العبادي يتعهد بتحقيق الأكثرية النيابية

TT

العبادي يتعهد بتحقيق الأكثرية النيابية

تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتحقيق «الأكثرية السياسية» خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 مايو (أيار) المقبل، في مقابل سعي خصمه في حزب «الدعوة» و«ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي إلى تحقيق «الغالبية السياسية».
وقال العبادي، في كلمة بمناسبة «يوم الشهيد العراقي» في مكتب رئيس «التحالف الوطني» عمار الحكيم، أمس، إنه «مع الوحدة والتوافقية السياسية التي ترعى مصالح العراق ومواطنيه، ولسنا مع التوافقية التي ترعى المصالح الشخصية».
ودعا إلى «توافقية سياسية من أجل مصلحة الشعب والعراق، وعلينا أن نتوافق في هذا الاتجاه الذي يحقق مصلحة البلد. نحن مع الأكثرية السياسية لدولة قوية تحقق طموح المواطنين، ولسنا مع الأكثرية السياسية التي تستأثر بالامتيازات. كما نريد بلداً قومياً متراصاً لتحقيق المرحلة الثانية بعد النصر».
ورأى العبادي أن «العراق اليوم بحق ضمن القيادات الأولى في محاربة الإرهاب على مستوى العالم... أبطال العراق وضعوا أيديهم بأيدي بعضهم بعضاً لمواجهة الإرهاب، من جيش وشرطة وبيشمركة والحشد، فتحقق النصر».
وتعهد بإعادة النازحين إلى مناطقهم «من دون تغيير ديموغرافي»، معتبراً أن «مهمتنا في إعادة النازحين التزام حكومي، لكننا لا نريد تغييراً ديموغرافياً». وشدد على «ضرورة إزالة جميع آثار الإرهاب في محافظاتنا»، ودعا إلى «المزيد من التعاون بين أبناء شعبنا والكتل السياسية»، وإلى «عقد ميثاق شرف بين جميع المتنافسين في الانتخابات».
وفي المقابل، أكد نوري المالكي أن «مشروع الأغلبية السياسية الذي يتبناه ائتلاف دولة القانون سيكون مشروعاً وطنياً تشترك فيه جميع أطياف الشعب»، وقال في بيان إن «علينا أن نحث الخطى للمشاركة في تصحيح مسار النظام السياسي، وإنقاذه من نظام المحاصصة الذي ساهم في عرقلة مسيرة البناء والخدمات»، ورأى أنه «لا استقرار ولا بناء ولا تنمية في ظل التحاصص والتوافق». ولفت رئيس «المركز العراقي للتنمية الإعلامية»، عدنان السراج، المقرب من رئيس الوزراء، إلى أن «مفهوم العبادي للأكثرية السياسية غير ما يطرحه الآخرون بشأن الأغلبية السياسية، فهو يرى أن الانتخابات المقبلة لن تفرز كتلة أكبر يمكن أن تتحقق فيها ظاهراً أغلبية سياسية، لكنها في الواقع أقرب إلى التكتل الطائفي».
وقال السراج لـ«الشرق الأوسط» إن «القائمة التي يتبناها العبادي تتكون بالفعل من كتل وأحزاب وشخصيات عابرة للطائفية، فضلاً عن أن المؤشرات كلها تقول إن الانتخابات المقبلة لن تفرز كتلاً كبيرة، بل ستفرز كتلاً صغيرة ليست فيها غلبة لطرف طائفي أو عرقي من دون آخر، وهو ما يعني أن هذه الكتل يمكن أن تتآلف سياسياً بعد الانتخابات لتشكيل الكتلة الأكبر التي يأتي منها رئيس الوزراء، وهو ما يعمل عليه العبادي لنتخطى التوافقية السلبية أو المحاصصة السياسية الطائفية والعرقية التي طبعت الحياة السياسية العراقية منذ 15 عاماً». ورأى أن «مفهوم الأغلبية السياسية مطروح منذ سنوات، ولم يحقق ما هو مطلوب للعراق، ولم تتوصل الأطراف التي تمثله إلى صيغة يمكن من خلالها حل المشكلات التي تعاني منها البلاد»، وأشار إلى أنه «لا بد من تعزيز روح الأكثرية حتى نتخطى إشكالات عدة وجدت حتى في الدستور الذي كثيراً ما تحدث عن مكونات، الأمر الذي أعاق النمو الديمقراطي السليم في البلاد».
واعتبرت النائب إقبال عبد الحسين، المرشحة ضمن «كتلة النصر» التي يتزعمها العبادي، أن «تشظي الكتل سيعقد مسألة تشكيل الحكومة المقبلة، إلا إذا توافرت إرادة قوية لدى الجميع لتشكيل كتلة حقيقية، من دون شعور أحد بالتهميش والإقصاء»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الحكومات التي تشكلت في العراق بعد عام 2003 لم تنجح في إدارة الدولة... والأمر في الانتخابات المقبلة يعتمد على الكتلة التي ستتشكل بعدها، وما إذا كانت بالفعل قادرة على تخطي ما هو طائفي أو عرقي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.