الاستراتيجية الدفاعية رهن نتائج الانتخابات واستعداد «حزب الله» للحوار

TT

الاستراتيجية الدفاعية رهن نتائج الانتخابات واستعداد «حزب الله» للحوار

فتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بإعلانه أن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بين القيادات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) المقبل، الباب على مصراعيه للنقاش في أولويات الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات، وفي أبرز التحديات التي تنتظر اللبنانيين في المرحلة المقبلة، وإن كان هناك من ربط موقف رئيس الجمهورية، كما موقف مماثل لوزير الداخلية نهاد المشنوق أطلقه في مؤتمر وزراء الداخلية العرب الأسبوع الماضي، برسائل التطمين التي يستمر لبنان بالدفع بها تزامناً مع انعقاد مؤتمرات أوروبية لدعمه، عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، إلا أن آخرين يؤكدون أن إعادة البحث بالاستراتيجية الدفاعية رهن نتائج الانتخابات واستعداد «حزب الله» لفتح صفحة جديدة من الحوار.
وقد توقف البحث بهذه الاستراتيجية مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في عام 2014، بعدما كان يتم من خلال طاولة حوار تضم الأقطاب اللبنانيين. لكن هؤلاء لم يتمكنوا، وعلى مر أكثر من 8 سنوات، من التوصل إلى أي اتفاق بخصوص مصير سلاح «حزب الله»، علماً بأنهم تفاهموا في عام 2012 على عدد من البنود، في إطار ما عُرف بـ«إعلان بعبدا». ونص البند الثاني عشر في الإعلان على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية».
ومع قرار «حزب الله» إرسال عناصره للقتال في سوريا، تنصل الحزب من «إعلان بعبدا»، وقال رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد إن هذا الإعلان «ولد ميتاً، ولم يبق منه إلا الحبر على الورق».
كما قدّم سليمان، في سبتمبر (أيلول) 2012، تصوره حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، ونص على وجوب «التوافق على الأطر والآليات المناسبة لاستعمال سلاح المقاومة، ولتحقيق أمرته ولإقرار وضعه بتصرف الجيش، المولج حصراً باستعمال عناصر القوة، وذلك لدعمه في تنفيذ خططه العسكرية، مع التأكيد على أن عمل المقاومة لا يبدأ إلا بعد الاحتلال». وقد ناقش أقطاب الحوار هذه الاستراتيجية من دون التوصل إلى نتيجة.
ولا يبدو أن «حزب الله» متحمس فعلاً لإعادة البحث بالاستراتيجية الدفاعية، وإن كان أي موقف رسمي من إعلان عون نيته تحريك هذا الملف من جديد بعد الانتخابات لم يصدر عن الحزب. إلا أن رئيس كتلته النيابية محمد رعد عبّر بشكل غير مباشر عن عدم حماسة، معتبراً في موقف أطلقه يوم أمس أن «المقاومة التي تمثل ركناً أساسياً في معادلة القوة والدفاع عن هذا الوطن، وقدمت الكثير والعتاد والتخطيط والإرادة، هذه المقاومة التي يحتضنها شعبنا الوطني المعطاء، لا تحتاج إلى نصوص، وتبقى حاجة ما دام هناك عدو إسرائيلي وتهديدات إرهابية لوجودنا وهويتنا».
وبحسب مصادر قريبة من الرئيس عون، فإنه لم يضع بعد أي تصور لإعادة البحث بالاستراتيجية الدفاعية، وما إذا كان سيتم ذلك عبر هيئة حوار جديدة أو من خلال الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية.
وتشير المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «ظروف البلد لم تكن تسمح بوضع هذا الملف على الطاولة قبل الانتخابات، لكن ذلك سيحصل لا شك بعد الاستحقاق النيابي، على أن يتم تحديد آلية النقاش في حينها».
ولا يعول خبراء عسكريون كثيراً على قدرة القوى السياسية على التوصل إلى اتفاق حول مصير سلاح «حزب الله»، ويرجح رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - انيجما»، رياض قهوجي، أن «يطرح الحزب وحلفاؤه، في حال تمكنوا من كسب الأكثرية النيابية، اعتماد التجربة الإيرانية في لبنان، بحيث يتم تحويله إلى كيان شبيه بالحرس الثوري الإيراني، ويصبح عندها النظام اللبناني شبيهاً بالنظام الإيراني، فيكون هناك جيش نظامي وحرس ثوري».
ويشير قهوجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «طهران تدفع أصلاً في هذا الاتجاه في العراق، عبر الضغط على الحكومة العراقية لعدم دمج (الحشد الشعبي) بالقوات المسلحة، وبالتالي تكريس المثل الإيراني في العراق».
وقال قهوجي: «لقد أثبتت عشرات الاجتماعات بين قادة القوى السياسية والأحزاب اللبنانية أنه لا إمكانية للتوصل إلى تفاهم حول الاستراتيجية الدفاعية، ما دام هناك قوة عسكرية كبيرة لا تأتمر بالدولة، لها ارتباطات إقليمية، والمطلوب من الجميع أن يتجاهل وجودها، ويغض النظر عن تحركاتها العسكرية من وإلى لبنان، كما أن بيدها قرار السلم والحرب».
وأضاف: «في البدء، كان الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية يهدف إلى محاولة احتواء (حزب الله)، فجاءت النتيجة معاكسة، باعتبار أنّه ساعد الحزب على شراء الوقت لتنفيذ أجندته في لبنان والمنطقة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.