مجلس الشيوخ الأميركي يتأهب للعدول عن قواعد أوباما المصرفية

أكبر ضربة تشريعية موجهة لقانون دود ـ فرانك

من المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتا إجرائيا مبدئيا خلال أيام للمضي قدما بتدابير القانون الجديد (رويترز)
من المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتا إجرائيا مبدئيا خلال أيام للمضي قدما بتدابير القانون الجديد (رويترز)
TT

مجلس الشيوخ الأميركي يتأهب للعدول عن قواعد أوباما المصرفية

من المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتا إجرائيا مبدئيا خلال أيام للمضي قدما بتدابير القانون الجديد (رويترز)
من المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتا إجرائيا مبدئيا خلال أيام للمضي قدما بتدابير القانون الجديد (رويترز)

يستعد مجلس الشيوخ الأميركي إلى تقليص اللوائح المصرفية الشاملة التي تم إقرارها في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، مع أكثر من اثني عشر عضوا ديمقراطيا على أهبة الاستعداد لمنح الأعضاء الجمهوريين الأصوات التي يحتاجون إليها، بغية إضعاف أحد أكبر الإنجازات التشريعية التي حققها الرئيس السبق باراك أوباما.
وتعكس رغبة مجلس الشيوخ في سحب اللوائح المصرفية الشاملة حجم نفوذ القطاع المالي داخل العاصمة واشنطن، وليس بين أروقة الجمهوريين فحسب وإنما في أوساط الديمقراطيين أيضا. فبعد مرور ثمان سنوات على دعم كل الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ المجموعة الواسعة من القواعد الجديدة للمؤسسات المالية الكبيرة والصغيرة، انقسم الحزب الديمقراطي الآن على ذاته، مع مواجهة كثير من المعتدلين منافسات محتدمة في انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس، وأصبحوا يتعاونون مع أعضاء الحزب الجمهوري المعارض.
ويعفي مشروع القانون الجديد، في جوهره، ما يقرب من اثنتي عشرة مؤسسة مالية كبيرة بأصول تتراوح بين 50 و250 مليار دولار من أعلى مستويات التدقيق والمراجعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي). ويرى المؤيدون لمشروع القانون الجديد أن ذلك التشريع سوف يحقق التخفيف الذي تنشده المصارف المتوسطة والكبيرة منذ فترة طويلة، والتي كانت تلقى معاملة بمثل التي تلقاها المصارف الأكبر حجما وفق تشريع عام 2010 السابق والمعروف إعلاميا باسم قانون دود - فرانك.
في حين أن المعارضين يقولون إن القانون الجديد سوف يعمل على إضعاف الرقابة المطلوبة لوقف أنواع الإقراض والاستثمار الخطيرة التي سببت تقويضا في أركان الاقتصاد الأميركي خلال الفترة الماضية.
ومن المقرر أن يجري مجلس الشيوخ تصويتا إجرائيا مبدئيا خلال الأسبوع الحالي للمضي قدما بتدابير القانون الجديد، وإن أصبح قانونا معمولا به في خاتمة المطاف، فسوف يعتبر أكبر ضربة تشريعية موجهة لقانون دود - فرانك منذ إقراره.

ردة تشريعية في ذكرى الأزمة!
وقالت السيناتور إليزابيث وارين، الديمقراطية من ولاية ماساتشوستس، في مقابلة شخصية: «في الذكرى العاشرة للأزمة المالية المروعة، لا ينبغي على الكونغرس تمرير القوانين المعنية بإضعاف قواعد الرقابة والمساءلة على مصارف وول ستريت. إذ يسمح مشروع القانون الجديد لنحو 25 من أصل 40 مصرفا كبيرا في البلاد بالفرار من التدقيق والمراجعة المكثفة، وتنظيم أعمالها كما لو كانت مصارف مجتمعية صغيرة الحجم والنطاق والتي لا يمكن أن يكون لها كبير تأثير على اقتصاد البلاد».
بينما يشير السيناتور جون تيستر، الديمقراطي من ولاية مونتانا، وهو عضو في لجنة المصارف بالكونغرس وأحد كبار مؤيدي مشروع القانون الجديد إلى أن «المصارف في ولاية الريفية إلى حد كبير قد خرجت من العمل المصرفي بصورة جزئية بسبب اللوائح التي أقرها قانون دود - فرانك من قبل».
ويضيف السيناتور تيست «إن مصارف مين ستريت، والمصارف المجتمعية إلى جانب الاتحادات الائتمانية لم تكن السبب المباشر في الأزمة المالية العالمية لعام 2008، ورغم ذلك فقد خضعت للرقابة التنظيمية بشكل كبير وصارم»، مشيرا إلى أنه ليس هناك مادة واحدة في هذا القانون تمنح وول ستريت انفراجة بأية صورة من الصور.
ويدحض النقاد مثل هذه المزاعم، مشيرين إلى أن الانقسام الظاهر في الحزب الديمقراطي بشأن اللوائح المالية التي تثير حفيظة الليبراليين مثل السيناتور وارين والسيناتور شيرود براون، الديمقراطي من ولاية أوهايو، وهو من أبرز أعضاء اللجنة المصرفية بالكونغرس، ضد الأعضاء الديمقراطيين المعتدلين بما في ذلك السيناتور تيستر، والسيناتور هايدي هايتكامب الديمقراطية من ولاية نورث داكوتا، والسيناتور جو دونلي الديمقراطي من ولاية إنديانا.
ويواجه كثير من الأعضاء المعتدلين الضغوط السياسية المتصاعدة بهدف إنشاء سجلا وسطيا للتصويت، ولا سيما في أعقاب التصويت ضد التخفيضات الضريبية التي اقترحها الحزب الجمهوري في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. ويعتزم الأعضاء تيستر وهايتكامب ودونلي خوض انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في الولايات التي فاز فيها الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بهامش كبير من عدد الأصوات. ولقد ساعد الأعضاء الثلاثة المذكورون في التفاوض بشأن اللوائح المصرفية مع الراعي الجمهوري لمشروع القانون الجديد، وهو السيناتور الجمهوري البارز مايك كرابو رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ. ومع ذلك، فإن الائتلاف الديمقراطي المؤيد لمشروع القانون الجديد يضم أيضا المشرعين مثل تيم كاين من ولاية فيرجينيا، وكان الزميل المشارك لهيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 الرئاسية، وكذلك مارك وارنر من ولاية فيرجينيا، والذي كان من بين المشرعين الرئيسيين في إصلاحات وول ستريت عبر قانون دود - فرانك لعام 2010، إلى جانب مشروع حماية المستهلك، غير أنه أعرب عن قلقه حيال اللوائح المفرطة بحق المصارف صغيرة الحجم.
ويبدو أن مشروع القانون الجديد الذي يتزعمه الحزب الجمهوري يحمل مسارا واضحا صوب التحول إلى قانون نافذ المفعول. فإن مستوى الدعم الجمهوري لمشروع القانون الجديد يوحي بأن مشروع القرار سوف يحوز على الـ60 صوتا اللازمة لتمرير القانون داخل مجلس الشيوخ، والذي سوف يدخل حيز المناقشة التشريعية من خلال التصويت الإجرائي المقرر يوم الثلاثاء. مع الدعم الواسع الذي أعربت عنه إدارة الرئيس ترمب حيال التعديل المزمع إجراؤه.
ولقد أصدر مجلس النواب بالفعل تشريعا من شأنه إبطال أجزاء كبيرة من نصوص قانون دود - فرانك، وبالتالي صار أكبر التحديات المرتقبة لدى المؤيدين لمشروع القانون هو التوفيق بين نسختي مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ويقول الديمقراطيون من مجلس الشيوخ المؤيدين لمشروع القانون أنهم سوف يقاومون أية تغييرات كبيرة.
أما زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر الديمقراطي من نيويورك، والذي يمثل «وول ستريت»، وغالبا ما يكون مدفوعا بالرغبة في حماية نواب الولايات الحمراء الضعيفة سياسيا، فإنه يعارض مشروع القانون الجديد، ولكنه اعتمد مسارا بعدم التدخل حيال المناقشات الحالية حتى الوقت الراهن.

ضغوط عدة لتمرير القانون
ويعد احتمال تخفيف الإجراءات التنظيمية في وول ستريت إشارة على تحسن موقف القطاع المالي داخل الكابيتول هيل - فضلا عن محاولات الضغوط الهائلة من المصارف المحلية والاتحادات الائتمانية والظاهر في كل ولاية من الولايات في الآونة الأخيرة. كما عززت المؤسسات المالية من مساهماتها الانتخابية لدى كبار الأعضاء الديمقراطيين خلال العام الماضي، مع اعتبار السيناتور هايتكامب ودونلي وتيستر من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الحائزين على التبرعات من المصارف التجارية حتى الآن في دورة الحملة الانتخابية للعام الحالي، وذلك وفقا لمركز الاستجابات السياسية. ويرفض أعضاء مجلس الشيوخ المذكورين وجود أية صلة بين التبرعات وبين تأييدهم لمشروع إعادة صياغة قانون دود - فرانك.
وتزايدت جهود التأييد مع اقتراب دخول مشروع القانون حيز المناقشة التشريعية. وقامت الرابطة الوطنية للاتحادات الائتمانية بزيارة العاصمة واشنطن في فبراير (شباط) الماضي للاجتماع مع المشرعين. ووصل أكثر من 5 آلاف من أنصار الاتحادات الائتمانية، بمن في ذلك الموظفون والمدراء التنفيذيون من كل ولاية أميركية إلى مبنى الكابيتول هيل وهم يرتدون شارات «التصويت بالموافقة». ولقد عقدوا ما يقرب من 600 اجتماع مع مختلف المشرعين في الكونغرس. ولقد بدأت حملة المواجهات الشخصية مع اجتماع عُقد في البيت الأبيض مع الرئيس ترمب ومع غاري كوهن، مدير المجلس الاقتصادي القومي، حيث دافع أنصار الاتحادات الائتمانية خلال الاجتماع عن مشروع القانون الجديد باعتباره وسيلة من أبرز وسائل تصحيح اختصاصات قانون دود - فرانك. وقال جيم نوسل، رئيس الرابطة الوطنية للاتحادات الائتمانية خلال الاجتماع: «إننا نتفهم المخاوف من أن المصارف هي التي تسببت في الأزمة المالية السابقة، غير أن ذلك لا يعني الاتحادات الائتمانية من قريب أو بعيد».
وتقدمت المصارف الصغيرة والإقليمية بشكوى من أن قانون دود - فرانك قد وضعهم تحت ضغوط رقابية كبيرة وغير منصفة أسفرت عن معاقبتهم على خطايا وول ستريت التي لم يرتكبوها. وأعرب كثير من المشرعين من كلا الحزبين عن تعاطفهم مع هذه الادعاءات، الأمر الذي ساعد على تأييد الحزبين لصالح مشروع قانون مايك كرابو.
وفي حين أن تأثير المشروع لن يتضح بتمامه على القطاع المالي إلا بعد الموافقة عليه وتمريره، إلا أن التشريع الجديد يهدف إلى خلق منطقة وسطى بين أولئك الساعين إلى العصف بقانون دود - فرانك وأولئك الراغبين إلى عدم المساس بالقانون من الأساس - أو، على أعلى تقدير، أن تُجرى عليه بعض التعديلات والتغييرات الفنية الطفيفة.
ويتمحور التدبير الجديد حول إعفاء ما يقرب من اثنتي عشرة مؤسسة مالية من حالة الرقابة الصارمة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومن شأنه رفع حد الأصول لهذه المؤسسات من 50 إلى 250 مليار دولار، وتخفيف لوائح التدقيق والمراجعة - مؤقتا على الأقل - على مصارف مثل «صن ترست» و«بي بي أند تي». وهناك أقل من 10 مصارف في الولايات المتحدة تملك أصولا تقدر بأكثر من ربع تريليون دولار، على الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يحتفظ بالحق في تطبيق تدابير الفحص والمراجعة الأكثر صرامة على المصارف الصغيرة حالما اعتبر ذلك مبررا. ويقول النقاد إن أنصار إلغاء اللوائح الصارمة يشعرون بالذنب من ذكريات واهمة وشعور زائف بالأمن. فلم تحدث أية أزمات مالية منذ إقرار قانون دود - فرانك، والذي يحمل اسم رعاته وهم السيناتور الأسبق كريس دود (الديمقراطي من كونيتيكت)، وعضو الكونغرس الأسبق بارني فرانك (الديمقراطي من ماساتشوستس)، والذي تمت الموافقة عليه في عام 2010 في الكونغرس الذي كان يسيطر عليه الأعضاء الديمقراطيون، ووقع على إقرار الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وجاء القانون المذكور كرد فعل على الأزمة المالية العالمية لعام 2008 والتي عصفت بمئات المصارف والمؤسسات المالية، وأطاحت ببعض من أكبر المؤسسات المالية الأميركية في ذلك الوقت، بما في ذلك بنك أوف أميركا وغولدمان ساكس. واضطرت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش إلى الحصول على حزمة الإنقاذ المالي بقيمة 700 مليار دولار والتي أدت إلى استقرار الاقتصاد من خلال المحافظة على صمود بعض من كبريات المؤسسات المالية في البلاد.
- خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»


مقالات ذات صلة

التضخم في أسعار الجملة الأميركية يواصل الارتفاع الطفيف خلال أكتوبر

الاقتصاد عامل يشغل آلة في مصنع «بي إم دبليو» في كارولاينا الجنوبية (أ.ب)

التضخم في أسعار الجملة الأميركية يواصل الارتفاع الطفيف خلال أكتوبر

شهدت أسعار الجملة في الولايات المتحدة زيادة طفيفة الشهر الماضي، ما يعكس بقاء الضغوط التضخمية على الرغم من استمرار انخفاضها بشكل عام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مطعم شيبوتل يبحث عن موظفين في ماساتشوستس (رويترز)

انخفاض طلبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة

أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية الصادرة، الخميس، انخفاضاً طفيفاً في عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة خلال الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب في «قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)

الصين «تتسلح» لحرب تجارية محتملة مع ترمب

أعدت الصين تدابير مضادة قوية للرد على الشركات الأميركية إذا زاد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، من اشتعال حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)

أوروبا تستعد لوصول ترمب... أسوأ كابوس اقتصادي بات حقيقة

كانت التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو مصدر قلق لبعض الوقت، ولكن منذ فوز ترمب بالرئاسة ساء الوضع بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد لافتة خارج مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

مسؤولو «المركزي الأوروبي» يحذرون… أوروبا يجب أن تستعد لحرب تجارية جديدة مع أميركا

حذر مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي يوم الثلاثاء من أن السياسات الحمائية التي تعتزم الإدارة الأميركية الجديدة تنفيذها ستعرقل النمو العالمي.

«الشرق الأوسط» (فيينا، فرانكفورت )

انخفاض طلبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة

مطعم شيبوتل يبحث عن موظفين في ماساتشوستس (رويترز)
مطعم شيبوتل يبحث عن موظفين في ماساتشوستس (رويترز)
TT

انخفاض طلبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة

مطعم شيبوتل يبحث عن موظفين في ماساتشوستس (رويترز)
مطعم شيبوتل يبحث عن موظفين في ماساتشوستس (رويترز)

أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية الصادرة، الخميس، انخفاضاً طفيفاً في عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة خلال الأسبوع الماضي، ما يعكس استمرار تحسن سوق العمل، رغم التباطؤ المفاجئ في نمو الوظائف خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول)، والذي يُعدّ استثناءً ناتجاً عن عوامل غير نمطية.

وقالت الوزارة إن طلبات الإعانة الأولية للبطالة انخفضت بنحو 4 آلاف طلب إلى مستوى معدل موسمياً بلغ 217 ألفاً خلال الأسبوع المنتهي في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات خبراء اقتصاديين، استطلعت «رويترز» آراءهم، عند 223 ألفاً.

وكانت الطلبات قد شهدت زيادة ملحوظة في أوائل أكتوبر بسبب تداعيات إعصاري هيلين وملتون، إضافة إلى الإضراب الذي خاضه عمال مصانع «بوينغ»، إلا أن عمليات التسريح من العمل بشكل عام ظلت عند مستويات منخفضة تاريخياً، ما يُعزز التوقعات الإيجابية للاقتصاد.

وفي هذا السياق، قال كبير الاقتصاديين في شركة «رايتسون آي كاب»، لو كراندال: «على الرغم من أن كثيراً من مؤشرات سوق العمل يشير إلى تباطؤ ملحوظ في الأوضاع خلال هذا العام، فإن ذلك لم ينعكس بعد بشكل كبير على بيانات إعانات البطالة، ما يظل يؤكد أن الاقتصاد لا يزال يواجه ضغوطاً محدودة في مجال التوظيف».

ورغم أن المناطق المتضررة من إعصار هيلين ربما تحتاج إلى وقت طويل للتعافي، يتوقع الاقتصاديون أن يستأنف نمو الوظائف زخمه في نوفمبر، خصوصاً بعد انتهاء إضراب عمال «بوينغ»، ما سمح للشركة بإلغاء التوقفات المؤقتة التي كانت قد فرضتها لتجنب تراجع السيولة المالية. في المقابل، زادت الوظائف غير الزراعية في أكتوبر بمقدار 12 ألف وظيفة فقط، وهو أدنى معدل نمو فيما يقرب من 4 سنوات.

وتُشير هذه الديناميكيات إلى أن سوق العمل قد تكون في مرحلة انتعاش أبطأ، ما قد يسهم في اتخاذ البنك الفيدرالي قرارات لتخفيف السياسة النقدية. وفي هذا الصدد، من المرجح أن يتجه «الفيدرالي» نحو خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة في الشهر المقبل، على الرغم من أن التقدم في مواجهة التضخم قد شهد بعض التباطؤ. وكان البنك المركزي قد خفّض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع الماضي، ليصل المعدل إلى نطاق 4.50-4.75 في المائة.

وكان «الفيدرالي» قد بدأ دورة التيسير في السياسة النقدية سبتمبر (أيلول)، من خلال تخفيض كبير بمقدار نصف نقطة مئوية، ليكون أول تخفيض لمعدلات الفائدة منذ عام 2020. وكانت الفائدة قد ارتفعت بمقدار 525 نقطة أساس خلال عامي 2022 و2023، في مسعى للحد من التضخم المرتفع.

وإضافة إلى ذلك، أظهر تقرير الوزارة انخفاضاً في عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات البطالة بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر مباشر على التوظيف؛ إذ تراجع هذا الرقم بمقدار 11 ألف شخص، ليصل إلى 1.873 مليون شخص معدلاً موسمياً في الأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر.

ومن المرجح أن يعكس هذا الانخفاض في «الطلبات المستمرة» انتهاء التوقفات المؤقتة في مصانع «بوينغ»، وتراجع التأثيرات الناتجة عن الأعاصير، ما يُعزز التفاؤل باستقرار سوق العمل في المستقبل القريب.