ترمب يرشح بومبيو وزيراً للخارجية وهاسبل لرئاسة الاستخبارات

أقال تيلرسون فور عودته من جولة أفريقية مختصرة لخلافات أبرزها الملف النووي الإيراني

ترمب يعلّق على إقالة وزير خارجيته قبل مغادرته إلى كاليفورنيا... وفي الإطار تيلرسون ملقياً كلمة الوداع أمس (إ.ب.أ)
ترمب يعلّق على إقالة وزير خارجيته قبل مغادرته إلى كاليفورنيا... وفي الإطار تيلرسون ملقياً كلمة الوداع أمس (إ.ب.أ)
TT

ترمب يرشح بومبيو وزيراً للخارجية وهاسبل لرئاسة الاستخبارات

ترمب يعلّق على إقالة وزير خارجيته قبل مغادرته إلى كاليفورنيا... وفي الإطار تيلرسون ملقياً كلمة الوداع أمس (إ.ب.أ)
ترمب يعلّق على إقالة وزير خارجيته قبل مغادرته إلى كاليفورنيا... وفي الإطار تيلرسون ملقياً كلمة الوداع أمس (إ.ب.أ)

بعد ساعات من اختصاره جولة رسمية إلى أفريقيا وعودته إلى واشنطن بسبب «مقتضيات في برنامجه»، تلقى وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون صباح أمس خبر إقالته من منصبه ليأتي بدلا منه مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه» مايك بومبيو.
وفي تغريدة من 46 كلمة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب صباح أمس عن تعيين بومبيو وزيرا للخارجية، شاكرا تيلرسون على خدمته، ومرشّحا جينا هاسبيل لإدارة «سي آي إيه» بصفتها أول امرأة تشغل هذا المنصب. وقال ترمب: «سيصبح مايك بومبيو مدير (سي آي إيه) وزير خارجيتنا الجديد. سيقوم بعمل رائع. شكرا لريكس تيلرسون على خدمته! جينا هاسبل ستصبح مديرة (سي آي. إيه)، وأول امرأة يتم اختيارها للمنصب. تهانيّ للجميع».
ولم يتأخر ترمب في الرد على أسئلة الصحافيين الذين فاجأهم توقيت القرار، بإدلائه بتصريحات مباشرة قبل توجهه إلى كاليفورنيا. وفي تعليقه على قرار إقالة تيلرسون، أشار ترمب إلى ملف الاتفاق النووي الإيراني كقضية خلاف رئيسية بين الرجلين، وقال: «كنا متفقين بشكل جيد لكن اختلفنا حول بعض الأمور»، مضيفا: «بالنسبة إلى الاتفاق (النووي) الإيراني، أعتقد أنه رهيب بينما اعتبره (تيلرسون) مقبولا، وأردت إما إلغاءه أو القيام بأمر ما، بينما كان موقفه مختلفا بعض الشيء، ولذلك لم نتفق في مواقفنا»، لافتا إلى أنه يعتقد «أنه سيكون أكثر سعادة الآن».
في المقابل، مدح ترمب بومبيو، العسكري السابق وعضو الكونغرس الذي قاد الـ«سي آي إيه» لنحو 14 شهرا، وقال إنه يقوم بـ«عمل رائع». وأوضح: «عملت طويلا مع مايك بومبيو، وهو رجل ذكي ودائما نتفق على رؤيتنا للأمور وهذا ما أريده، وأتمنى لتيلرسون الأفضل، وأنا أقترب من الحصول على الإدارة التي أريدها». وأضاف أن بومبيو الذي تجمعه بالرئيس «كيمياء وتفاهم كبير» «سيواصل برنامجنا بإعادة مكانة أميركا في العالم وتقوية تحالفاتنا، ومواجهة خصومنا، والسعي إلى نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية»، واصفا مرشحه الجديد لوزارة الخارجية بـ«الشخص المناسب لهذه الوظيفة في هذا المنعطف الحاسم»، وداعيا إلى الإسراع في تأكيد تعيين بومبيو، استعدادا لمرحلة من المحادثات الحساسة.
وفي بيان أصدره البيت الأبيض، ذكر الرئيس أنه «فخور بتعيين بومبيو ليكون وزير خارجيتنا الجديد. وبصفته مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية، فقد نال مايك بومبيو ثناء الأعضاء من كلا الحزبين عبر تعزيز جمع المعلومات الاستخباراتية وتحديث قدراتنا الدفاعية والهجومية، وبناء علاقات وثيقة مع أصدقائنا وحلفائنا». بدوره، أصدر بومبيو بيانا قال فيه إنه «ممتن» لاختيار ترمب له لشغل منصب وزير الخارجية، ويتطلع إلى توجيه الهيئة الدبلوماسية إلى صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية للرئيس.
ويعد بومبيو من أشد المعارضين للاتفاق النووي الإيراني، وعُرف بمواقف متشددة ضد إيران خلال عمله عضوا في الكونغرس وكان من أكثر المنتقدين الجمهوريين للسياسة الخارجية للرئيس السابق باراك أوباما في منطقة الشرق الأوسط.
وخلال عمله مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية، وصف بومبيو إيران بأنها «دولة بوليسية مدمرة»، مشجعا الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إدارة أوباما. ووعد بومبيو بتضيق موارد إيران المالية، وقدرتها على جذب الاستثمارات. وفي تصريحات له في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أبدى بومبيو امتعاضه من الاتفاق النووي مع إيران، وقال إنه يمكن لمجتمع الاستخبارات الأميركية، بالتعاون مع وزارة الخزانة، أن يجعل من الصعب على طهران التدخل في الشؤون الإقليمية بالشرق الأوسط عن طريق تسليط الضوء على الشركات الإيرانية التي تجمعها علاقات بالحرس الثوري الإيراني. وعقب ترشيحه مديرا لـ«سي آي إيه» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، حذر بومبيو من أن طهران لديها نية «تدمير أميركا»، ووصف الاتفاق النووي بـ«الكارثي».
وعمل بومبيو (54 عاما)، الذي تخرج في جامعة «ويست بوينت» العسكرية، في الجيش الأميركي منذ عام 1986 إلى عام 1991. وحصل على شهادة في القانون من جامعة هارفارد عام 1994. كما عمل رئيسا لشركة بيع معدات لاستخراج النفط، قبل أن يتّجه إلى عالم السياسة. وأصبح نائبا للمقاطعة الرابعة في ولاية كنساس في يناير (كانون الثاني) 2011 وحتى عام 2017 حين اختير لمنصب مدير لوكالة الاستخبارات المركزية. وكان بومبيو قد أثار إعجاب ترمب خلال جلسات الإحاطة اليومية، وأصبح مستشارا موثوقا للرئيس الأميركي في مجالات تتجاوز عمل الاستخبارات إلى قضايا تتعلق بالرعاية الصحية مثلا.
ولم يكن تيلرسون المسؤول الوحيد في وزارة الخارجية الأميركية الذي أقيل أمس، فقد لقي مساعده ستيف غولدشتاين المصير نفسه بعد أن قال في بيان إن «وزير الخارجية الأميركي تيلرسون كان لديه نية قوية للبقاء في منصبه بسبب التقدم الملموس الذي تم إحرازه في قضايا الأمن القومي الحاسمة، وأنه سوف يفتقد زملاءه في وزارة الخارجية». وأضاف غولدشتاين في تغريدة على «تويتر» أن وزير الخارجية لم يتحدّث مع الرئيس هذا الصباح ولا يعلم السبب (سبب إقالته)، لكنه ممتن لفرصة الخدمة، ولا يزال يؤمن بأن الخدمة العامة عمل نبيل ولا يُندم عليه.
ولم ينتظر ترمب طويلا عقب هذه التصريحات ليصدر قراره بطرد غولدشتاين أيضا من منصبه. ولم يتم الكشف عن السبب، ولكن مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية قالوا إن ترمب هو الذي اتخذ القرار، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال غولدشتاين في رد فعل على ذلك: «لقد كان (عملي في الوزارة) أعظم شرف في حياتي، وأنا ممتن للرئيس ولوزير الخارجية على هذه الفرصة، وأتطلع للحصول على فترة راحة».
وذكرت مصادر من البيت الأبيض لوسائل إعلام محلية أن الرئيس ترمب اتخذ قرار طرد تيلرسون، الرئيس السابق لشركة إكسون النفطية، في أعقاب الإعلان عن قمة مرتقبة مع كوريا الشمالية، لأنه يريد تشكيل فريق جديد للتعامل مع هذا التحول اللافت في العلاقات. وكان تيلرسون بعيدا آلاف الأميال ويقوم بجولة في أفريقيا، عندما اتخذ ترمب قراره المفاجئ بلقاء كيم، فعلق جولته بحجة أنّه «يشعر بتوعك».
كما ذكر الإعلام المحلّي أن أعضاء جمهوريين في الكونغرس لم يتلقوا إشارات سابقة حول إقدام ترمب على إقالة تيلرسون، وفوجئوا باستبدال مايك بومبيو بتيلرسون واختيار جينا هاسبل مديرا لـ«سي آي إيه» في تغريدة الرئيس الصباحية. وقال أحد كبار المساعدين الجمهوريين إن معظم النواب وأعضاء مجلس الشيوخ علموا بالقرار من «تويتر». ويتوقّع أن يعجّل الكونغرس بعقد جلسة تعيين بومبيو، الذي لن يواجه على الأرجح اعتراضات كثيرة، خاصة مع تاريخه في العمل بمجلس النواب ومواقفه القوية من إيران وكوريا الشمالية، إضافة إلى خبرته مديرا لـ«سي آي إيه». وتوقّع البعض عقد جلسة التعيين بحلول شهر أبريل (نيسان) المقبل.
وأشاد أعضاء جمهوريون في الكونغرس بخيار ترمب، في مقدمتهم السيناتور توم كوتون الذي أصدر بيانا يثني فيه على بومبيو، والسيناتور ليندسي غراهام الذي قال: «لا يمكنني التفكير في خيار أفضل لمنصب وزير الخارجية من مايك بومبيو، لا أحد لديه علاقة قوية مع الرئيس ترمب أكثر من بومبيو. وهذه العلاقة ستمكنه من العمل بكفاءة في المنصب الجديد». بدورها، أعربت مبعوثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي عن حماستها لتعيين بومبيو، وقدمت في تغريدة تهانيها إلى هذا «الصديق».
في المقابل، انتقد الديمقراطيون التغييرات الكثيرة و«فوضى» الإقالات والاستقالات داخل الإدارة الحالية. وقالت السيناتور ديان فاينشتاين «ثمة نمط سائد وممارسة لطرد أي شخص يختلف معه هذا الرئيس في سياسته، ويبدو أن هذا ما حدث مع الوزير تيلرسون».
واتّسمت فترة عمل تيلرسون بالخارجية بكثير من الاضطراب، كما تلقى انتقادات حادة لدى تعامله مع سلسلة أزمات سياسية معقدة، شملت التجارب النووية الكورية الشمالية والتوتر الغربي - الروسي، والحرب في سوريا، والمقاطعة الخليجية - العربية لقطر لدعمها الإرهاب، والهجوم على دبلوماسيين أميركيين في كوبا وغيرها. ولم تقتصر الانتقادات التي تلقاها على دبلوماسيين سابقين الذين انتقدوا موقفه من تخفيض التمويل المخول لوزارة الخارجية، بل شمل الرئيس ترمب نفسه. وقد بدا تهميش ترمب لتيلرسون واضحا في عدة مواقف، آخرها كان من القمة الأميركية - الكورية المرتقبة، إذ استبعد وزير الخارجية حصول أي مباحثات بين الطرفين قبل يوم واحد من الإعلان الرسمي عن القمة.
وأجبر تيلرسون مرارا على نفي خلافه مع ترمب، وتعهد بالبقاء في منصبه رغم المعلومات التي تسربت عن وصفه مرة ترمب بـ«المغفل»، كما نفى أكثر من مرة أنباء عن قرب إقالته، مؤكدا عزمه البقاء في المنصب. ومع الإعلان عن إقالته، فإن ريكس تيلرسون سيكون الوزير الذي أمضى أقصر فترة في منصبه، لم تتجاوز 14 شهرا، مقارنه بجميع وزراء الخارجية السابقين على مدى 120 عاما.
وفي كلمته الوداعية، قال تيلرسون أمس إنه سينقل كل صلاحياته إلى نائبه، وسيغادر منصبه في نهاية الشهر.
وأضاف تيلرسون للصحافيين في وزارة الخارجية أن «أهم شيء هو ضمان الانتقال المنظم والسلس في وقت لا تزال تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة على صعيدي السياسة والأمن القومي».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».