«منظمة التجارة» تحذّر من وصول «حرب الجمارك» إلى «نقطة اللاعودة»

TT

«منظمة التجارة» تحذّر من وصول «حرب الجمارك» إلى «نقطة اللاعودة»

حذّر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو، من مخاطر حصول تصعيد في «تدابير الرد» على قرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم. قائلاً مساء أول من أمس (الاثنين)، في برازيليا، إنه في حال تصاعد «تدابير الرد المتبادلة» على الصعيد التجاري، فسيكون «من الصعب التراجع» في هذا الموضوع.
وكان عدد من وزراء مالية منطقة العملة الأوروبية الموحدة قد حذروا، أول من أمس، من حرب تجارية محتملة مع أميركا نتيجة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأشار الوزراء إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد رداً حاسماً وصارماً للدفاع عن مصالح دوله.
وتبلغ الرسوم العقابية 25% على الصلب و10% على الألمنيوم، على جميع الدول المصدرة لأميركا باستثناء كندا والمكسيك من الرسوم مع إمكانية إعفاء دول أخرى منها في المستقبل.
وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير في بروكسل: «نشعر بالقلق من احتمال اشتعال حرب تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأننا نعتقد أن الجميع سيكونون خاسرين... نعتقد أن الإجراءات الحمائية هي طريق مسدود ولن يكسب أحد من أي حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».
وقال وزير مالية هولندا فوبكه هويكسترا إن قرار ترمب فرض رسوم «مؤسف، ويتعارض مع مصالح المواطنين الهولنديين والمواطنين الأوروبيين بشكل واضح». وأضاف: «أنا مقتنع بأنه سيصبح أيضاً ضد مصالح مواطني أميركا بصورة كبيرة... لذلك أتمنى أن نتيقن من عدم نشوب هذه الحرب، لكنها إذا بدأت فانطباعي هو أن أوروبا مستعدة لها».
كان الاتحاد الأوروبي قد أعدّ رده على الرسوم الأميركية قبل قرار ترمب فرضها رسمياً. وتضم قائمة الإجراءات الأوروبية المحتملة فرض رسوم على واردات الاتحاد الأوروبي من الدراجات البخارية الفارهة طراز «هارلي ديفيدسون» وزبدة الفول السوداني والتوت البري إلى جانب تقديم شكوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية.
وقال أزيفيدو للصحافيين بعد لقاء مع الرئيس البرازيلي ميشال تامر: «نعرف متى وكيف يبدأ ذلك (الحرب التجارية)، لكن لا يمكن أن نعرف كيف ومتى ينتهي». وأضاف أن «البرازيل على تواصل مع بلدان أخرى قد تطالها هذه الإجراءات، لدرس حلول مناسبة أكثر».
من جهة أخرى، شدد على أنه لا يتوقع «في الوقت الحاضر» أن تتوجه البرازيل إلى منظمة التجارة العالمية للاحتجاج على القرار الأميركي، وأن المنظمة لم تتلقّ أي شكوى من أي دولة أخرى حتى الآن.
ودعا إلى اعتماد الحوار، معتبراً أن «مبدأ الفعل ورد الفعل يقود أحياناً إلى حروب تجارية لا مصلحة لأي كان فيها، ولا يخرج منها أي منتصر، بل مجرد خاسرين».
والولايات المتحدة هي المستورد الأول للصلب في العالم ومزودها الرئيسي هو كندا (15,6% من الواردات)، ثم البرازيل (9,1%)، وكوريا الجنوبية (8,3%)، ثم المكسيك، حسب أرقام وزارة التجارة الأميركية. كما أن الولايات المتحدة من المستوردين الرئيسيين للصلب البرازيلي، حسب وزارة الصناعة والتجارة الخارجية.
وأعلنت أوتاوا وواشنطن، أمس، أن رئيس الوزراء جاستن ترودو، والرئيس الأميركي دونالد ترمب تباحثا مجدداً خلال مكالمة هاتفية في مسألة الرسوم التي فرضها الأخير على واردات الولايات المتحدة من الألمنيوم والصلب وأعفى منها مؤقتاً تلك المستوردة من كندا والمكسيك.
وقالت رئاسة الوزراء الكندية في بيان إنه بعد أسبوع من أول مكالمة هاتفية جرت بينهما حول هذه المسألة، تباحث ترودو وترمب في «مجموعة متنوعة من التحديات التي تواجه كندا والولايات المتحدة، بما في ذلك صناعات الصلب والألمنيوم التكاملية في أميركا الشمالية».
ونقل البيان عن ترودو تشديده على مسامع ترمب على «أهمية الحفاظ على سلاسل التزويد المتبادلة المنفعة الموجودة لدينا إذا ما أردنا حماية الوظائف والأعمال التجارية على جانبي الحدود».
من جهته شدد ترمب -حسب ما نقل عنه بيان أصدره البيت الأبيض- على «أهمية الانتهاء سريعاً من المفاوضات الجارية حول نافتا (معاهدة التبادل التجاري الحر في أميركا الشمالية) لضمان حيوية الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية ولحماية الأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة». وكان ترمب قد قال: «إذا توصلنا إلى اتفاق، فلن تُفرض رسوم على كندا والمكسيك»، مؤكداً قناعته بأن المفاوضات الشاقة الجارية يمكن أن تفضي إلى نتيجة.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.