دمشق تخسر رئتها الخضراء وأبقارها الشامية

أهالي الغوطة: قصف النظام يستهدف المزارع والماشية بشكل ممنهج

TT

دمشق تخسر رئتها الخضراء وأبقارها الشامية

في الوقت الذي تحث فيه حكومة النظام السوري مواطنيها على ترميم الثروة الحيوانية التي منيت بخسائر فادحة خلال سنوات الحرب السبع، يواصل الطيران الحربي التابع لقوات النظام مدعوما بسلاح الجو الروسي تدمير ما تبقى من ثروة حيوانية وزراعية في الغوطة الشرقية، في هجوم شرس لا يستهدف فقط حملة السلاح ضد النظام، بل يقتل المدنيين ويدمر الأراضي الزراعية وما عليها من ماشية ودواجن.
وأفادت مصادر من سكان الغوطة لـ«الشرق الأوسط» بأن النظام استهدف بشكل ممنهج المزارع، وما تبقى من أبقار وماشية في الغوطة الشرقية، منذ بدء هجومه الأخير، بهدف حرمان السكان المحاصرين من مصادر غذاء تعينهم على الصمود. ولفتت المصادر إلى أن أول ما تم استهدافه في الهجوم الأخير «مشروع الثروة الحيوانية».
وأضافت المصادر أن «المزارعين يسارعون إلى ذبح الماشية لتجنب خسارتها بشكل كامل في القصف»، فمع بداية الشهر الجاري لم يكن هناك سوى 150 رأس بقر فقط، بحسب المصادر التي تتوقع أنها لم تعد موجودة اليوم.
وتشير الأرقام الرسمية الحكومية إلى أن تعداد الثروة الحيوانية داخل الغوطة الشرقية عام 2011 كان 120 ألف رأس بقر حلوب، و200 ألف رأس غنم، و75 ألف دجاجة بياضة. وسجلت هذه الأرقام انهيارا حادا بنسبة 85 في المائة عام 2016، بعد ست سنوات من الحرب، حسب أرقام نقابة الأطباء البيطريين في الغوطة التابعة للمعارضة، إذ لم يتبق سوى 7000 رأس بقر حلوب، و40000 رأس غنم، 10000 دجاجة بياضة.
وتعود أسباب انهيار الثروة الحيوانية في الغوطة خلال تلك السنوات إلى تردي الأوضاع الاقتصادية جراء القصف والنزوح والحصار، وصعوبة تأمين أعلاف والرعاية اللازمة، والذي دفع مربي الماشية إلى التخلص من قسم كبير منها، وجاء الهجوم الأخير ليقضي على ما تبقى من ماشية، إمعانا في تشديد الحصار على السكان وتجويعهم.
وجاء هذا التخريب الممنهج لريف العاصمة السورية ورئتها الخضراء، وسلتها الغذائية الغنية بمختلف أنواع الفواكه، بالتوازي مع إنشاء النظام لمشروع إنتاجي زراعي ضخم في إحدى قرى الساحل في محافظة طرطوس، والذي يضم مزرعة للأبقار ومعملاً للأجبان والألبان، ومعصرة زيتون، ومخبزاً آلياً، بالإضافة لمنشآت داعمة ومكملة للمرافق السابقة. ويعتبر المشروع هو الأول من نوعه في سوريا، ويستهدف تنمية ريف طرطوس الشمالي، ويشغل مئات الأيدي العاملة من مختلف الاختصاصات.
وفي العام الماضي تسلم النظام أول دفعة من الأبقار المستوردة «البكاكير عالية الإنتاجية»، عبر ميناء طرطوس، من ضمن عقد يتضمن استيراد ثمانية آلاف بقرة، بهدف ترميم النقص الحاد في الثروة الحيوانية، وذلك لأول مرة منذ 39 عاما، إذ كانت سوريا مكتفية بالثروة الحيوانية بل وتفيض عن الاستهلاك.
وتبين أرقام وزارة الزراعة في حكومة النظام تراجع الإنتاج الحيواني بنحو 60 في المائة مما كان عليه عام 2010، وتراجع الثروة من الغنم في سوريا عموما، من 22 مليون رأس عام 2011 إلى نحو 12 مليوناً مطلع العام الجاري، والأبقار من مليون رأس إلى ثمانية آلاف رأس.
تجدر الإشارة إلى احتمال انقراض الأبقار الشامية ذات اللون القرميدي الأشقر بحجمها الكبير، التي يعود أصل نشأتها للغوطة، وتعد من أفضل أنواع الأبقار في العالم من حيث تكيّفها مع البيئة، ومقاومة الأمراض والفيروسات. وقد تعرضت هذه الأبقار البلدية مع شقيقتها أبقار العكش التي كانت تعيش في سهل حوران، إلى إهمال متعمد من قبل السياسات الزراعية لحكومات النظام، التي استبدلت بها الأبقار المستوردة المهجنة، بزعم إنتاجيتها العالية للحليب.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.