موظفون أمميون يطالبون بحمايتهم من بطش الحوثيين

الأمم المتحدة تقر بوجود «تحديات خطيرة» لأعمالها بمناطق سيطرة الانقلاب

موظفون أمميون يطالبون بحمايتهم من بطش الحوثيين
TT

موظفون أمميون يطالبون بحمايتهم من بطش الحوثيين

موظفون أمميون يطالبون بحمايتهم من بطش الحوثيين

خرج موظفون يعملون بوكالات إغاثية أممية في اليمن عن صمت قالوا إنه فرض عليهم، واشتكوا أنواع الانتهاكات التي ترتكب بحقهم مقابل مواصلة العمل الإغاثي والوصول إلى المحتاجين في مناطق تسيطر عليها الميليشيات الحوثية منذ عام 2014. وطالب الموظفون بتفعيل «بروتوكول حماية العاملين في مجال الإغاثة» الذي قالوا إنه «لم يتم تفعيله بشكل يحمي الموظفين، ولا نعرف لماذا».
وأكد دبلوماسيون ومسؤولون في الأمم المتحدة المعلومات التي أوردتها «الشرق الأوسط» أمس (الجمعة)، حول «عمليات الترهيب» التي تنفذها جماعة الحوثي ضد عدد من الموظفين الدوليين، من دون أن «تحرك الأمانة العامة ساكناً» لحماية العاملين الدوليين والمحليين لديها.
وأكد المندوب اليمني الدائم لدى الأمم المتحدة خالد اليماني لـ«الشرق الأوسط» صحة المعلومات، مشيراً إلى أنه وجه رسالة في شأن «انتهاكات العصابات الانقلابية» إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وقال إن الرسالة الجديدة من العاملين إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان أندرو غيلمور «تعكس خطورة الوضع الذي يواجهه الموظفون الدوليون في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، فضلاً عما يواجهه الموظفون المحليون الذين يعملون لدى المنظمة الدولية». وحض الأمين العام على «التحقيق في هذه الانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة المسؤولين عنها».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك، أجاب عن رسالة اليماني، آخذاً العلم «بتخفيف الحصار»، ومذكراً الأطراف بـ«واجباتهم». وفي إشارة إلى «التهديدات والمضايقات ضد وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة الهجرة الدولية وموظفيها»، أقر بأنهم «يواجهون تحديات خطيرة في الوصول الإنساني وتنفيذ البرنامج» حسب تأكيدهم.
وقال موظفون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر أسمائهم حماية لهم من الاستهداف، إن موظفي الأمم المتحدة بعثوا برسالتين؛ الأولى في سبتمبر (أيلول) الماضي، والثانية في 5 مارس (آذار) الحالي، ونشرت «الشرق الأوسط» جزءاً من تفاصيلها أول من أمس.
كلتا الرسالتين، وجهت إلى مسؤولين رفيعين في المؤسسة الدولية. الأولى «كانت الرد بوعود بالتصرف وطلب عدم التصعيد، لكن في المقابل لم يتم استحداث آلية لحماية موظفي الأمم المتحدة»، وفقاً لموظف أممي. وهددت الميليشيات الموظفين الذين أرسلوا الرسالة إلى الأمم المتحدة.
يقول الموظف: «تخيل أن مسؤولاً في الأمن القومي، الجهاز الأمني المسيطر عليه من قبل الحوثيين، يهددنا بأننا إذا لم نكتب التقرير بشكل معين فإنه سيحضر أبناء شخص، أو زوجة آخر».
ويضيف أن الميليشيات الحوثية بدأت بشكل كبير جداً انتهاك الموظفين، وبدأت تمرير قرارات متعلقة بالمشتريات والتقارير مع التشديد على أن يشتغل الموظفون بطريقة أو أسلوب ترتئيه الميليشيات، وهذا يهدد حيادية الأمم المتحدة.
ولفت موظف آخر إلى ابتزاز يطول زملاءه الأجانب بوكالات الإغاثة، وذلك عبر «تأشيرات الدخول»، حيث يصدرها الحوثيون لمدة 3 أشهر، وقد لا تجدد التأشيرة إذا لم يرضخ الموظف للشروط الحوثية، وإذا لم يتم تجديد التأشيرة، فإن الموظف سيفقد فرصة الوجود في اليمن، وبالتالي يفقد وظيفته.
وزاد: «هناك بروتوكول للحماية، وهناك تواطؤ من بعض الممثلين الأمميين، «لا أعرف هل بسبب الخوف أو التعاون مع الميليشيا بشكل أو بآخر».
وللتعليق على الانتهاكات التي تطول الموظفين الأمميين في اليمن، يقول الدكتور محمد عسكر وزير حقوق الإنسان اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الواقعة «تمثل صدمة كبيرة لكل المشتغلين بالإغاثة الإنسانية والعمل الإنساني في اليمن، كما أنها انتهاك خطير لاتفاقية حماية الموظفين الدوليين (اتفاقية عام 1973)، التي تقرر لهؤلاء الموظفين حماية خاصة تجاه أي طرف على الأرض». وأضاف أن «هذا مؤشر خطير، لأن الميليشيات الحوثية أصبحت تنحو سلوك داعش والقاعدة، وهو سلوك غير عقلاني ولا يحترم الدولة ولا أي مقررات دولية، وأول هذه المقررات حماية الموظفين الدوليين».
من جهته، يناشد ماهر الحضراوي المختص في الشؤون الإنسانية في اتصال مع «الشرق الأوسط»، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، توضيح هذه الحقائق للمجتمع الدولي والتوقف عن سلبية المكتب خلال الفترة السابقة، والتفاعل مع المزايا والتسهيلات الكبيرة التي يقدمها مركز «إسناد» لتنسيق العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن. وأضاف أن «عدم تسمية الأمور بتسمياتها (منذ البداية) هو الذي جعل الميليشيات تتمادى في (تجاوزاتها على العاملين في المجال الإنساني وتعطيل وصول المساعدات إلى مستحقيها)».
ويقول الباحث والناشط السياسي اليمني البراء شيبان في اتصال هاتفي: «أعتقد أن جماعة الحوثي ستحاول اتخاذ مزيد من التضييق على الحياة العامة، اليوم جميع المؤسسات الخدمية إما معطلة أو شبه معطلة، وما تبقى من منظمات إغاثية تقدم الحد الأدنى من العمل الإغاثي يتم تعطيلها عبر أساليب الترويع والتهديد والاعتقال». ويحذر شيبان من أن استمرار جماعة الحوثي بهذا الوضع «سيؤول بالمناطق التي تسيطر عليها الجماعة في شمال اليمن إلى خارج إطار أي قانون يحكمها»، مضيفاً: «أعتقد كذلك أن المناطق الشمالية لليمن ستصبح أرضاً خصبة للعصابات والجماعات المسلحة ما لم يكن هناك تحرك جدي لفرض نزع سلاح جماعة الحوثي وإخضاع كل الميليشيات المسلحة للقانون والدستور اليمني».
ويعود وزير حقوق الإنسان اليمني ليؤكد أن هذه التصرفات توحي بأن الفكر الحوثي فكر متطرف لا يختلف عن فكر أي جماعة إرهابية، وأن الجماعة لا تحترم أسس الدولة أو مواطنيها، ولا الشرعية ولا الشرعية الدولية ولا قراراتها، «حتى الآن الحوثيون لم يلتزموا بأي قرار من القرارات الدولية، بينما هناك تدليل واضح لهذه الجماعة من بعض الأطراف الدولية. وأيضاً كل الأطراف الدولية مهما اختلفت أجندتها السياسية فإنها تتفق على مبدأ حماية الموظفين الدوليين، وهو ما حدث من الميليشيات بهذه الواقعة الخطيرة، وهذا مؤشر خطير لا يفصل الجماعة عن أي جماعة إرهابية أخرى تستهدف الموظفين الذين أتوا لإغاثة الشعب. نأمل من الأمم المتحدة والفاعلين الدوليين اتخاذ إجراءات صارمة حيال هذا الأمر». وكانت الرسالة الآنية التي بعثت إلى مساعد أندرو غيلمور، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لشؤون حقوق الإنسان، سلطت الضوء على خطف الحوثيين موظفين اثنين تابعين للأمم المتحدة في صنعاء، ووضعهما في غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها مترين مربعين وسط ظلام دامس، إضافة إلى منعهما من الماء والذهاب إلى الحمام طيلة 6 أيام، مشيرةً إلى جملة مخاوف من بينها اعتداءات واسعة من قبل الحوثيين يتعرض لها الموظفون الأمميون في الوكالات الإنسانية.
وأشارت الرسالة إلى تعرض 8 موظفين على الأقل لاعتداءات في صنعاء وإب والحديدة، فضلاً عن تهديدات وتحريض ضدهم في وسائل إعلام رسمية تابعة للحوثيين. وقال الموظف الأممي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الحالات الثمانية شملت الضرب والإهانة والاستدعاء الكيدي.
وأوردت الرسالة مخاوف الموظفين الأمميين الذين تقدر أعدادهم بأنهم 500 موظف محلي، و200 أجنبي، بأن «الواضح أن سلطة الحوثيين يعملون على التأثير في عمليات الأمم المتحدة ونظامها، وإذا لم يكن هناك توحد في إطار الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات تتصدى لهذه الجماعات، فهذا الشيء لن يتوقف بل سيزيد»، وشملت مطالبات «بإنهاء هذه المعاناة ووضع آلية للعمل للتصدي لهذه الحوادث من خلال مجلس الأمن الدولي وأدواته».


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون سيستهدفون «السفن المرتبطة بإسرائيل فقط» بعد وقف النار في غزة

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف سفينة في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

أعلن الحوثيون في اليمن إلى أنهم سيقتصرون على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر، وذلك في الوقت الذي بدأ فيه سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال الحوثيون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلوها إلى شركات الشحن وآخرين، أمس الأحد، إنهم «سيوقفون العقوبات» على السفن الأخرى التي استهدفوها سابقاً منذ بدء هجماتهم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ويعتزم الحوثيون، بشكل منفصل، إصدار بيان عسكري اليوم الاثنين، على الأرجح بشأن القرار.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

لكن الرسالة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، تركت الباب مفتوحاً لاستئناف الهجمات ضد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين شنتا هجمات جوية استهدفت جماعة «الحوثي» بسبب هجماتها البحرية.

وقال مركز «تنسيق العمليات الإنسانية» التابع للجماعة، «في حالة وقوع أي عدوان، ستتم إعادة فرض العقوبات على الدولة المعتدية»، مضيفاً أنه «سيتم إبلاغكم على الفور بهذه التدابير في حال تنفيذها».

واستهدف الحوثيون نحو 100 سفينة تجارية بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ بداية حرب إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إثر الهجوم المفاجئ لـ«حماس» على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين رهائن.

واستولى الحوثيون على سفينة واحدة وأغرقوا اثنتين في الهجمات التي أسفرت أيضاً عن مقتل أربعة من البحارة.

كما تم اعتراض صواريخ وطائرات مسيرة أخرى من قبل تحالفات منفصلة تقودها الولايات المتحدة وأوروبا في البحر الأحمر، أو فشلت في الوصول إلى أهدافها، والتي شملت أيضاً سفناً عسكرية غربية.