بريطانيا تطرد 23 دبلوماسياً روسياً تعتبرهم «عملاء استخبارات غير معلنين»

هددت بتجميد أصول لحكومة بوتين... وعلقت كل الاتصالات الثنائية... وألغت زيارة لافروف للندن

جلسة لمجلس العموم أمس خلال إعلان تيريزا ماي سلسلة من العقوبات ضد روسيا تضمنت طرد 23 دبلوماسياً  (رويترز)
جلسة لمجلس العموم أمس خلال إعلان تيريزا ماي سلسلة من العقوبات ضد روسيا تضمنت طرد 23 دبلوماسياً (رويترز)
TT

بريطانيا تطرد 23 دبلوماسياً روسياً تعتبرهم «عملاء استخبارات غير معلنين»

جلسة لمجلس العموم أمس خلال إعلان تيريزا ماي سلسلة من العقوبات ضد روسيا تضمنت طرد 23 دبلوماسياً  (رويترز)
جلسة لمجلس العموم أمس خلال إعلان تيريزا ماي سلسلة من العقوبات ضد روسيا تضمنت طرد 23 دبلوماسياً (رويترز)

بعدما انتهت في منتصف ليل الثلاثاء المهلة التي حددتها لندن لموسكو لكي تقدم تفسيرات حول استخدام غاز الأعصاب السام الذي يعود إلى العهد السوفياتي في تسميم العميل المزدوج الروسي السابق في 4 مارس (آذار)، أعلنت بريطانيا أمس عن حزمة من الإجراءات ضد روسيا. وتضمنت العقوبات، كما أعلنتها رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي أمس الأربعاء أمام البرلمان، طرد 23 دبلوماسيا تعتبرهم بريطانيا «عملاء استخبارات غير معلنين»، وحددت «أمامهم مهلة أسبوع للرحيل».
وقالت ماي: «بموجب ميثاق فيينا ستطرد المملكة المتحدة الآن 23 دبلوماسيا روسيا تم تعريفهم على أنهم ضباط مخابرات سريون». وأضافت أن هذه هي أكبر عملية طرد لدبلوماسيين من لندن في 30 عاما، وستقلص من قدرات المخابرات الروسية في بريطانيا لأعوام مقبلة. وكان لدى روسيا ما يصل إلى 59 دبلوماسيا معتمدين في بريطانيا. وتابعت: «سنجمد أصولا للدولة الروسية في حال حصلنا على أدلة على أنها قد تستخدم في تهديد حياة أو ممتلكات مواطنين أو سكان في بريطانيا».
وبعدما أكدت خطورة القضية ذكرت بأنه بعد مقتل العميل الروسي السابق ليتفننكو مسموما بالبولونيوم في عام 2006، طرد أربعة دبلوماسيين روس من البلاد. واعتبرت ماي أيضا أنه وإثر «هذا العمل الرهيب» ضد بريطانيا، لا يمكن للعلاقة بين البلدين أن «تكون هي نفسها» كما في السابق. وقالت: «بالتالي سنعلق كل الاتصالات الثنائية رفيعة المستوى» بين البلدين، موضحة أن ذلك يشمل «سحب الدعوة الموجهة إلى وزير الخارجية (سيرغي لافروف) لزيارة» بريطانيا.
وعلقت السفارة الروسية على العقوبات قائلة إن موسكو لم تستجب لطلب بريطانيا أن تفسر بحلول منتصف الليل كيف تم استخدام غاز للأعصاب. وقال متحدث باسم السفارة لـ«رويترز»: «روسيا لن تتجاوب مع الإنذار البريطاني إلى أن تحصل على عينات من المادة الكيماوية». وأوضح المتحدث أن موسكو سترد بالمثل على أي إجراءات عقابية تتخذها لندن ضد روسيا. ونددت السفارة برد فعل لندن «العدائي وغير المقبول وغير المبرر». وقالت السفارة في بيان: «نعتبر هذا العمل العدائي غير مقبول وغير مبرر على الإطلاق. كل المسؤولية عن تدهور العلاقات الروسية البريطانية تقع على عاتق القيادة السياسية الحالية في بريطانيا».
أما ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، فقالت إنه ليس من شأن رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أن تصدر أحكاما على وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. وكتبت زاخاروفا على صفحتها الرسمية على «فيسبوك»: «تيريزا... لافروف وزير روسي وليس وزيرا بريطانيا، ومسألة تقييمه تخص الرئيس الروسي. أدرك أنك تتمنين غير هذا، لكن وزيرك هو بوريس جونسون». وتعليقات زاخاروفا هي أول رد رسمي على كلمة ألقتها ماي أمام البرلمان، لكن من غير الواضح ما هي التصريحات التي تشير إليها زاخاروفا.
كما أكدت ماي «أنه لن تكون هناك مشاركة لوزراء أو أفراد من العائلة الملكية في كأس العالم لكرة القدم هذا الصيف في روسيا». وحول الرئيس الروسي قالت ماي إنها تأسف «للنهج» الذي اتبعه فلاديمير بوتين في المجال الدبلوماسي. وقالت ماي: «كثيرون منا كان يحدوهم الأمل عند النظر إلى روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية. كنا نريد علاقة أفضل، لكن من المأساوي أن يكون الرئيس بوتين اختار هذا النهج». كما أبلغت بريطانيا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن استخدام غاز الأعصاب ضد أفراد على الأراضي البريطانية يمثل خرقا صارخا للقانون الدولي، ويجب أن يكون بمثابة تحذير للمجتمع الدولي. وقالت ماي: «ليس هناك من نتيجة أخرى سوى أن الدولة الروسية مسؤولة عن محاولة اغتيال» سيرغي سكريبال وابنته يوليا.
وأضافت: «هذا يشكل استخداما غير مشروع للقوة من قبل الدولة الروسية ضد بريطانيا». وقالت ماي: «كان من المنصف منح روسيا فرصة تقديم تفسير، لكن رد فعلها ينطوي على استخفاف تام بهذه الأحداث الفادحة»، مشددة على «أنهم لم يقدموا أي تفسير موثوق». وأضافت ماي: «بدلا من أن يقوموا بذلك، تعاملوا مع استخدام غاز الأعصاب العسكري في أوروبا بسخرية وازدراء وتحد». لكن روسيا التي تنكر أي تورط لها قالت إنها لن ترد على إنذار ماي حتى تتلقى عينات من المادة الكيماوية. ولم يشر ممثل روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى الحادث في خطابه أمام المنتدى في جنيف أمس.
وفي السياق ذاته، أعربت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن «قلقها العميق» بشأن أول استخدام هجومي لغاز الأعصاب على أراضي حلفهم العسكري، معربة عن تضامنها مع بريطانيا ودعمها لها، بينما دعت روسيا إلى الرد على تساؤلات لندن. وقال الحلف في بيان، في أعقاب اجتماع لسفرائه: «أجمع الحلفاء على أن الهجوم كان انتهاكا واضحا للأعراف والاتفاقيات الدولية». وأضاف الناتو: «يعتبر الناتو أي استخدام للأسلحة الكيماوية بمثابة تهديد للسلام والأمن الدوليين». كما أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك عن تضامنه الكامل مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «في مواجهة الهجوم الذي نفذته، على الأرجح بصورة كبيرة، موسكو».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «قلقه البالغ» من استخدام غاز الأعصاب لتسميم جاسوس روسي سابق وابنته على أرض بريطانية. وقال فرحان حق، المتحدث باسمه، إن غوتيريش «يدين بشدة» استخدام غاز الأعصاب أو الأسلحة الكيماوية، ويأمل في إجراء تحقيق شامل لكشف ملابسات الحادث. وأضاف المتحدث أنه في الوقت الذي لا يستطيع فيه غوتيريش توجيه اللوم، فإن استخدام غاز الأعصاب كسلاح تحت أي ظرف من الظروف أمر غير مقبول، واستخدامه من قبل دولة يشكل انتهاكا للقانون الدولي.


مقالات ذات صلة

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

الولايات المتحدة​ علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

قال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، إن «كمية كبيرة» من البيانات الوصفية للأميركيين سُرقت في حملة تجسس إلكتروني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سكان يقفون بجوار منزلهم المتضرر بسبب ضربة صاروخية وسط هجوم روسي على مشارف أوديسا بأوكرانيا 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

الحكم على امرأة بالسجن 15 عاماً في أوكرانيا لمساعدتها الجيش الروسي

حكم القضاء الأوكراني، اليوم الخميس، على امرأة من منطقة دونيتسك، الواقعة في شرق البلاد، بالسجن 15 عاماً بسبب تمريرها معلومات عسكرية حسّاسة لروسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.