جهود أميركية لإضافة مكافحة الإرهاب إلى مهمات «يونيفيل»

غوتيريش: أسلحة «حزب الله» لا تزال مصدر قلق بالغ

عناصر من قوات {يونيفيل} في جنوب لبنان الأسبوع الماضي (موقع قوات حفظ السلام)
عناصر من قوات {يونيفيل} في جنوب لبنان الأسبوع الماضي (موقع قوات حفظ السلام)
TT

جهود أميركية لإضافة مكافحة الإرهاب إلى مهمات «يونيفيل»

عناصر من قوات {يونيفيل} في جنوب لبنان الأسبوع الماضي (موقع قوات حفظ السلام)
عناصر من قوات {يونيفيل} في جنوب لبنان الأسبوع الماضي (موقع قوات حفظ السلام)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر دولية في نيويورك، أن الولايات المتحدة بدأت مشاورات مع بقية أعضاء مجلس الأمن بهدف استطلاع إمكانات إضافة مكافحة الإرهاب إلى مهمات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) فيما يبدو أنه جهود من إدارة الرئيس دونالد ترمب لزيادة الضغوط على «حزب الله»، حتى على الأراضي اللبنانية.
وتزامنت هذه المعلومات مع إصدار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أحدث تقرير له في شأن تنفيذ القرار 1701 الذي تبناه مجلس الأمن خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. وأكد مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» هذه المعلومات الحصرية، موضحاً أن مشاورات في هذا الشأن حصلت بين الولايات المتحدة بقيادة المندوبة الأميركية نيكي هيلي من جهة والأمم المتحدة بقيادة غوتيريش ووكيل الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، الذي تنتهي ولايته مع نهاية الشهر الحالي، بالإضافة إلى دبلوماسيين آخرين من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ولا سيما فرنسا بصفتها «حاملة القلم» فيما يتعلق بملف لبنان في الأمم المتحدة. وقال: إن المشاورات أظهرت «صعوبات» أمام تحقيق المطلب الأميركي الذي استند في جداله إلى «مهمات حفظ سلام أخرى أنيطت بتفويضها عمليات لمكافحة الإرهاب، على غرار ما هي الحال بالنسبة إلى مهمة الأمم المتحدة لإحلال الاستقرار في مالي، مينوسما. وبالتالي، يمكن إضافة مهمة مكافحة الإرهاب إلى التفويض الممنوح للـ(يونيفيل)». وكشف عن أن الجانبين الفرنسي، والأوروبي عموماً، فضلاً عن روسيا «تعاملت بحذر مع هذه الاقتراحات»؛ لأنها «قد تؤدي إلى تقويض جهود إعادة بناء المؤسسات اللبنانية».
وأفاد الأمين العام في تقريره الدوري الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بأن «الأزمة في المنطقة لا تزال تشكل خطراً على استقرار لبنان»، مكرراً دعوة كل الأطراف اللبنانية إلى «اتخاذ خطوات ملموسة حيال سياسة النأي بالنفس» بما يتسق و«إعلان بعبدا» لعام 2012. ولاحظ أن رئيس الوزراء سعد الحريري أعلن في نهاية العام الماضي أن «النأي بالنفس عن الحروب الخارجية حرج لحماية لبنان»، مؤكداً أن «الزيارات غير المرخصة من أفراد ميليشيات أجنبية إلى جنوب لبنان تقوض سلطة الدولة وتتعارض مع روحية النأي بالنفس». وناشد الأطراف اللبنانية والمواطنين اللبنانيين من أجل «وقف تورطهم في الحرب السورية»، ملاحظاً انخفاض القصف وإطلاق النار والهجمات داخل المناطق الحدودية اللبنانية من سوريا، بيد أنه ندد بـ«حركة المقاتلين والعتاد الحربي عبر الحدود اللبنانية - السورية في انتهاك للقرار 1701». وشدد على أن «الافتقار إلى حدود لبنانية - سورية مرسّمة ومعلّمة لا يبرر الانتهاكات للسيادة اللبنانية من أي طرف»، مطالباً كل المعنيين بـ«وقف الانتهاكات للحدود» وبـ«احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه».
وقال غوتيريش في تقريره الذي يتألف من 20 صفحة ويعده له فيلتمان: إن الجيش اللبناني «لا يزال يبرهن دوره الحرج في بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، مدافعاً عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها ويعمل باعتباره حامي أمن البلاد». وأضاف: إن «وجود أسلحة غير مرخصة في أيدي (حزب الله) لا يزال مصدر قلق بالغ ويستحق التنديد»، موضحاً أن «تلك الأسلحة، مع الخطاب التهديدي من كلا الجانبين، يزيد أخطار سوء الحساب والتصعيد في اتجاه حرب». ودعا الأطراف إلى «ضبط النفس في كل الأوقات»، مطالباً الحكومة اللبنانية، عملاً بالقرار 1701 بـ«اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان التنفيذ التام للأحكام ذات الصلة في اتفاقات الطائف والقرارين 1559 و1680، التي تطلب نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، تبعاً لقرار مجلس الوزراء اللبناني في 27 يوليو (تموز) 2006، بألا تكون هناك أسلحة أو سلطة في لبنان غير تلك التابعة للدولة اللبنانية».
ورحب ببيان رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يعترف بأهمية الحوار نحو استراتيجية دفاع وطني بغية «تعزيز الاستقرار وتعزيز الوحدة في لبنان»، داعياً السلطات اللبنانية إلى «معاودة الحوار الوطني بهدف صوغ استراتيجية دفاعية وطنية من شأنها أن تعالج وجود مسلحين ومجموعات مسلحة خارج سيطرة الدولة»، مشدداً على أن «الجيش اللبناني هو المدافع الشرعي الوحيد عن أمن لبنان وسيادته وسلامة أراضيه». وحض على تنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، وبخاصة تلك المتعلقة بنزع سلاح الجماعات غير اللبنانية وتفكيك القواعد العسكرية لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة» على الحدود اللبنانية - السورية.
وإذ حذر من عواقب عدم تطبيق القرار 1701، أفاد بأن القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) «لا تزال تفي بتفويضها». ونبّه إلى أن «الهدوء النسبي على طول الخط الأزرق (...) لا ينبغي أن يعتبر أمراً مسلماً به»، داعياً الطرفين اللبناني والإسرائيلي إلى «الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية تزيد عدم الثقة، وتؤدي إلى سوء تقدير». وقال إنه «يشعر بالقلق من استخدام الخطابات النارية، ولا سيما في سياق النزاع بين لبنان وإسرائيل على المناطق الاقتصادية الخالصة»، مطالباً بـ«الامتناع عن الأعمال الأحادية التي تنطوي على خطر التصعيد، وهذا يمكن أن يؤثر على استقرار لبنان والمنطقة». وشجع الطرفين على «اعتماد نهج يقلل من المخاطر الأمنية، ويستفيد من بناء الثقة حيال إمكان الاستغلال المتبادل لموارد النفط والغاز البحرية». وعبّر أيضاً عن «القلق من استمرار تحليق الطيران الإسرائيلي فوق الأراضي اللبنانية»، فضلاً عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لشمال بلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمال الخط الأزرق»؛ لأن هذه «انتهاكات واضحة للقرار 1701».
ورحب بالتقدم الذي أحرزته الحكومة في استعداداتها لعقد المؤتمر الرفيع المستوى في 15 مارس (آذار)، أمس، في روما، برعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان، مشدداً على أن «التزام لبنان بالقرارين 1701 و2373، واستمرار المساءلة واستقلال قوى الأمن تبقى من العناصر الرئيسية في إعادة تأكيد الدعم الدولي للمؤسسات الأمنية التابعة للدولة».
وكذلك رحب بالخطوات الاستباقية التي اتخذتها «اليونيفيل» لتفعيل القرار 2373 بما يعزز وتيرة الوضوح والفاعلية في عملياتها. ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن هذا التقرير في مطلع الأسبوع المقبل.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.