برلمان الصين يكرس شي رئيساً مدى الحياة

تعديل دستوري يلغي الحد الأقصى لفترات الرئاسة ويمنح القائد سلطات شبه مطلقة

الرئيس شي يدلي بصوته حول التعديل الدستوري في مجلس الشعب ببكين أمس (رويترز)
الرئيس شي يدلي بصوته حول التعديل الدستوري في مجلس الشعب ببكين أمس (رويترز)
TT

برلمان الصين يكرس شي رئيساً مدى الحياة

الرئيس شي يدلي بصوته حول التعديل الدستوري في مجلس الشعب ببكين أمس (رويترز)
الرئيس شي يدلي بصوته حول التعديل الدستوري في مجلس الشعب ببكين أمس (رويترز)

مهّد البرلمان الصيني الطريق أمام شي جينبينغ للبقاء رئيساً مدى الحياة في الصين، بإلغائه أمس الحد الأقصى للفترات الرئاسية، ومنح شي سلطة شبه مطلقة من أجل تطبيق رؤيته لتحويل البلاد إلى قوة عظمى، اقتصادياً وعسكرياً. وبذلك سيبقى شي، أقوى رئيس صيني منذ ربع قرن على الأقل، على رأس الدولة بعد انتهاء ولايته في 1923. وتنهي الخطوة حقبة القيادة «الجماعية» والخلافة المنظمة التي أرساها القائد السابق دينغ شياوبينغ لضمان الاستقرار، وتجنب أي عودة للحكم الديكتاتوري لعهد مؤسس الشيوعية في الصين ماو تسي تونغ.
وقد حظي التعديل الدستوري التاريخي بتأييد مطلق في البرلمان، بموافقة 2958 نائباً، مقابل معارضة نائبين وامتناع 3 عن التصويت، رغم سيل من انتقادات غير اعتيادية على شبكة الإنترنت سارعت أجهزة الرقابة إلى منعها. وكان شي أول من أدلى بصوته في قاعة الشعب الكبرى في بكين في صندوق أحمر، وسط تصفيق أعضاء مجلس الشعب مع كل عملية اقتراع على تعديل الدستور من أجل إلغاء الحد الأقصى لولايتين رئاسيتين من 5 سنوات. وكان متوقعاً للتعديل الدستوري الأول منذ 14 عاماً أن يمر بسهولة في البرلمان الذي لم يصوت يوماً ضد أي نص يطرحه الحزب الشيوعي منذ إنشائه قبل نصف قرن. وقال جو تشيوتشن، وهو ممثل مقاطعة هيلونغجيانغ في شمال شرقي البلاد: «إنها الإرادة الملحة لعامة الشعب»، مكرراً مقولة الحزب الشيوعي الذي يعتبر أن تعديل الدستور يحظى بتأييد جامع لدى العامة.
وأحكم شي (64 عاماً) قبضته على السلطة منذ أن أصبح أميناً عاماً للحزب الشيوعي في 2012، وهو أعلى منصب يتسلمه. وعلى الرغم من أن مدة شغل المنصب غير محددة، فإن سلفيه اكتفيا بولايتين، في تقليد أرساه القائد السابق دينغ شياوبينغ. وتُعد الرئاسة في الصين منصباً فخرياً إلى حد بعيد، إلا أن الدستور الذي يضع حداً أقصى للفترات الرئاسية كان يفرض على شي التخلي عن الرئاسة في 2023. لكن شي، وبعد تعديل البرلمان للدستور، بات الآن بوسعه البقاء إلى ما لا نهاية من أجل تطبيق رؤيته للصين المتجددة كقوة عالمية ذات جيش «من الأقوى عالمياً» بحلول منتصف القرن الحالي. ومنذ توليه قيادة الحزب الشيوعي الصيني في نهاية 2012، ثم رئاسة الدولة مطلع 2013، عزز شي سلطة النظام. وقد صدر قانون يقمع بقسوة أي معارضة على الإنترنت، وصدرت أحكام قاسية بالسجن على مدافعين عن حقوق الإنسان. لكن شي يتمتع بشعبية لدى الشعب الصيني، لا سيما بسبب حملة القمع التي شنها ضد الفساد، وطالت أكثر من مليون شخصية رسمية في الحزب، وتهميش منافسين محتملين له.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وو تشاينغ قوله: «أعتقد أنه كان يخوض انقلاباً ناعماً خلال السنوات الخمس الماضية، بجعله المكتب السياسي مجرد هيئة صورية»، في إشارة إلى المكتب السياسي الواسع النفوذ في البلاد، الذي يضم 25 عضواً، وأضاف: «يريد (شي) أن يحول دون تولي تكنوقراط مثل جيانغ (زيمين) وهو (جينتاو) السلطة»، في إشارة إلى سلفي الرئيس الصيني.
وفيما انصب الاهتمام على إلغاء الحد الأقصى للفترات الرئاسية، فإن التعديلات تشمل كذلك بنوداً أساسية تدرج «فكر شي جينبينغ» في الدستور، وكذلك توسيع صلاحيات الحزب الشيوعي في إدارة شؤون البلاد. وفي تقرير مكتوب، قال رئيس اللجنة الدائمة في البرلمان الصيني جانغ ديجيانغ إن التعديلات «ستضمن تحسين الدستور وتطويره لمواكبة العصر، وتأمين ضمانة دستورية صلبة من أجل تدعيم الاشتراكية وتطويرها بالخصائص الصينية في الحقبة الجديدة». كما يرى النائب عن هوبي (وسط) لي بيلين أن هذا التغيير «قد يرى فيه الغرب خطوة إلى الوراء، لكن الصين تركز على هدفها النهائي، وطريقة الوصول إليه»، مشدداً على الحاجة إلى زعيم «قوي» قادر على «ضرب الفساد وفرض إصلاحات».
ويقول الحزب الشيوعي إن الخطوة تُلحق الرئاسة بمنصبي أمين عام الحزب الشيوعي والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهما منصبان لا مدة محددة لشغلهما، معتبراً أن الجماهير تجمع على إلغاء الحد الأقصى للفترات الرئاسية، لكن الاقتراح بقي سرياً إلى أن تم الكشف عنه في تقرير للإعلام الرسمي في 24 فبراير (شباط) الماضي، أي قبل أسبوع من افتتاح الدورة البرلمانية. وأعلن الحزب في وقت لاحق أن شي ترأس اجتماعاً للمكتب السياسي في سبتمبر (أيلول) الماضي، قررت خلاله القيادة مراجعة الدستور.
وسعى الحزب إلى جمع اقتراحات وآراء تكللت بقرار اتخذ أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، يقضي بإدخال تعديلات دستورية على مجلس الشعب الصيني. وقال دو يانلي، النائب عن مقاطعة شاندونغ في شرق البلاد، إن «شي جينبينغ أدار كثيراً من المشاريع الهامة، كالإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد. وهناك إجماع على تأييد منحه المزيد من الوقت لإتمام عمله». إلا أن الخطوة المفاجئة استدعت ردود فعل غاضبة على شبكة الإنترنت، ما دفع أجهزة الرقابة إلى منع عبارات وكلمات مثل: «أنا أخالف الرأي»، و«إمبراطور»، بالإضافة إلى صورة «ويني ذا بو»، الشخصية الكرتونية التي يتم تشبيه شي بها.
ويخشى الناشطون من أن يؤدي إلغاء الحد الأقصى للفترات إلى تشديد إضافي للرقابة الصارمة على وسائل الإعلام والمجتمع المدني والديانة، مع محاولة شي فرض رؤيته الآيديولوجية للشيوعية في مختلف أوجه المجتمع ونواحيه. واعتبر الناشط هو جيا، ومقره بكين، الذي يقول إن السلطات أجبرته على مغادرة العاصمة خلال انعقاد المؤتمر، أن التعديل الدستوري «مخالف للقانون»، مضيفاً أن «شي طلب من الجميع الانصياع للدستور، ثم استخدم التعديل ليضع نفسه فوق الدستور»، مشيراً إلى أنه «استخدم الدستور سلاحاً قانونياً ملزماً للمسؤولين والمواطنين».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».