«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

دار «هيرميس» الفرنسية تقطع الخيوط الفاصلة بين الشم والتذوق في عطرها الرجالي الجديد

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف
TT

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

ليس هناك أكثر ما يحرك العواطف والحواس مثل الطعام والروائح الزكية. فالأول يمنحنا شعورا بالسعادة بمجرد التفكير فيه أو شم رائحته، والثاني يحسن المزاج ويأخذنا إلى عوالم بعيدة ودائما سعيدة، أيضا بمجرد شمه. وفي هذا، لا يختلف الشخص البالغ عن الطفل حديث الولادة، لأن حاستي الشم والتذوق في جميع مراحل العمر مهمتان في حياة الإنسان، من ناحية أنهما يتحولان إلى أداة من أدوات التواصل الإنساني والعاطفي. فإذا كان الطريق إلى قلب الرجل معدته، كما يقول المثل الشعبي، فإن الرائحة أيضا يمكن أن تكون عامل جذب قويا في أي علاقة حسب الكثير من الدراسات.
لهذا عندما تلتقي الحاستان وتنصهران بعضهما مع بعض، فإن النتيجة حتما تكون منتجا تتوافر فيه كل عناصر المتعة، وهذا ما يمكن إسقاطه على التجربة التي خاضها كل من أنف دار «هيرميس»، وجون كلود إلينا، والشيف الفرنسي المتقاعد والحائز ثلاث نجمات ميشلين، أوليفييه رولانجر.
جون كلود إلينا، أشهر من نار على علم في عالم العطور، ومنذ أن انضم إلى «هيرميس» في عام 2004 كعطارها الخاص وهو يبدع لها عطورا ناجحة على كل المستويات، نذكر منها «تير ديرميس» (Terre d›Hermès) في عام 2006، و«كيلي كاليش» (Kelly Calèche) في عام 2007، و«فواياج ديرميس» (Voyage d›Hermès) في عام 2010... وهلم جرا.
من جهته، يعد أولييفيه رولانجر، الملقب بـ«الطباخ القرصان»، واحدا من أهم الطباخين في فرنسا. اكتسب شهرته ولقبه عن جدارة، ليس فقط لمهارته في مزج البهارات المختلفة والغريبة في أطباقه الشهية، بل لجذوره التاريخية في قرية كانكال الواقعة بمنطقة «بريتاني» الفرنسية، وهي المنطقة التي كانت ميناء كبيرا يتوقف فيه التجار، كما القراصنة، للتخلص من بضائعهم النفيسة التي كانت تشمل التوابل والشاي وغيرها من المنتجات التي كانوا يجلبونها من أماكن بعيدة.
وعندما تلقينا خبر تعاون عطار بحجم إلينا و«شيف» بمهارة رولانجر، تجمعهما حاستا الشم والتذوق وعشق المغامرة والاستكشاف، عرفنا مباشرة أننا على موعد مع منتج خاص جدا انضم هذا الشتاء لعائلة: «هيرميسونس» (Hermessence)، مجموعة العطور النخبوية والمتخصصة التي تتحفنا بها «هيرميس».
عندما تقابلهما أول مرة، أو تراقبهما من كثب وهما يتحدثان بعضهما مع بعض، تشعر كما لو أنهما يقربان بعضهما بعضا، أو على الأقل يعرف بعضهما بعضا منذ الطفولة، مما أدى إلى نمو هذا التشابه بينهما. هذا الإحساس لا يعود فحسب إلى تقاربهما الفكري وطريقتهما في الحديث والحركات وكيف يلتقط الواحد خيوط الحديث من الآخر بسلاسة ليكمل جملته، بل أيضا إلى تشابههما الجسماني. عندما أشرت إلى هذا التشابه والتوافق العجيب بينهما، رد جون كلود إلينا ضاحكا بلكنته الفرنسية الجنوبية وبأسلوب فلسفي: «إنه نوع من توافق الأفكار يؤدي أحيانا إلى خلق هذا التشابه». ثم استطرد: «اللقاءات المهمة في الحياة تكون في الغالب وليدة الصدفة، ولحسن الحظ أنها في هذه الحالة فتحت أمامنا آفاقا واسعة للاستكشاف ورغبة ملحة في تعاون مثير».
يتذكر إلينا أن أول لقاء جرى بينه وبين رولانجر كان منذ ثلاث سنوات تقريبا عندما دعيا للمشاركة في برنامج إذاعي في باريس. لم يصدقا كيف كانت أفكارهما متشابهة وكيف كانت آراؤهما تتوالى على الموجة نفسها. بعد فترة قصيرة، دعي الشيف المتقاعد عطار «هيرميس» إلى مأدبة غذاء في مسقط رأسه، حرص فيها على تحضير كل الأطباق بنفسه. فرغم تقاعده الطوعي، لم يفقد متعة الطبخ ولا قدرته على إبهار ضيوفه بأطباقه المميزة. ناهيك بقصص بيت العائلة الكبير الذي احتضن مطعمه الشهير سابقا ويبيع فيه حاليا التوابل المعلبة، التي لا تزال تطحن بواسطة طاحونة يدوية قديمة، من حبوب الهيل والكمون المحمص إلى الفلفل الأخضر وغيرها. يعلق رولانجر: «التوابل جزء من البيت الذي عشت فيه، فرائحتها تفوح من كل جدرانه وكل ركن فيه».
أقل ما يمكن أن يقال إن إلينا خرج من التجربة منبهرا بطريقة رولانجر في التعامل مع التوابل والأعشاب، التي يزرعها في بيته المطل على البحر في منطقة تغلفها ستارة كثيفة من الضباب أغلب أيام السنة، وألهمت برماديتها الكثير من الفنانين منهم الفنان «جي إم دبليو تيرنر» الذي خلدها في لوحات رائعة. المنظر يوحي بالكثير من الغموض الذي تؤججه قصص القراصنة الذين توقفوا في «بريتاني» جالبين معهم كنوزا متنوعة. كان المنظر بالنسبة لجون كلود إلينا مختلفا عما تعوده. فهو يعيش في عاصمة صناعة العطور الفرنسية غراس، بالقرب من البحر المتوسطي بسمائه الزرقاء في أغلب الأوقات. لكن لحسن الحظ، لم يقف اختلاف الصورة والألوان وبعد الجغرافيا، عائقا أمام تعاونهما بعد اكتشافهما تلك اللغة الشاعرية المشتركة بينهما وما يمكن أن تؤدي إليه.
يشير جون كلود إلينا، إلى أن النية من هذا اللقاء في البداية لم تكن عملا مشتركا بقدر ما كان غذاء تعارف. لكن في ذلك اليوم، وبعد أن جرب مهارة رولانجر في الطبخ وقدرته العجيبة على مزج وشم كل المكونات بشكل فطري، أخذ الحديث منحى جديدا وبدأت فكرة التعاون تنمو في خياله. فقد تأكد حينها كم هو الخيط رفيعا بين حاستي الشم والتذوق، وكيف أن المتعة التي يحصل عليها الإنسان من العطر توازي تلك التي يحصل عليها من طبق شهي. كان ذلك اليوم أيضا هو اليوم الذي توطدت فيه صداقتهما الفكرية والإنسانية.
عندما عاد جون كلود إلينا إلى مدينة غراس، أرسل له رولانجر كيلوغراما من الكمون المحمص قام بتقطيره لاستخراج زيته، ولدهشته انبعثت من زيته رائحة جذابة ولذيذة هي خليط من روائح الخبز المحمص والبندق والسمسم، مما جعله يطلب كمية أكبر، هذه المرة 50 كيلوغراما ليبدأ العمل جديا.
يقول كلود إنه ظل على اتصال مع رولانجر لمدة ثمانية أشهر، تبادلا فيها الرسائل والأفكار وأيضا الكثير من العينات التي أرسلها طالبا من الشيف رأيه فيها. «فهذا العطر»، كما يؤكد، «لم يولد في المختبرات، بل هو نتاج مغامرة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بين رجلين يتذوقان ما تجود به الطبيعة». في هذه اللحظة، يضحك وهو ينظر إلى رولانجر ليذكره بالرسالة التي توصل بها في إحدى المرات، وقد كتب فيها هذا الأخير معلقا على عينة: «ينقصها شيء مهم.. رائحة الضباب». يرد عليه رولانج مبتسما: «نعم أتذكر، وعندما سألتني عنها أجبتك بأن رائحة الضباب بالنسبة لي مثل زهر الزعرور أو عصيدة الحنطة الدافئة، وأضفت أنها يمكن أن تكون أيضا بطعم معدني يشبه طعم الحصى الرطب أو رائحة المطر وهو يتساقط على البحر أو على الرمل».
ولا شك في أن شم رائحة الضباب التي يتكلم عنها رولانج بحماس كانت وراء قرار دار «هيرميس»، أن يكون مسقط رأسه، المكان الذي تكشف فيه الستار عن ثمرة هذا التعاون المتمثل في عطرها الرجالي الجديد «إيبيس مارين» (Epice Marine)، الرقم الـ11 في مجموعة «هيرميسونس». فبالإضافة إلى أن المنطقة هي مسقط رأس رولانجر، فهي أيضا المكان الذي شهد على الكثير من التجارب وأخذ منه عطارها الكثير من المكونات. عندما وصلت قافلة الضيوف، من محررات الموضة والجمال، إلى القرية الراقدة على أقدام الأطلنطي، بمراكبها ويخوتها الراسية على شاطئها، لم يكن يتخلل هدوء المكان سوى صوت الريح الآتي من بعيد. بدت القرية كبطاقة بريد حالمة، تغلفها ستارة كثيفة من الضباب تستحضر أساطير قراصنتها القادمين من عوالم بعيدة، محملين بكل ما استطاعوا حمله من بهارات وتوابل وشاي وكنوز مماثلة.
في المساء، دعت الدار الفرنسية ضيوفها إلى مطعم «لوكوكياج» (Le Coquillage) في رحلة استكشاف، أو على الأصح لعبة لا تختلف عن لعبة «الغميضة» سوى أنها تعتمد على الأنف والتذوق بدل النظر. في المطعم الذي يشكل جزءا من فندق «ريشو» المطل على خليج «مونت سان ميشيل»، حضر الشيف رولانجر أطباقا غنية بالألغاز حتى يختبر مدى قدرتنا على التعرف عليها. أطباق شملت المحار والكابوريا والبوظة، كان القاسم المشترك بينها كلها نغمات قوية من الفلفل أو الكمون أو الفانيلا أو الهيل والليمون.
كان رولانجر كمن يحضر حواسنا لما سيكشف عنه الستار في صباح اليوم التالي. وبالفعل في الصباح، استقبلنا في بيت عائلته المعروف باسم «بيت المسافرين» (لاميزون دي فواياجور) وهو بيت كبير يعود إلى القرن الثامن عشر، كان يستعمل مخزنا للتوابل قبل أن يتحول إلى بيت العائلة. يشرح الشيف المتقاعد بفخر وهو يأخذنا من غرفة إلى أخرى: «إنه البيت الذي ولدت فيه وشهد على الكثير من الأحداث». نظرا لتواضعه الشديد، لم يطاوعه لسانه أن يقول إنه كان منذ بضع سنوات فقط مطعم «لوروليه غورمان» (Le Relais Gourmand) الذي شهد الكثير من إنجازاته وعلقت على بابه ثلاث نجمات ميشيلين، اختار التنازل عنها في عام 2008 لأسباب صحية. يشرح: «لم يعد بوسع رجلي أن تحملاني أو تتحملا الوقوف طويلا»، وبما أنه كان رافضا مبدأ تسليم المشعل لطباخ آخر يعمل باسمه، فقد كان الحل الوحيد أمامه أن يغلق أبوابه ويتفرغ للتوابل بافتتاح مركز متخصص في خلطات نادرة وغريبة منها.
مثل مساء الليلة الماضية، كان الصباح رماديا، لكن الأمطار الخفيفة والمتساقطة من دون توقف أضفت عليه صبغة رومانسية مثيرة. ومن الداخل، كانت تنبعث روائح دافئة مصدرها مشروب ساخن مكون من التفاح والقرفة حضره الشيف لاستقبال ضيوفه، قبل أن يأخذهم إلى قاعة واسعة تطل على حديقة غناء، ويطلب منهم الجلوس حول طاولات وضعت فوقها قنينات زجاجية متعددة تحتضن كل واحدة منها بهارا مختلفا، لكي يحدسوا ماهيته. أما جون كلود إلينا، فقد جلس إلى جانبه وهو يراقب اللعبة بابتسامة تتراقص على شفتيه وتزيد اتساعا كلما أصاب أحدنا في تخمين نوع البهار. ولا شك في أن السؤال الذي كان يدور بخلد كل منهما هو ما إذا كانا قد نجحا في ابتكار عطر يتغلغل في الحواس ويقطع ذلك الخيط الرفيع الرابط بين حاستي الشم والتذوق. عندما رش جون كلود إلينا العطر في نهاية الرحلة الاستكشافية، فاحت في الغرفة رائحة تشبه الإيودين، سرعان ما تبخرت لتحل محلها نغمات من القرفة والهيل والبرغموت والنعناع والكمون المحمص. هذا الأخير، كما شرح جون كلود إلينا هو الذي يضفي على العطر وجها إنسانيا حسيا. ثم يلتقط أوليفييه رولانجر الخيط وهو يشم العطر مضيفا: «طبعا، هناك أيضا نغمات من رائحة الطحالب ومياه المحيطات.. إنه يذكرني بأعماق البحر ونكهة التوابل حين يتناثرها الهواء».



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.