رئيس الحكومة التونسية يحذر من تبعات عدم الاستقرار

حذر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، أمس، من أن إطالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وتعثر الإصلاحات الكبرى سيعطل إنعاش الاقتصاد.
وقال الشاهد، في كلمة له خلال مؤتمر كونفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية (مجمع رجال الأعمال التونسيين)، الذي خصص لتقييم وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة، إن تونس تواجه وضعا اقتصاديا دقيقا، بسبب ضغوط اجتماعية، ومناخ مالي واقتصادي لم يعرف الاستقرار منذ عدة أعوام، مشددا على أن «عدم الاستقرار هو أكبر عدو للاقتصاد، وكلما تواصل زاد من صعوبة إعادة ثقة المستثمرين والمؤسسات العالمية في الاقتصاد التونسي».
وجاء تصريح الشاهد في ظل مفاوضات جديدة تجريها أحزاب الائتلاف الحكومي ومنظمات وطنية، يتقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل، بدءا من أول من أمس لتعديل «وثيقة قرطاج»، التي تتضمن أولويات الحكومة الحالية منذ تسلمها لمهامها قبل عامين. ويريد الموقعون على الوثيقة، وبشكل خاص اتحاد الشغل، مراجعة أولويات المرحلة في ظل الصعوبات الاقتصادية المتفاقمة، ومن ثم مناقشة إمكانية تغيير عدد من الوزراء أو الحكومة برمتها لتنفيذ الأولويات الجديدة.
وقد جاء هذا التحرك مع هبوط غير مسبوق لاحتياطي النقد الأجنبي، وارتفاع نسبة التضخم إلى 1.‏7 في المائة، لا سيما تصنيف الاتحاد الأوروبي لتونس في القائمة السوداء لمخاطر تمويل الإرهاب، وغسل الأموال، والقائمة السوداء للملاذات الضريبية قبل أن تلحقها بالرمادية.
وأوضح الشاهد، أمس، أنه من غير المتوقع تحسن أرقام وتصنيفات تونس في ظل عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. وقال إن «الحكومة طرحت ثلاثة إصلاحات كبرى تخص كتلة الأجور والصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية، وطالما لم يتم تفعيل هذه الإصلاحات فإن المخاطر بشأن المالية العمومية ستبقى قائمة»، مضيفا أن الحكومة عازمة على المضي قدما في هذه الإصلاحات، بالإضافة إلى إصلاح نظام الدعم. كما أشار الشاهد ضمنيا إلى أن تعطيل الإصلاحات سيؤدي إلى إبقاء المخاطر على التوازنات المالية للدولة.
وفي حال الإطاحة بحكومة الشاهد، فإن الأحزاب الرئيسية في الحكم ستكون ملزمة رفقة اتحاد الشغل على تعيين حكومة جديدة هي التاسعة منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011.
في غضون ذلك، نافش أمس الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد مدى تقدّم الحكومة في إنجاز الأولويات المدرجة ضمن وثيقة قرطاج، التي حددت خمس أولويات في عمل حكومة الوحدة الوطنية، أهمها تغيير منوال التنمية، والقضاء على الفقر والتهميش، ومقاومة الإرهاب.
وخلال اللقاء جدد الشاهد عزم الحكومة على العمل لضمان تعافي المالية العمومية، باعتباره «الرهان الأكبر اليوم للاقتصاد»، وتمسك بتفعيل الإصلاحات الكبرى المتعلّقة بالصناديق الاجتماعية، وكتلة الأجور والمؤسسات العمومية قبل نهاية السنة الجارية، في ظل خلافات حادة مع نقابة العمال حول التخلص من المؤسسات العمومية التي سجلت خسائر مالية قياسية خلال السنوات الماضية، وعدم المساس بمكاسب العمال، وضرورة مراجعة الأجور للحفاظ على المقدرة الشرائية للفئات الفقيرة.
وفي السياق ذاته، دعا الشاهد إلى النأي بعمل الحكومة عما اعتبره «مزايدات وضغوطات» من أطراف سياسية واجتماعية لم يسمها، وقال إن الحكومة في حاجة إلى بعض الوقت لتدارك الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي.
وخلال إشرافه أمس على ندوة كونفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية، أكد الشاهد عزم حكومة الوحدة الوطنية على تفعيل الإصلاحات، التي أقرتها للحفاظ على التوازنات المالية، بما في ذلك إصلاح منظومتي الدعم والصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية، والتخفيض من كتلة الأجور.
وينتظر أن تخضع حكومة الشاهد لامتحان عسير خلال الجلسة العامة البرلمانية المحددة ليوم 23 مارس (آذار) الحالي، التي ستخصص للحوار مع رئيس الحكومة حول الوضعين الاقتصادي والاجتماعي المتعثر. ويرى متابعون للشأن السياسي المحلي أن هذه الجلسة ستمثل محطة أساسية في تاريخ حكومة الوحدة الوطنية، باعتبارها مناسبة لتقييم حظوظ بقائها من عدمها بعد سلسلة الانتقادات التي وجهت لها واتهامها بالعجز، وعدم القدرة على تغيير أحوال التونسيين.
من جهة ثانية، أعلن أمس عن وفاة الوزير السابق محمد الصياح عن عمر يناهز 85 سنة، الذي يعتبر من الذي لعبوا دورا مهما في الحياة السياسية لأكثر من ربع قرن في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، حيث تولى عدة مهام وزارية، وأدار الحزب الاشتراكي الدستوري (حزب الرئيس بورقيبة) لسنوات طويلة.
وعلى صعيد غير متصل، أصدر قاضي التحقيق العسكري أمرا باستدعاء ناجم الغرسلي، وزير الداخلية السابق المتهم بالتآمر على أمن الدولة، وتقديم خدمات لجيش أجنبي، وهي التهمة نفسها التي وجهت إلى شفيق الجراية، رجل الأعمال المسجون منذ مايو (أيار) الماضي.
وكان مجلس القضاء العدلي قد قرّر رفع الحصانة عن الغرسلي بطلب من القضاء العسكري، وذلك في إطار القضية المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة الخارجي، والخيانة والارتباط بجهات ليبية إرهابية، كانت تخطط لشن عمليات إرهابية في تونس، وهي تشمل رجل الأعمال شفيق الجراية وعددا آخر من القيادات الأمنية.