أوهام فخامة الاستاد الجديد تطارد وستهام ومالكيه

يعتبر مصير الحديقة التذكارية الصغيرة المطلة على «غرين ستريت»، التي وقف إلى جوارها ذات يوم المدخل الرئيسي لملعب بولين غراوند - (يعرف أيضا بملعب أبتون بارك نظرا لموقعه في منطقة أبتون بارك شرق مدينة لندن، وهو ملعب كرة قدم كان يعود لنادي وستهام قبل أن يرحل عنه) - مجرد واحد من المشكلات التي تواجه وستهام. تعج الحديقة بالأزهار الذابلة واللوحات التي تخلد أسماء مشجعين رحلوا منذ زمن طويل عن عالمنا - والتساؤل الذي يفرض نفسه على مسؤولي النادي اليوم: هل ينبغي نقل الحديقة التذكارية من موقعها الحالي، حيث لن تعلو ثانية قط صيحات الجماهير الهادرة، وإعادة دمجها داخل المقر الجديد للنادي الذي يلقى مشاعر بغض ونفور على نطاق واسع؟
ثمة مسألة أخرى تتعلق بالتمثال المحبوب القائم على بعد 50 ياردة، تحديداً عند مفترق الطرق مع «باركينغ رود». ويجسد التمثال لاعب الفريق الأسطورة بوبي مور، الذي يعتبر تجسيداً للصورة الذاتية للنادي، في لحظة انتصاره الأكبر ويحمل عالياً كأس العالم، بينما يحمله على كتفيه زميله في النادي جيوف هيرست ولاعب إيفرتون، راي ويلسون، في الوقت الذي يتطلع نحوهم لاعب آخر من وستهام، مارتن بيترز. في الجهة المقابلة من الشارع، توجد ملصقات على نوافذ حانة بولين تدعو عشاق النادي للانضمام إلى التماس مطروح عبر شبكة الإنترنت يحث عمدة نيوهام على وقف إجراءات النقل المقترح للتمثال إلى الاستاد الجديد الأوليمبي سابقاً في ستراتفورد، على بعد أربعة أميال فعلياً، لكنه من الناحية العاطفية يبدو وكأنها في قارة أخرى.
وقالت سيدة تعمل داخل الحانة: «أحمل مشاعر خاصة تجاه هذا التمثال. كما أن بوبي مور وزملاءه لم يلعبوا قط في ستراتفورد، أليس كذلك؟» اليوم، رحل نادي كرة القدم، ولم يخلف وراءه سوى أصداء من أصوات الجماهير في أيام المباريات عندما كانت تتحرك على امتداد شارع غرين ستريت باتجاه النادي الذي كان ذات يوم مصدر الحياة في هذه المنطقة من شرق لندن. أما نادي وستهام، فقد أغلق أبوابه هو الآخر ويقف في انتظار ما يسفر عنه اجتماع يعقد داخل الحانة في وقت لاحق من هذا الشهر.
ويعتبر «بولين» ومطعم «ناثانز باي آند ماش» و«نيوهام ورك شوب»، الذي يحتفل بالذكرى الـ40 لافتتاحه هذا الربيع، من بين الناجين القلائل داخل ضاحية طرأت تغييرات كبرى على تركيبها الديموغرافي وطابعها الثقافي بدلتها بصورة شبه كاملة عما كانت عليه من قبل، وذلك على امتداد العقود التي مرت منذ عودة مور وهيرست وبيترز حاملين كأس العالم. من ناحية أخرى، وعلى أحد جدران المركز التابع للنادي القديم لمشجعي وستهام، كتب شخص ما «عاش بولين» بحروف كبيرة بالأزرق. ومع هذا، تظل الحقيقة أن ملعب بولين مات منذ أمد بعيد، وتأكد هذا الأمر بمجرد إبرام صفقة البيع لعدد من المعنيين بالتنمية العقارية مقابل نحو 40 مليون جنيه إسترليني.
أما إرث وستهام يونايتد الحقيقي في هذا الجزء من شرق لندن فيكمن في موقع البناء الذي تظهر به مجمعات سكنية يوجد أمامها مكتب لممثلين عقاريين يحرصون على الترويج في صفوف المشترين المحتملين لـ842 وحدة سكنية. ورغم جاذبية الصور التي يحملها الكتيب الفاخر الذي يوزعونه على العملاء، فإن هذه الوحدات تبقى بعيدة عن القصور التي تظهر في مناطق أخرى أكثر ثراءً من لندن. ومن الصعب تخيل إقدام أشخاص شديدي الثراء على تفضيل السكن مع أسرهم في هذه الضاحية المتواضعة من العاصمة.
في الواقع، يبدو مشروع التنمية العقارية الجديد بمثابة مقايضة غير عادلة لملعب كرة قدم كان يتميز بشخصية مميزة ويعود تاريخ إنشائه إلى 112 عاماً أضفى خلالها على رواده لحظات من البهجة وأخرى من خيبة الأمل. وبالنظر إلى كامل قدرة استيعابه البالغة 35 ألف مشجع، بدا استاد أبتون بارك دوماً في حجم مناسب لنادي بحجم ومستوى تطلعات وستهام: ذلك أنه كان كبيراً بما يكفي لاستيعاب الحضور الجماهيري خلال المباريات التي يخوضها النادي في الدوري الممتاز، لكنه ليس بالضخامة التي قد تشكل حرجاً للنادي عندما يسقط إلى أدوار أدنى ويتراجع حجم هذا الحضور.
ومع هذا، عادة ما يكون من السهل إغراء الجماهير بأحلام المجد - القول الذي ينسحب على عشاق وستهام الذين أنصتوا باهتمام إلى وعود مالكي النادي، ديفيد غولد وديفيد سوليفان، اللذين بنيا ثروتهما من العمل بمجال المواد الإباحية - ولو كان الفريق قد مضى في البناء على ما جرى إرساؤه من دعائم الموسم الماضي داخل أبتون بارك، عندما أنجز الفريق بقيادة المدرب سلافين بيليتش الموسم في المركز السابع، لم نكن لنعاين مشاهد من تلك التي شاهدناها جميعاً السبت الماضي.
كان من شأن تحقيق نجاحات على أرض الملعب إسكات جميع التحفظات الداخلية إزاء عدم موائمة الملعب الجديد (الاستاد الأوليمبي السابق) وربما كذلك الشكاوى الخارجية إزاء إنفاق 300 مليون جنيه إسترليني من الأموال العامة على عملية إعادة البناء. بيد أن الفشل الذي جاء على نحو غير متوقع حول هذا المزيج من غياب الكفاءة والسرعة والجشع الذي خلقته الصفقة إلى ما يشبه مادة متفجرة.
وقبل تفجر المشكلات التي اشتعلت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأجبرت مالكي النادي وأسرهم على التقهقر في مواجهة حشود غاضبة، كان النادي قد نجح في منع مسيرة غاضبة جرى التخطيط لها لتنطلق من أبتون بارك حيث الملعب القديم إلى ستراتفورد حي الاستاد الجديد. وخلال اجتماعات جرت بمشاركة كارين برادي، نائبة رئيس النادي، تفاوض النادي مع مجموعات متنوعة من مشجعي النادي، بينها مجموعة تضم أعضاء من «إنتر سيتي فيرم» القديمة، التي كانت تمثل وستهام خلال مواجهة المشجعين «الهوليغانز» (المشاغبين) خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
ومن خلال الظهور في صورة من يميل لصالح مشجعي مجموعة بعينها دون أخرى، وتقديم عروض بدفع تعويضات عن تكاليف السفر وتوفير تذاكر كهدايا، يبدو أن برادي وزملاءها ساروا على النهج ذاته الذي سبق التعامل به مع مجموعات «بارا برافا» في الأرجنتين والألتراس في إيطاليا، والتي استغل بعضها التهديد بالعنف وإحداث بلبلة أثناء المباريات للحصول على مكانة مميزة وكوسيلة لممارسة النفوذ داخل الأندية التي يشجعونها. بالتأكيد تبدو تلك لعبة خطيرة للغاية، ومن الصعب في ظل المناخ العام السائد اليوم تخيل وصولها إلى نهاية سعيدة.