المغرب: حديث عن محاولات لـ«تسييس» احتجاجات جرادة

بعد دعوة متظاهرين إلى مسيرة نحو الرباط

نسوة يشاركن في مظاهرة احتجاجية في جرادة بشرق المغرب الشهر الماضي (رويترز)
نسوة يشاركن في مظاهرة احتجاجية في جرادة بشرق المغرب الشهر الماضي (رويترز)
TT

المغرب: حديث عن محاولات لـ«تسييس» احتجاجات جرادة

نسوة يشاركن في مظاهرة احتجاجية في جرادة بشرق المغرب الشهر الماضي (رويترز)
نسوة يشاركن في مظاهرة احتجاجية في جرادة بشرق المغرب الشهر الماضي (رويترز)

عادت أجواء التوتر لتخيم من جديد على مدينة جرادة الواقعة شرق المغرب، وذلك بعد دعوة نشطاء إلى إضراب عام أمس الاثنين احتجاجاً على اعتقال السلطات 3 من شباب الحراك الذي تشهده المنطقة منذ فترة. كما سُجّل خروج مسيرة حاشدة أول من أمس الأحد قال منظموها إنهم كانوا يعتزمون التوجه بها، سيراً، نحو العاصمة الرباط، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، رغم أن النائب العام أكد في بيان أن اعتقال أحد النشطاء لا علاقة له بالأحداث التي تشهدها المدينة وإنما بحادث مرور.
وقال محمد القاسمي، أحد النشطاء في مدينة جرادة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإضراب العام كان ناجحاً، واستجاب له معظم أصحاب المحال التجارية»، مشيراً إلى أن إغلاق بعض التجار محالهم كان بالأساس بدافع الخوف من انفلات الأمور وتدهور الأوضاع بسبب تجدد الاحتجاجات. أما بخصوص المسيرة التي كان مقرراً لها التوجه نحو الرباط، فقال القاسمي إنها وصلت إلى حدود مدينة العيون الشرقية، ثم عاد المشاركون فيها إلى جرادة، موضحاً أنه حدث تغيّر في مجريات الأحداث في جرادة بعد تغيّر الوجوه التي قادت الحراك في البداية، والتي كانت قد عقدت لقاءات مع المسؤولين بعد زيارة وفد حكومي للمنطقة وإطلاق مشروعات اقتصادية تلبية لمطالب السكان. وتابع القاسمي أن نشطاء الحراك قرروا بعد تلك الزيارة إنشاء لجنة تتابع تنفيذ تلك المشروعات بموازاة مواصلة برنامج احتجاج «معقلن»، على حد وصفه. وأضاف القاسمي أنه لوحظ أن «جهات سياسية» تسعى إلى تأزيم الأوضاع وشحن شباب المدينة، واتهام النشطاء الذين قادوا الحراك منذ بدايته بالخيانة والإذعان للمسؤولين، و«قد نجحت في ذلك».
وعبّر الناشط المغربي عن تخوفه من أن تتخذ الاحتجاجات في جرادة المسار نفسه الذي اتخذته في مدينة الحسيمة، وحدوث مواجهات بين الأمن والمتظاهرين، ما أدى إلى اعتقال ومحاكمة العشرات، مشيراً إلى أن جهات سياسية بينها جماعة «العدل والإحسان» الإسلامية شبه المحظورة وحزب «النهج الديمقراطي» اليساري، وتيارات سياسية أخرى، تدفع في اتجاه «تسييس احتجاجات جرادة» رغم أن شباب الحراك الذين خرجوا قبل 3 أشهر «متشبثون بأن يبقى تحركهم في حدود ما هو اجتماعي واقتصادي، وألا تنفلت الأمور نحو الأسوأ». وأشار إلى صعوبة إقناع بعض الشباب بعدم الانسياق وراء «المحرضين» لأنه من السهل، من وجهة نظره، «شحن عدد من السكان وبيع الوهم لهم ودفعهم إلى التشكيك في المشروعات التي أطلقتها الحكومة، بسبب ضعف المستوى التعليمي» لدى بعض المشاركين في الاحتجاجات. وكانت وفاة عمّال يعملون في مناجم عشوائية لاستخراج الفحم الحجري، سببا مباشرا في اندلاع الاحتجاجات في جرادة الواقعة على بعد 60 كيلومترا من مدينة وجدة، كبرى مدن شرق المغرب، والتي كان يوجد بها منجم فحم كبير يشغّل آلاف العمّال، إلى أن اتخذ قرار بإغلاق شركة «مفاحم المغرب» عام 2001 من دون توفير بديل اقتصادي للمنطقة. وساهمت هذه الخطوة في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في جرادة، في حين استمرت المعاناة الصحية للعمال الذين استمر عدد منهم في استخراج الفحم من مناجم مهجورة بطرق عشوائية أدت إلى وفاة عدد منهم خلال السنوات الماضية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.