ليبيا: إحصاءات تكشف «عزوفاً» عن التسجيل للانتخابات

الجيش يعلن الحياد في سبها ويتعهد القضاء على الإرهاب في درنة

الناطق باسم الجيش الليبي يتحدث إلى الصحافيين في بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
الناطق باسم الجيش الليبي يتحدث إلى الصحافيين في بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: إحصاءات تكشف «عزوفاً» عن التسجيل للانتخابات

الناطق باسم الجيش الليبي يتحدث إلى الصحافيين في بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)
الناطق باسم الجيش الليبي يتحدث إلى الصحافيين في بنغازي أول من أمس (أ.ف.ب)

طالب ممثلون عن المنطقتين الجنوبية والغربية في ليبيا، المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، بالتدخل فوراً لتحقيق الاستقرار في البلاد، فيما أعلن الجيش على لسان الناطق باسمه الحياد في الاشتباكات المسلحة في مدينة سبها بجنوب ليبيا، قبل أن يتعهد بالقضاء على الإرهاب في مدينة درنة معقل الجماعات المتطرفة شرقاً.
وتزامنت هذه التطورات مع عزوف الناخبين الليبيين في الخارج عن التسجيل للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والتشريعية التي تخطط بعثة الأمم المتحدة لإجرائها قبل نهاية العام الحالي، حيث أظهرت النتائج التي أعلنتها المفوضة العليا للانتخابات تسجيل نحو 6 آلاف ناخب ليبي في الخارج فقط أسماءهم.
وأغلق باب تسجيل الناخبين خارج ليبيا، حيث اكتفى 6092 ناخباً وناخبة فقط بتسجيل أسمائهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وفق إحصائية رسمية قدمتها المفوضية العليا للانتخابات حول عدد المسجلين في الخارج في الفترة من مطلع الشهر الماضي وحتى أول من أمس.
وتعنى هذه الإحصائية الرسمية أن عدد من سجلوا أسماءهم في الانتخابات، بعد تمديد عملية التسجيل، اقتصر على نحو ألف ناخب جديد فقط، علماً بأن عدد الليبيين في الخارج الذين سجلوا في السجل الانتخابي بلغ 5 آلاف شخص، منذ فتح باب التسجيل في الأول من فبراير (شباط) الماضي.
وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، التي اعترفت الشهر الماضي بأن منظومة التسجيل بالخارج سجلت إقبالاً متواضعاً في التسجيل والمشاركة، قد أطلقت في المقابل حملة إعلامية لتشجيع الليبيين في الخارج على الانخراط في العملية الانتخابية المقبلة، لكن هذه الحملة باءت على ما يبدو بالفشل.
وقامت «مفوضية الانتخابات» في السادس من ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بفتح عملية التسجيل للناخبين في الداخل لمدة شهرين، وتخطى عدد المسجلين 2.4 مليون ليبي، وهو رقم يتخطى نسبة 50 في المائة من الناخبين الذين يحق لهم قانوناً التصويت في أي عملية انتخابية.
وتسعى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى دعم عملية إجراء انتخابات قبل نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، وفق ما أعلنه رئيسها غسان سلامة نهاية العام الماضي، في إطار خطة أقرها مجلس الأمن الدولي تتضمن الدخول في جولة مفاوضات نهائية لتعديل الاتفاق السياسي المتعثر المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015، بالإضافة إلى وضع خريطة طريق لإنهاء المرحلة الانتقالية، تنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.
وتأمل الأمم المتحدة في أن تساعد الانتخابات على إرساء الاستقرار في ليبيا، التي سقطت في حالة من الفوضى بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 2011.
ويمثل إجراء الانتخابات تحدياً كبيراً في بلد لا يزال منقسماً بين فصائل عسكرية وسياسية، وحيث تتصارع حكومتان على السلطة منذ التشكيك في نتائج انتخابات أجريت في 2014، والوضع الأمني سيئ في كثير من مناطق ليبيا.
وأعرب محللون عن شكوكهم إزاء قدرة الانتخابات على إنهاء الانقسامات، وقالوا إنها يمكن أن تزيد التوترات بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، بينما سيتعين على الأرجح الموافقة على قانون انتخابي جديد، وإجراء استفتاء على الدستور قبل الانتخابات الوطنية.
وشككت أطراف مشاركة في آخر انتخابات شهدتها ليبيا عام 2014 في نتائجها، مما زاد حدة الصراع الذي نشأ بعد انتفاضة 2011 وأدى إلى تأسيس حكومتين متنافستين في طرابلس وفي شرق البلاد.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش الذي يقوده المشير حفتر، إن أعيان وحكماء ومشايخ ومؤسسات المجتمع المدني في المنطقتين الجنوبية والغربية طالبوه بالتدخل الفوري والعاجل لبسط الأمن. وقالت الوكالة، التي لم توضح متى وأين تمت هذه المطالبة، إنهم أكدوا رفعهم الغطاء الاجتماعي عن كل من تسوّل له نفسه إشاعة الفوضى والجريمة.
وكان الناطق باسم الجيش العميد أحمد المسماري، قد اعتبر أن العملية العسكرية التي أطلقها حفتر تحت اسم «فرض القانون» في سبها تهدف إلى ضبط الأمن، قبل أن يؤكد حياد الجيش بين القبائل المتصارعة في الجنوب بقوله «إن الجيش لا يدعم أي طرف على حساب الآخر في النزاع الدائر بالجنوب الليبي».
وأضاف المسماري، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في مدينة بنغازي، أن قوات الجيش تتعامل بقوة وحزم مع عصابات تشادية وسودانية تمارس الحرابة والتهريب في الجنوب، لافتاً إلى وجود ما سماه بعصابات عديدة تمارس الجريمة العابرة للحدود في سبها.
ومع ذلك، أكد المسماري نجاح الجيش في تخفيف حدة الاشتباكات في مدينة سبها وإنهاء تدفق الآليات المسلحة والأفراد إليها، لافتاً إلى أن الجيش يعتزم تطبيق القانون عقب انتهاء مهلة الأيام التسع الممنوحة للعصابات المسلحة هناك بحلول يوم السبت المقبل.
وأعلن مركز سبها الطبي استقباله أمس لجريحين بإصابات خفيفة، كما نفى وفاة طفلة في الاشتباكات الأخيرة داخل سبها، مؤكداً أنه تم نقلها لاستكمال العلاج في العاصمة طرابلس، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الاشتباكات المسلحة المتقطعة التي تشهدها المدينة إلى 7 قتلى و34 جريحاً، منذ الرابع من هذا الشهر.
كما تعهد المسماري بالقضاء على الإرهاب في مدينة درنة التي تتحصن فيها الجماعات المتطرفة في الشرق، وقال إن الجيش يواصل عملياته العسكرية هناك لحين القضاء على الإرهاب بشكل نهائي. واتهم التيار الإسلامي الذي يقوده من وصفهم بـ«الإخوان المفسدين في ليبيا»، بالترويج لتقسيم البلاد، مؤكداً في المقابل أن قوات الجيش الوطني لن تقبل بذلك ولو على حساب أرواح مقاتليها.
وقال إن المصالحة الوطنية لا تشمل الإرهابيين من تنظيمي داعش والقاعدة، قبل أن يؤكد دعم الجيش لإجراء الانتخابات المقبلة، وتقبل نتائجها مهما كانت، على حد تعبيره. كما أكد المسماري أن غرفة عمليات عمر المختار، وهي قوة تابعة للجيش، «نجحت بالتعاون مع السرب العمودي بسلاح الجو من ضبط باخرة أجنبية بالقرب من درنة»، دون أن يحدد جنسيتها. وتابع أنه «تم القبض على ربان الباخرة، وهو سوري الجنسية، وأفراد طاقمها وهم من الجنسية التركية».
وأضاف أنه «يتم الآن التحقيق مع طاقم الباخرة»، مرجحاً «أن يكون هناك ارتباط بين الأتراك الذين ضُبطوا على متنها والجماعات الإرهابية في درنة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».