مصر تشارك في اجتماع لدول حوض النيل بمستوى «غير وزاري»
كشفت اللجنة الفنية الاستشارية لـ«مبادرة حوض النيل» عن تجميد مصر لنشاطاتها في مبادرة دول الحوض، عشية انعقاد مجلس وزراء دول حوض النيل (الإنترو) بالخرطوم. لكن مصادر مطلعة في القاهرة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تشارك في أحد الاجتماعات، لكن ليس على المستوى الوزاري. وأضافت أن المشاركة من خلال وفد من وزارتي الري والخارجية، خاصة أن مصر لم توقع على «اتفاقية عنتيبي».
وقال رئيس المبادرة وزير الري والموارد المائية السوداني سيف الدين حمد عبد الله في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إن مصر جمدت نشاطها في مبادرة حوض النيل، ولم تشارك في الاجتماعات التي عقدت أخيرا، واستمرت لمدة يومين بحث خلالها سبل التعاون بين دول حوض النيل الشرقي.
وأضاف: «هنالك فرص تكاملية لتعزيز التعاون بين دول الحوض، وهي أن تجد إحدى دول المبادرة الفرصة لتوليد الطاقة الكهربائية، وتتوفر في الأخرى أراض زراعية، وفي ثالثة فرص للصناعة، ما يستدعي التعاون والتكافل بين الدول».
ونقلت تقارير صحافية أن وزير الموارد المائية والري المصري حسام الدين مغازي ذكر أن بلاده ستشارك في الاجتماع السنوي لمجلس وزراء مياه دول حوض النيل المقام في إطار مبادرة حوض النيل بوفد يقوده رئيس قطاع مياه النيل بالوزارة أحمد بهاء الدين، لحرصها على التواجد بين «أشقائها» وزراء النيل، رغم تجميد عضويتها في جميع أنشطة المبادرة، بسبب الخلافات حول «اتفاقية عنتيبي».
لكن مصادر مطلعة في القاهرة أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أمس أن مصر تشارك في أحد الاجتماعات، لكن ليس على المستوى الوزاري. وأضافت أن المشاركة من خلال وفد من وزارتي الري والخارجية، خاصة أن مصر لم توقع على اتفاقية عنتيبي. كما أشارت أن هذا القرار «قديم وليس موقفا مستجدا».
من جهته، أوضح وزير الري والموارد المائية السوداني أن بلاده تعترف بحق دول أعالي الحوض في الانتفاع المنصف والمعقول بموارد النهر لصالح شعوبها، وأن التعاون بين دول حوض النيل أصبح أمرا حتميا وليس خيارا. وقال: إن اجتماع مجلس وزراء دول الحوض الذي ينعقد بالخرطوم اليوم ستسلم خلاله قيادة المبادرة من وزير الكهرباء والمياه والري بدولة جنوب السودان لوزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسى، رئيسا للمجلس الوزاري للمبادرة في الدورة الجديدة.
ودعا الوزير للتعاون بين دول الحوض بغرض الاستفادة من الإمكانيات الموجودة لدى الدول، سيما أن سكانها في تزايد مستمر وتشهد تغيرات مناخية تستدعي التعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
من جانبه، قال المدير التنفيذي للمبادرة تيير تفاضل إن الغرض من المبادرة بناء الثقة وتعزيز التعاون عبر بناء مؤسسات قوية فاعلة، وإن المبادرة بذلت جهودا حثيثة لتعزيز قدرات دول الحوض في إدارة الموارد المائية، ونفذت مشاريع استثمارية كبيرة تربط بينها خاصة في المجال الكهربائي، مشيرا إلى ربط شبكات السودان وإثيوبيا الكهربائية. ودعا مسؤول شبكة معلومات المبادرة إلى بناء قاعدة معلوماتية للمبادرة، باعتبارها أمرا حيويا لدول الحوض التي ترتبط كلها بمورد مائي واحد، لن يتوقف عن الجريان رضيت بذلك أم أبت، بما يحتم التعاون لإدارته.
وعلى صعيد ذي صلة، التقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على هامش مشاركته في أعمال دورة مجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، بوزير خارجية السودان علي كرتي.
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.