صراع انتخابي بين «حزب الله» و«الوطني الحر» في جبيل

الحزب يبحث عن مرشحين موارنة والتيار عن مرشح شيعي

TT

صراع انتخابي بين «حزب الله» و«الوطني الحر» في جبيل

بعد إعلان «حزب الله» رسمياً، مطلع الأسبوع، الطلاق الانتخابي مع «التيار الوطني الحر»، في دائرة كسروان - جبيل، يخوض الطرفان معركة تشكيل لائحتيهما، في ظل إصرار كل منهما على التضييق على الطرف الآخر، والحصول على مرشحيه وناخبيه. ولعل هذه الدائرة هي الوحيدة، إذ تتخذ المواجهة بين الحليفين السياسيين هذا المنحى، بحيث يتكتم «حزب الله» تماماً على الشخصيات التي يتواصل معها في كسروان للانضمام إلى لائحته خوفاً من ضغوط يمارسها «الوطني الحر» لحثهم على عدم الموافقة على خوض المعركة على لائحة حليفه.
وكشفت مصادر مشاركة في المفاوضات الحاصلة في المنطقة المذكورة عن «صعوبات يواجهها (حزب الله) في تشكيل لائحة تضم مرشحه عن المقعد الشيعي مسؤول منطقة جبل لبنان والشمال في الحزب حسين زعيتر إلى مرشحين اثنين آخرين أو 3 موارنة موزعين بين كسروان وجبيل، باعتبار أن التوجه هو لعدم تشكيل لائحة مكتملة، أي من 8 مرشحين، بل لائحة تضم على الأقل 40 في المائة من عدد المرشحين، كما ينص القانون الانتخابي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «مفاوضات واتصالات مفتوحة مع القيادي في (التيار الوطني الحر) بسام الهاشم، والوزير السابق جان لوي قرداحي، كما مع النائبين يوسف خليل وجيلبرت زوين وآخرين».
وأضافت المصادر: «أما التفاهم في ربع الساعة الأخيرة على تشكيل لائحة موحدة بين الحزب والتيار، فأمر لن يتم، وقد بات أمراً مفروغاً منه بعد خروج مرشح الحزب للإعلان شخصياً أنه لن يكون هناك تحالف انتخابي بينهما».
وبحسب المعلومات، لم يحسم «التيار الوطني الحر» اسم المرشح الشيعي الذي سيواجه مرشح «حزب الله»، علماً بأنه على تواصل مع 3 مرشحين شيعة مستقلين، باعتبار أن الافتراق الانتخابي مع الحزب كان أحد أسبابه الرئيسية ترشيح زعيتر، الذي يتحدر من البقاع لا من جبيل، كما أنّه ينتمي تنظيمياً لـ«حزب الله»، ما أثار امتعاضاً في أوساط كسروان - جبيل، حتى بين أبناء الطائفة الشيعية أنفسهم.
وفي هذا السياق، قالت مصادر قيادية عونية لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريقة التي تم بها إعلان ترشيح زعيتر، قبل التوصل إلى اتفاق مع (التيار الوطني الحر) حول اسمه أدت للافتراق الانتخابي في كسروان - جبيل، وهو ما قد ينعكس أيضاً على دائرة بعلبك - الهرمل، وإن كان الأمر لا يزال غير محسوم حتى الساعة».
ويرأس اللائحة المدعومة من «التيار الوطني الحر» ورئيس الجمهورية في المنطقة العميد المتقاعد شامل روكز، وتضمه إلى النائبين سيمون أبي رميا ووليد خوري، مع ترجيح انضمام الوزير السابق زياد بارود إليها، والنائب السابق منصور البون.
ويضمّ قضاء كسروان 5 مقاعد نيابية للطائفة المارونية. أما قضاء جبيل، فله 3 نواب (مارونيان وشيعي واحد)، وقد تم ضم القضائين في دائرة انتخابية واحدة، في ظل القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد النسبية.
ولا تقتصر اللوائح الانتخابية التي ستتواجه في الدائرة المذكورة على لائحة «الوطني الحر» ولائحة «حزب الله»، باعتبار أن حزب «القوات» لا يزال ينكب على تشكيل لائحته التي يُرجح أن تضم النائب السابق فارس سعيد، ورئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط. كذلك يعد النائب السابق فريد هيكل الخازن لائحة لم تتضح معالمها بعد.
وفي هذا المجال، كشف النائب يوسف خليل عن مفاوضات ناشطة يخوضها مع الخازن، أصبحت في مراحل متقدمة، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تم التواصل معه ليكون جزءاً من لائحة أخرى يتم العمل على تشكيلها، لكنه اعتذر، خصوصاً أن التفاوض معه تم بعد إغلاق باب الترشيحات. وأشار خليل إلى أن النائب جيلبرت زوين قد تنضم هي أيضاً إلى اللائحة مع الخازن.
وتؤكد مصادر في قوى 8 آذار، مقربة من «حزب الله»، أن الحاصل الانتخابي لتأمين فوز مرشح الحزب حسين زعيتر مؤمن، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعركة ستكون على إيصال مرشح آخر من هذه اللائحة، وأضافت: «الحزب يتفادى التواصل مع أي مرشح قد يستفز قيادة (التيار الوطني الحر)، ما يجعل حظوظ الكثيرين ممن نتواصل معهم تتراجع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.