إردوغان يطالب واشنطن بسحب «الوحدات» الكردية من منبج

أنقرة مستمرة في عملية «غصن الزيتون» رغم الاعتراض الأوروبي

مقاتلون من المعارضة السورية شمال شرقي عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية شمال شرقي عفرين أمس (رويترز)
TT

إردوغان يطالب واشنطن بسحب «الوحدات» الكردية من منبج

مقاتلون من المعارضة السورية شمال شرقي عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية شمال شرقي عفرين أمس (رويترز)

واصلت قوات عملية «غصن الزيتون» العسكرية التقدم باتجاه مركز مدينة عفرين وطالب الجيش التركي قوات وحدات حماية الشعب الكردية المتمركزة فيها بالاستسلام، في وقت حض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة على سحب مقاتلي الوحدات الكردية من منبج إلى شرق نهر الفرات إذا كانت تريد التعاون مع بلاده.
وقال إردوغان في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أرضروم شمال شرقي البلاد إن أنقرة لا تزال منفتحة على كل عروض التعاون فيما يتعلق بمدينة منبج السورية، مضيفا أنه غير متأكد من النهج الذي سيسلكه وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو في هذا الشأن. وأشار إردوغان إلى سيطرة الجيشين التركي والسوري الحر على ثلاثة أرباع منطقة عفرين السورية في إطار عملية غصن الزيتون، قائلا إن تركيا تمكنت إلى حد كبير من حل مشكلة عفرين.
وأكد أن تركيا ستقوم بتوسيع نقاط المراقبة في إدلب وإحكامها من جهة، وستتوجه إلى منبج من جهة أخرى، قائلا: «إذا أرادت الولايات المتحدة العمل معنا ضد الإرهاب، فعليها البدء بإخراج (الإرهابيين) /في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية/ من منبج إلى شرقي الفرات». وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت قالت، مساء أول من أمس، إن واشنطن تواصل مباحثاتها مع أنقرة بخصوص منبج وإنهم يهدفون من وراء ذلك إلى التوصل لاتفاق بهذا الخصوص. وأضافت: «نجري مباحثات عدة مع تركيا بشأن منبج، فالأسبوع الماضي أجرينا اجتماعات استمرت يوماً ونصف اليوم مع مسؤولين أتراك، وما زلنا نعمل معاً من أجل التوصل إلى اتفاق».
وفي الوقت ذاته، جددت ناورت التأكيد على أن عملية عفرين تسببت في تشتيت الانتباه عن مكافحة تنظيم داعش الإرهابي. ورجح مسؤول أميركي عقد لقاء مع الجانب التركي على مستوى رفيع في 21 مارس (آذار) الجاري حول سوريا، بدلا عن اللقاء الذي كان مقررا في 19 من الشهر نفسه بين وزيري الخارجية. وقال المسؤول الأميركي لوكالة أنباء الأناضول إنه «من المخطط عقد لقاء بين مسؤولين أتراك وأميركيين في 21 مارس الجاري بمشاركة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو». وأضاف أن الولايات المتحدة ترغب في استمرار عمل اللجان الفنية المشكلة للمساهمة في تحسين العلاقات المتوترة بين البلدين، مؤكدا أن اللقاءات بين وفود الجانبين ستتواصل.
وكانت مصادر دبلوماسية تركية أعلنت أول من أمس تأجيل زيارة وزير الخارجية التركي المقررة للولايات المتحدة في 19 مارس الجاري لمناقشة خريطة الطريق حول منبج، إلى موعد آخر لم يحدد.
وتوصلت تركيا والولايات المتحدة خلال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي المقال ريكس تيلرسون، لأنقرة مؤخراً، إلى اتفاق بشأن تشكيل آلية عمل مشتركة لمناقشة الخلافات القائمة بين البلدين. وتتضمن هذه الآلية إنشاء 3 آليات عمل ثنائية إحداها تختص بالخلافات بين البلدين حول سوريا.
في سياق متصل، وجه إردوغان انتقادات لاذعة للبرلمان الأوروبي، على خلفية موافقته على مشروع قرار يدعو تركيا إلى وقف عملية «غصن الزيتون»، قائلا: «أيها البرلمان الأوروبي، متى كنت مخولا لتقديم التوجيهات لهذا الشعب؟ احتفظ بهذه التوجيهات لنفسك.. لن تكترث لأي قرارات يتخذها البرلمان بهذا الاتجاه»، مشددا على أن القرار الأخير «لا قيمة له بالنسبة إلى تركيا». وأضاف: «نحن من يحتضن 3.5 مليون سوري منذ 7 أعوام، ولو فتحنا أبوابنا وأرسلناهم لكنتم تبحثون عن جحور تختبئون داخلها، ثم توسلتم إلينا كي لا نفتح الأبواب، ونحن تحلينا بالإنسانية، ولكن أنتم لا تفقهونها».
في السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، إن البرلمان الأوروبي أظهر عبر موافقته على مشروع قرار يدعو تركيا لوقف عملية «غصن الزيتون»، تبنيه رؤية «منحازة وتفتقر للموضوعية». وأضافت أن البرلمان الأوروبي يمتلك سجلا من التساهل مع المنظمات الإرهابية، ولا يمكن قبول قراره بشأن عملية غصن الزيتون، وأن تركيا ستواصل بكل عزم كفاحها ضد جميع المنظمات الإرهابية. ووافقت الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي، أول من أمس، على مشروع قرار، يدعو تركيا لوقف عملية» غصن الزيتون» التي أطلقتها في يناير (كانون الثاني) الماضي، لتطهير منطقة عفرين السورية من الإرهابيين.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، في السياق ذاته، إن قرار البرلمان بهذا الخصوص يعتبر «في حكم الملغي» بالنسبة لتركيا، لافتا إلى أن عمليات الجيش التركي ستستمر في عفرين.
في غضون ذلك، قال الجيش التركي إنه ألقى منشورات على شمال منطقة عفرين، أمس، تطالب فيها مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية بالاستسلام و«الثقة في عدالة» تركيا وذلك بعد ليلة من القصف المكثف على أكبر مدن عفرين.
ولفت الجيش إلى أن المنشورات المكتوبة بالعربية والكردية تقول: «تسعى وتجاهد القوات المسلحة التركية من أجل تحقيق الأمن والسلام والطمأنينة والرفاهية في عفرين والمنطقة. ثقوا في اليد التي نمدها إليكم. ثقوا في عدالة تركيا وثقوا في القوات المسلحة التركية. تعالوا واستسلموا. ينتظركم مستقبل مملوء بالهدوء والسلام في عفرين».
في المقابل، قال المتحدث باسم وحدات حماية الشعب إن القوات التركية قصفت مدينة عفرين خلال الليلة قبل الماضية وقتلت ما لا يقل عن 18 شخصا. وإن مقاتلي الوحدات يخوضون معارك مع القوات التركية والمقاتلين المتحالفين معها الذين يحاولون اقتحام المدينة. وتحاول القوات التركية الانتهاء من محاصرة مدينة عفرين بشكل كامل منذ أيام ودخولها، وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن المدينة ستُطهر من المقاتلين «قريبا جدا». وتصعد القوات التركية منذ مطلع الأسبوع قصفها لمدينة عفرين التي باتت تطوقها مع 90 قرية تقع غربها، ما أدى إلى نزوح أكثر من ثلاثين ألف مدني منها بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان في اليومين الأخيرين.
وبحسب المرصد، نزح منذ منتصف الليلة قبل الماضية ما لا يقل عن 2500 شخص من عفرين.
ويربط مدينة عفرين منفذ وحيد بمناطق سيطرة قوات النظام يمر عبر بلدتي نبل والزهراء المواليتين لدمشق. لكنه بات منذ الاثنين تحت مرمى النيران التركية.
ويحتمي السكان في الأقبية في وقت تشهد المدينة اكتظاظاً سكانياً جراء حركة النزوح الكبيرة إليها. ويقدر المرصد عدد المقيمين فيها بنحو 350 ألفاً بالإضافة إلى عشرات الآلاف في القرى المجاورة لها، بحسب ما ذكرت الصحافة الفرنسية.
في السياق ذاته، قال رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار إن الجيش التركي يولي أهمية قصوى، لم تولها جيوش البلدان الأخرى في سوريا، لتجنب تعرض المدنيين الأبرياء والبيئة الطبيعية لأي أضرار حتى لو كان البديل هو التأخير في عملية «غصن الزيتون».
وأعرب، في بيان أمس، عن أمله في بلوغ القوات المسلحة التركية أهدافها المتعلقة بالعملية العسكرية في عفرين في أقرب وقت ممكن، بفضل الدعم الذي يقدمه الشعب التركي، وثقته بالقوات المسلحة.
وأكد أن عملية «غصن الزيتون» العسكرية لا تزال مستمرة في أداء واجباتها بنجاح كبير ووفقا للقانون الدولي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».