تبادل اتهامات بشأن محاولة اغتيال نائب سني وسط بغداد

تحالف الغريري دعا العبادي للتحقيق واتهم الأمن بـ«التواطؤ»

TT

تبادل اتهامات بشأن محاولة اغتيال نائب سني وسط بغداد

تبادل تحالف «القرار» الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وقيادة عمليات بغداد، الاتهامات بشأن محاولة خطف واغتيال النائب في البرلمان العراقي كامل الغريري من قبل جهة مجهولة وسط بغداد مساء أول من أمس.
وقال الغريري، إن محاولة اغتياله وقعت في منطقة السيدية ببغداد بينما تم اختطاف اثنين من أفراد حمايته، متهماً الشرطة التي كانت متواجدة في نقطة تفتيش بالمنطقة المذكورة بالتعاون مع العصابة التي حاولت اغتياله. وأضاف الغريري في تصريح إنه «عند التجول بسياراتنا في منطقة السيدية تم نصب كمين في سيطرة السيدية ببغداد من قبل أشخاص مدنيين وعناصر في الشرطة، وجرت محاولة لاختطافي»، مبيناً أن «أفراد حمايتي اشتبكوا مع الخاطفين واستمر ذلك لأكثر من ساعة». وتابع: إن «هؤلاء قاموا بقلع عين ابن أخي من خلال الحراب الموجودة عندهم وضرب أخي وإصابتي بعدما حاولوا قتلي»، مشيراً إلى أن «عناصر في الشرطة كانت تتعاون مع العصابة في سيطرة العلوة بمدخل السيدية». وأضاف: «اتصلت بقائد عمليات بغداد وقائد شرطة بغداد لغرض مساعدتي ولم يستجيبوا لي».
من جهتها، نفت قيادة عمليات بغداد في بيان الواقعة، وقالت في بيان إنها «تنفي ما نشر عن تعرض النائب كامل الغريري إلى محاولة اغتيال في منطقة السيدية جنوب غربي بغداد»، مبينة أن «هذه الأخبار عارية عن الصحة». وأضافت إن «ما حصل هو قيام أحد أفراد حماية النائب بالاعتداء على سيطرة (نقطة تفتيش) في المنطقة»، مشيرة إلى أن «قوة أمنية اعتقلت المعتدي وتم نقله إلى مركز أمني لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه».
بدوره، دعا تحالف «القرار» الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وينتمي إليه الغريري، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى إجراء تحقيق فوري في الحادث. وقال التحالف في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: إن «عصابات الجريمة المنظمة لا تزال تمثل تهديداً للأمن وإخلالاً بالسلم المجتمعي»، محذراً من أن «خطرها يتعاظم حينما يكون هناك من يتواطأ معها أو يتهاون من داخل الجهاز الأمني نفسه والذي يفترض به أن يكون مسؤولاً عن حماية المواطنين والسهر على أمنهم». وأضاف البيان: إن «هذا التوصيف يتطابق مع ما حدث من محاولة اغتيال للنائب كامل الغريري ومرافقيه في بغداد»، داعياً العبادي إلى «فتح تحقيق فوري بالموضوع لكشف الجناة والضرب على أيديهم بقوة ومحاسبة القيادات التي تلكأت في تقديم استجابة عاجلة لنداء الاستغاثة»، مشيراً إلى أن «أي تكاسل في المحاسبة سيجعل هذه العصابات تتمادى في إجرامها، مستغلة الأجواء الانتخابية للتأثير على المواطنين وتعكير السلم الأهلي، وإفشال أي جهد خيّر للنهوض بواقع شعبننا».
إلى ذلك، دعا المتحدث باسم تحالف «القرار»، الدكتور ظافر العاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة العراقية إلى «المزيد من الاهتمام بمواجهة حالات من هذا النوع، ولا سيما أننا اليوم نعيش موسماً انتخابياً ملتبساً، حيث يسعى البعض إلى تعكير الأجواء الانتخابية». وأضاف العاني: إن «الاحتقان السياسي يمكن أن يجعل أطرافاً مختلفة تتخيل أن هناك استرخاء أمنياً فتمرر محاولاتها للتسقيط السياسي؛ ولذلك أرى من الضروري أن تأخذ كل القوى السياسية هذه الأمور بنظر الاعتبار» مبيناً أن «هذا الشد تستفيد منه العصابات المنفلتة والخارجة عن القانون».
من جهته، أكد أثيل النجيفي، القيادي البارز في التحالف وشقيق أسامة النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في كل الأحوال لا بد من فتح تحقيق في الحادث، وإظهار الحقيقة مهما كانت التبريرات المتضاربة من الجهتين». وأضاف النجيفي: إن «الحكومة لا بد أن تأخذ دورها في مثل هذه القضايا من خلال فتح تحقيق محايد من شأنه يعطي الطمأنينة للجميع».
وشاطر النجيفي رأي عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، إياد الجبوري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «بصرف النظر عن أي ملابسات بشأن هذه الحادثة أو تلك فإنه يتعين على الجهات الأمنية المسؤولة توفير بيئة آمنة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة يسعى الجميع من خلالها إلى تغيير الواقع الحالي نحو الأفضل». وأضاف إن «التنافس الانتخابي سيكون صعباً بلا شك، لكن لا نتمنى أن يجري التنافس بلغة السلاح، أو محاولات لي الأذرع، أو خلق حالة من الخوف والهلع لدى المرشحين لخوض هذه الانتخابات استجابة لرغبة هذا الطرف أو ذاك». وأوضح أن «محاولات الخطف والاغتيال كثيراً ما تكررت طوال المواسم الانتخابية السابقة، ودفعت الكثير من الأحزاب والكيانات خسائر كثيرة بالأرواح وكان للإرهاب، خصوصاً في المحافظات الغربية غير المستقرة، حصة الأسد من محاولات تصفية من يود المشاركة في العملية السياسية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.