يعد المغص (colic) لدى الرضع من أشهر الأعراض التي تحدث للأطفال، وفي الأغلب يحدث لأسباب طبيعية، ولكن يمكن حدوثه لأسباب مرضية وبعضها يمكن أن تكون له خطورة صحية. ولكن لحسن الحظ، فإن الأسباب المرضية للمغص لدى الرضع نادرة الحدوث جدا. ومن المعروف أن المغص لا يؤثر على صحة الطفل ولا على نموه ولا يعد علامة على أن الطفل لاحقا سوف يصاب بأمراض القولون العصبي.
- الأسباب والأعراض
لدى الرضع تكون العلامة على الشعور بالمغص هي البكاء المستمر الذي لا يوجد سبب آخر واضح لحدوثه، ويجب على الأم أن تكون مدركة لسبب بكاء الطفل لأسباب أخرى، مثل تعرضه للبلل أو الجوع أو للألم في الأذن أو الإصابة بنزلة برد. ويجب أن تضع الأم في الحسبان أن المغص الطبيعي ربما يستمر عدة أيام أو يمتد لأسابيع قليلة، لكن المغص المستمر يحتاج إلى استشارة الطبيب بالطبع، كما أن بكاء الطفل بشكل هستيري نتيجة للألم الشديد ربما يكون بسبب انسداد في الأمعاء.
- الأسباب: في الأغلب يكون السبب الرئيسي للمغص لدى الرضع هو الغازات التي تتكون في القولون والتي تدخل إلى الجسم أثناء الرضاعة، وهناك أيضا بعض النظريات التي تشير إلى احتمالية أن تكون أمعاء الرضيع غير مهيأة تماما للتعامل مع بعض المكونات الموجودة في حليب الأم أو أنواع الحليب الصناعية المختلفة والتي تجعل الرضيع يعاني من المغص. وما يؤيد هذه النظرية أن الرضع المصابين بالحساسية من مادة اللاكتوز في الحليب (lactose intolerance) يعانون من مغص باستمرار، وكذلك الأطفال الذين يستخدمون حليب الأبقار. ولكن كل هذه النظريات غير مؤكدة، كما أن هناك دراسات تشير إلى أن الأطفال من الأمهات المدخنات يعانون من أعراض المغص ضعف الأطفال العاديين، وهو ما يعني أن التدخين يكون له أثر سلبي على الجنين ربما يؤدي إلى حدوث المغص بشكل غير مباشر.
- الأعراض: يجب على الأم أن تعرف أن المغص مجرد عرض مؤقت لا يستدعي القلق وزيارة الطبيب؟ ومن أهم العلامات المميزة له أن الطفل يضطر لثني الركبتين تجاه البطن لتخفيف الإحساس بالألم، ويمكن أن يصاب وجه الطفل بالاحمرار (flushed) نتيجة لتقلصات الأمعاء، وكذلك تكون قبضة يد الرضيع مغلقة، وأيضا يمكن أن يكون البكاء عنيفا نظرا للألم، وفي الأغلب يحدث بشكل مفاجئ وتقريبا في ميعاد ثابت من اليوم في المساء أكثر من الصباح؟ ويمكن أن يستمر من مجرد دقائق بسيطة إلى عدة ساعات.
وأثناء المغص تكون عضلات البطن في حالة تقلص، ويكون البطن صلبا، ويمكن أثناء الرضاعة أن يحدث المغص وتنتاب الطفل نوبة من البكاء مصحوبة بعد ذلك باستكمال الرضاعة بشكل طبيعي، ولا يؤثر ذلك على الكمية النهائية من الحليب التي يحصل عليها الرضيع.
وتختلف حدة المغص من طفل إلى آخر. وهناك بعض الأطفال يمكن أن يعانوا فقط من عدم ارتياح، بينما البعض الآخر يعاني من آلام مبرحة، وإذا كان العرض متكررا فيستحسن أن تستشير الأم الطبيب الذي يقوم بعمل فحص إكلينيكي للرضيع، وفيما عدا وجود انسداد معوي (intestinal obstruction) وهو عرض شديد الخطورة يتطلب العلاج الفوري، لا يحتاج التشخيص إلى أشعة أو تحاليل أو فحوصات أخرى، ولكن يمكن أن يستفسر الطبيب عن نوع الحليب الذي يتناوله الطفل، خصوصا أن هناك بعض أنواع الحليب يمكن أن تسبب حساسية مثل حليب الأبقار.
- العلاج والوقاية
- العلاج: في الأغلب لا يحتاج المغص إلى علاج معين مثل الأطفال أو البالغين، ولكن يجب أن يتأكد الطبيب من عدم وجود سبب مرضي، ويمكن أثناء نوبات المغص أن تقوم الأم بإعداد المشروبات الطبيعية التي تقوم بتخفيف آلام القولون، مثل الكراوية (اليانسون) دون إضافة سكر حتى لا يتم تخمره ويساهم في زيادة الغازات. وكلما كانت فترة الرضاعة أقل وعدد مرات الرضاعة أكثر، كان أفضل.
وإذا لم تتم الاستجابة، فيمكن أن يعطى الرضيع بعض المواد المضادة لتكوين الغازات مثل مادة السيميثيكون (Simethicone) وهي مادة آمنة للاستخدام لدى الرضع، وهناك كثير من الأدوية التي تحتوي على هذه المادة بأسماء تجارية مختلفة، ويمكن أن تكون على شكل قطرات أو شراب، وتكون الجرعة 2.5 مليلتر بعد كل رضعة، وتعطي تأثيرا جيدا وتساعد في تخفيف حدة الألم، ويجب تجنب إعطاء الأدوية التي تعالج التقلصات المعوية لدى الأطفال الأكبر عمرا للرضع؛ حيث يمكن أن تكون لها أعراض جانبية، خصوصا أن الأمعاء لا تكون بالنضج الكافي.
- الاحتياطات: يمكن للأم أن تقوم ببعض الإجراءات التي تخفف من حدة المغص، على سبيل المثال يجب على الأم أن تقوم بمحاولة إفراغ الغازات التي تدخل إلى أمعاء الطفل أثناء الرضاعة بشكل روتيني عن طريق التربيت على ظهر الرضيع بشكل طفيف ومتواصل (تكريع الطفل)، وأثناء حدوث ذلك يمكن أن يخرج الطفل من فمه بعض الحليب (وهو طبيعي وليس قيئاً) كما يجب أن تكون الرضاعة والطفل قائم ومحمول على كتف الأم، ويكون الفم محكماً حول حلمة الثدي قدر الإمكان. ويمكن أيضا وضع الطفل على بطنه ورأسه إلى أعلى مما يساعد في خروج الغازات، أو تمرير الأصابع بلطف حول بطن الطفل. وهناك بعض النظريات التي تشير إلى أنه يجب على الأم أن تتجنب بعض المشروبات والأغذية التي من شأنها أن تتسبب في زيادة المغص، مثل الشاي والقهوة، وكذلك المشروبات الكحولية والتدخين وتناول البيض والقمح والمكسرات.
- استشاري طب الأطفال