«قصتها»... حملة لزيادة المحتوى النسوي على الإنترنت

«اليوم أكتب قصتها... غداً سأكون القصة» تحت هذا الشعار اجتمع مئات الشباب على مدار ثلاثة أيام في كل من القاهرة والإسكندرية وبيروت والقدس والأردن والسويد، ضمن 40 دولة في مارثون كتابي «إيديتاثون» للتدوين على موقع «ويكيبيديا» عن المرأة وإنجازاتها.
نُظم «الإيديتاثون» برعاية مبادرة «قصتها» و«Wiki Gap» بمناسبة اليوم الدولي للمرأة، وتحت مظلة برنامج «رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين» وحملة «لأنّي رجل» التابعين لهيئة الأمم المتحدة للمرأة والممولين من الوكالة السويدية للتنمية.
أكثر من 250 شاباً شاركوا في الحرم اليوناني التابع للجامعة الأميركية في القاهرة، والكل يحمل أدواته التكنولوجية استعداداً لخوض السباق التحريري لكتابة مقالات عن المرأة ورفض التمييز الجنسي.
من جانبه، ألقى السفير السويدي لدى مصر يان ثيسليف كلمة في بداية «الإيديتاثون»، أعرب فيها عن سعادته بإقبال الشباب المصري على المشاركة الفعالة في الحدث قائلاً: «علينا جميعاً أن ندرك أنّ المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل كله، وهنا تكمن الأهمية؛ ولكن للأسف، فإنّ المرأة ليست ممثلة بشكل جيد في كل المجالات، كما أنّ شبكات الإنترنت ليست عادلة (جندرياً)». وتابع موجّهاً حديثه للفتيات المشاركات: «عليكن الفخر بإنجازاتكن وتدوينها عبر شبكة الإنترنت». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال السفير السويدي: «تأتي مشاركة السفارة دعماً لمبادرة الخارجية السويدية (ويكي غاب) لمزيد من العدالة في المحتوى النسوي عبر الإنترنت. هناك 25 في المائة فقط من مقالات (ويكيبيديا) خاصة بالنساء، ويبلغ تعداد العاملات في التحرير على الموقع 10 في المائة فقط؛ ولهذا نعقد ورش تحرير جماعية في القاهرة والإسكندرية». وأضاف: «جئت إلى مصر منذ 18 سنة، وما لمسته لدى عودتي أنّ شيئاً واحداً فقط لم يتغير، وهو أنّ مصر لا تزال تحتضن قدرات شبابية هائلة».
مينا رأفت، أحد الشباب المشاركين في ورشة «قصتها»، جاء من محافظة الفيوم قاطعاً طريقاً مدته نحو ساعة ونصف الساعة، كان يجوب بين المشاركين للمساعدة التقنية، وعن سبب حماسه للمشاركة في اليوم العالمي للمرأة قال لـ«الشرق الأوسط»: «جئت لأنّني رافض للتمييز المجتمعي ضد الفتيات والنساء. وأردت أن أكون جزءاً من هذا التغيير».
كتب مينا مقالاً عن «التمييز المجتمعي ضد النساء حول العالم»، كما كتب غيره من الشباب عن الفارق بين مفهوم «الجندر» أو «النوع» و«الجنس»، وأيضا دُوّنت مقالات عن تجارب سيدات ناجحات من مختلف الجنسيات. نورا شويمي، من المدونين المحترفين في «ويكيبيديا» وعضو بفريق الباحثين المصريين، جاءت للمشاركة وكتابة مقالات مترجمة رغبة منها في رفد المحتوى الإلكتروني بالمزيد من المقالات عن نساء ملهمات أثّرن فيها. بينما جاءت سلمى محمد فهمي، للمشاركة والكتابة عن الباحثات المصريات في مجال العلوم والهندسة، وتقول: «هناك الكثير من الفتيات اللواتي حقّقن إنجازات علمية، لكن لا يدوّن أو يكتبن عن أنفسهن، على الرغم من أنهن قد يكن قدوة يُحتذى بها. واليوم قررت أن أكتب عن الباحثات المصريات».
بينما أكدت بليرتا أليكو، ممثلة هيئة الأمم المتحدة: «تقع علينا المسؤولية كحكومات وهيئات في تحقيق المساواة بين الجنسين»، ووجّهت حديثها للشباب المصري المشارك: «أنتم المستقبل كشباب واع بأهمية المساواة بين الجنسين». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا في عام 2016 في السويد، وكان الهدف هو كسر الفجوة المعرفية الكبيرة بين وجود الجنسين على الإنترنت وتحديداً (ويكيبيديا)، وهو سادس أكثر موقع زيارة على مستوى العالم». ولفتت أليكو إلى أنّ «مصر ثاني دولة تستخدم موقع (ويكيبيديا) على مستوى العالم، وأنّها تسجل 39 مليون زيارة يومياً، في حين أن نحو 4 في المائة فقط من المقالات باللغة العربية، لذا هنالك أمر خطأ في هذه المعادلة». وأفادت بأنّ هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعكف على تمكين النساء وتعميم التجربة من مصر إلى العالم العربي.
من أهم النتائج التي عرضتها الدراسة، أنّ غالبية الرجال والنساء يتقبلون العنف بحجة الحفاظ على شكل الأسرة، وعن ذلك تقول أليكو «بكل أسف، حين يشاهد الأطفال كل هذا العنف، فإنّهم يمارسونه عندما يكبرون على أسرهم. وهذا ما يسمّى بحلقة العنف». وتضيف: «مسؤوليتنا هي في دعم اختيارات الفتيات، وأن تكون الواحدة منهنّ مدركة تماماً لحقوقها. فقد أظهرت النتائج أن واحدة من بين كل خمس نساء تعرضت للعنف؛ لذا نعول على حملة (لأنّي رجل) التي تبرز الأمثلة الإيجابية مثل محمد صلاح، لتعزيز مفهوم أنّ الرجولة لا ترتبط بالعنف ضد المرأة».
وعن حملة «قصتها»، قال عماد كريم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نود أن نضاعف المعرفة عن المرأة خلال عامين، لذا نحن ننظّم ورش كتابة جماعية، ونعمل على مدار العام، ويمكن للمتطوعين المشاركة من أي مكان في مصر أو حول العالم طالما لديهم جهاز متصل بالإنترنت». وأضاف: «أهمية التدوين عن المرأة هو أن التأثير سيمسّ 20 مليون زائر عربي ينقر على موقع (ويكيبيديا)، لأنّه إذا لم تجد الفتيات مثلاً أعلى لها فإنها لن تطمح في أن تكون مؤثرة في مجتمعها. مسؤوليتنا نحن الرجال أن نكتب عن المرأة لإصلاح ما أفسدناه».
بينما أكدت مي هاشم من «ويكيبيديا مصر» وأحد مؤسسي حملة «قصتها»، لقد كتب المتطوعون على مدار الشهر الماضي 260 مقالاً عن «الجندر»، وترجموا 300 ألف كلمة، وتسعى حملة «قصتها» التي انطلقت عام 2016 عبر 40 دولة حول العالم للتقليل من الفجوة المعرفية عن المرأة بشكل عام، وتابعت: «ركزت المقالات هذا العام على تناول موضوعات مقالات عن المرأة الريفية وشخصيات ملهمة».
هذا وقد أقامت منظمة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة والسفارة السويدية في مصر، عدداً من الفعاليات التي تحتفي باليوم العالمي للمرأة، من بينها معرض فني بعنوان «لأنّي أب» وندوة عن «المدن الآمنة» ضد التحرش الجنسي.