الأخضر الإبراهيمي: بوتفليقة يريد فتح الحدود مع المغرب {لو كان الأمر بيده}

وزير خارجية الجزائر السابق أوضح أن الوضع على الحدود بين البلدين غير مقبول

TT

الأخضر الإبراهيمي: بوتفليقة يريد فتح الحدود مع المغرب {لو كان الأمر بيده}

قال الأخضر الإبراهيمي، وزير خارجية الجزائر ومبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا سابقا، إن «الوضع على الحدود الجزائرية - المغربية غير مقبول».
وبحسب الدبلوماسي المتقاعد فإن الرئيس بوتفليقة «وجد إرثا معقدا (عندما وصل إلى الحكم عام 1999)، وملفات ثقيلة مع المغرب»، في إشارة إلى أنه تعامل مع وضع ورثه من سلطة سيرت البلاد قبله.
وذكر الإبراهيمي، في مقابلة مع الصحيفة الإلكترونية «الجزائر دبلوماتيك» في باريس، حيث يقيم: «كنا نأمل أن تتقدم علاقات البلدين بفتح حدودهما وتطوير التعاون بينهما. ودعوني أقل لكم... الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مثلما أعرفه، له توجهات مغاربية، ولو كان الأمر بيده لوحده لفتح الحدود مع المغرب، وساهم في إعادة بعث اتحاد المغرب العربي». وعدّ الدبلوماسي المتقاعد «بناء وحدة مغاربية ضرورة بالنسبة للمنطقة».
وأضاف الإبراهيمي: «للأسف اتحاد المغرب العربي معطل، وهذا التعطيل لا يخدم شعوب المنطقة، ونحن نلاحظ أن كل الشعوب تتوحد، مثل الاتحاد الأوروبي الذي حقق الوحدة رغم اختلاف اللغات والثقافات. وشعوب المغرب العربي يجمعها الدين نفسه واللغة نفسه، والعادات والثقافات نفسها، لكن غياب الإرادة السياسية حال دون تحقيق أمنية الشعوب في وحدة حقيقية، والعلاقات المتوترة لها أيضا تبعات على المسار المغاربي».
وأغلقت الجزائر حدودها مع المغرب عام 1994، بعد أن فرضت الرباط تأشيرة دخول إلى المغرب على الرعايا الجزائريين. وجرت هذه التطورات على أثر اتهام المغرب مخابرات الجزائر بالضلوع في هجوم على سياح غربيين بفندق بمراكش. وزادت هذه الحادثة في تسميم العلاقات بين أكبر بلدين مغاربين، التي كانت أصلا متوترة بسبب خلافاتهما حول نزاع الصحراء.
ولأول مرة، يأتي على لسان شخصية بارزة ومقربة من الحكم بالجزائر، مثل الإبراهيمي، بأن بوتفليقة لا يمانع في فتح الحدود مع المغرب، إذ كان كل رؤساء الخارجية في عهده يقولون إن هذه المسألة «غير واردة في أجندة الحكومة». وقد صرح بوتفليقة عدة مرات، بأن العلاقات مع المغرب ومع فرنسا شأن يخصه هو وحده.
وكان الإبراهيمي قد صرح نهاية 2016، خلال محاضرة بمدرسة الشرطة بالعاصمة الجزائرية، بأن إغلاق الحدود بين البلدين «ليس له أي مبرر، وقد تسبب في تعطيل بناء المغرب الكبير»، وانتقد «استمرار تجميد العلاقات بين أعضاء الاتحاد المغاربي»، الذي لم يعقد قمة منذ 24 سنة. وعبر عن «ألمه الشديد لما آلت إليه العلاقة بين الطرفين، خصوصا للتكلفة الاقتصادية الباهظة التي تؤديها الدولتان بسبب غياب التعاون بينهما».
وأضاف الإبراهيمي موضحا أن «جمود الاتحاد المغاربي يستمر، بينما تعمل كثير من دول العالم على إنشاء تكتلات إقليمية، تدافع فيها عن مصالحها»، داعيا إلى «ضرورة استثمار الاستقرار النسبي الذي يميز المنطقة المغاربية، باستثناء ليبيا، لأجل بعث التعاون، أما إذا استمر الجمود فهذا الاستقرار سيكون مهدداً».
وبحسب الدبلوماسي، الذي كان مهندس اتفاق الطائف (1958)، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، فإن الجزائر والمغرب «مدعوان إلى استنساخ تجربة الهند والصين، على اعتبار أن هاتين الدولتين اختلفتا في قضايا جوهرية حول الحدود، لكنهما أرستا تعاونا اقتصاديا مهما بينهما». وقال في هذا السياق إن «قيام الاتحاد المغاربي لن يكون ممكنا دون إنهاء التوتر بين الجزائر والمغرب».
وبخصوص الوضع في ليبيا، ذكر الإبراهيمي في المقابلة الصحافية: «يؤلمني الوضع الليبي الآخذ في التعقيد، وكلما تأخر حل هذه الأزمة تعقدت أكثر، ولا يسعنا إلا أن ندعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة، وما على دول الجوار سوى الدفع نحو تحقيق مصالحة حقيقة، بما في ذلك قبيلة القذاذفة، وهي ذات وزن في الساحة المحلية، ووفق ما وصلني من معطيات فإن أنصار نظام القذافي مستعدون للتصالح، والانخراط في مساعي الحل، ونحن نرى أن طول عمر الأزمة له انعكاسات سلبية ووخيمة على الجزائر وتونس ومصر. أما بخصوص الموقف الجزائري من أزمة ليبيا، فقد كان في البداية محتشما، وكان يجب الوقوف من الأول مع الشعب الليبي الشقيق، الذي يكن لنا كل المحبة والاحترام».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».