لا شك في انه مهما قيل عن طبيعة المجموعات الارهابية المقاتلة، فان هذه المجموعات تتلقى أيضا الدعم اللوجستي والدعاية والتحريض من قبل عناصر من حزب البعث المنحل، وتحديدا المعارضين للعملية السياسية".
ويرى المصدر ان "هناك تعارضا ايديولوجيا بين هؤلاء والتنظيمات المسلحة، إلا انهم يدعمون في هذه المرحلة (داعش)، من باب ان عدو عدوي صديقي، ويرون في هذه الفترة فرصة للانقضاض على النظام والحكومة، وربما العودة الى الحكم في مرحلة لاحقة".
وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال في مقابلة صحافية الاسبوع الماضي، ان تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" قام "بالتنسيق مع (تنظيم) الطريقة النقشبندية وبعض الفصائل الاسلامية المتشددة وقيادات بعثية من الجيش السابق".
وبعيد سيطرته على الموصل، أعلن تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"، اقوى المجموعات المسلحة المتطرفة التي تقاتل في العراق وسوريا، نينوى ولاية تابعة له، ورفع راياته السوداء على المراكز الحكومية في الموصل، حيث بدأ يفرض قوانينه على السكان.
وانبثقت "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)" عن "الدولة الاسلامية في العراق" الفرع العراقي لتنظيم القاعدة الذي يقوده ابو بكر البغدادي، علما ان التنظيم بتسميته الجديدة انفصل عن تنظيم القاعدة بعد وقوف الأخير الى جانب "جبهة النصرة" التي تقاتل "الدولة الاسلامية" في سوريا.
ويقدر خبراء بما بين خمسة آلاف وستة آلاف عدد مقاتلي هذا التنظيم في العراق وسبعة آلاف في سوريا، ومعظم هؤلاء يحملون الجنسية العراقية، لكن قادتهم يأتون في أغلب الاحيان من الخارج ويكونون قد قاتلوا من قبل في الشيشان وأفغانستان او سوريا.
في مقابل ذلك، تخوض القوات الحكومية التي يبلغ عديدها نحو مليون عنصر المعارك بمساندة من ميليشيات موالية للسلطة، ابرزها "عصائب أهل الحق" الشيعية، التي أعلنت في عدة مناسبات قتالها الى جانب قوات الجيش والشرطة.
ويستعد آلاف المتطوعين للانضمام الى تلك الميليشيات والمقاتلة الى جانب القوات الحكومية بعد دعوة المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني الى حمل السلاح ومقاتلة المسلحين المتطرفين. كما ان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، قائد "جيش المهدي" المليشيا التي جرى تجميدها في السابق بأمر منه، اعلن الاسبوع الماضي عن اقتراح بتشكيل "سرايا السلام"؛ وهي قوة مسلحة تهدف بشكل خاص حماية "المقدسات والمراقد الدينية".
ويقول مدير مركز الشرق الاوسط في كلية لندن للاقتصاد طوبي دودج، ان "هناك مجموعات غير متحالفة" تقاتل القوات العراقية، مشيرا الى ان هذه الجماعات "تريد فرض نظام اسلامي، وهو ما لا يريده المجتمع السني العراقي". ويضيف "لم ينجحوا في 2005، ولا في 2006، ولن ينجحوا في ذلك اليوم".



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم