أحزاب ومنظمات حقوقية مصرية تجدد مطالبها بتعديل «قانون التظاهر»

دخل معتركا قانونيا جديدا بعد إحالته للمحكمة الدستورية العليا

أحزاب ومنظمات حقوقية مصرية تجدد مطالبها بتعديل «قانون التظاهر»
TT

أحزاب ومنظمات حقوقية مصرية تجدد مطالبها بتعديل «قانون التظاهر»

أحزاب ومنظمات حقوقية مصرية تجدد مطالبها بتعديل «قانون التظاهر»

دخل قانون تنظيم الحق في الاجتماعات والمواكب والمظاهرات السلمية، المعروف إعلاميا بـ«قانون التظاهر»، في معترك قانوني مجددا، بعد أن أحالته محكمة القضاء الإداري أمس إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر في شأن دستوريته. وبذلك يعود القانون إلى المستشار عدلي منصور الذي عاد إلى منصبه رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، بعد أن انتهت ولايته رئيسا مؤقتا للبلاد، وهو الذي أصدر القانون في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.

لكن مصدرا قضائيا أكد في تصريحات صحافية أمس أن المستشار منصور لن ينظر الطعن على دعوى ضد قانون التظاهر المحالة إليه من قبل محكمة القضاء الإداري أمس. وأضاف المصدر أن تجنب نظر المستشار منصور للطعن على دعوى التظاهر يرجع إلى أنه هو الذي أصدر قانون التظاهر ذاته أثناء توليه منصب رئيس الجمهورية المؤقت خلال الفترة الماضية، ما يعني تجنب نظره في الدعوى «رفعا للحرج عن هيئة المحكمة». وقررت محكمة القضاء الإداري أمس إحالة الدعوى التي أقامها المحامي طارق العوضي وتضامن معه المحامي خالد علي، مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بشأن غياب الدستورية عن قانون التظاهر، للمحكمة الدستورية العليا.

استند مقدما الدعوى إلى غياب دستورية المادة العاشرة من هذا القانون، التي تعطي الحق لوزارة الداخلية في رفض التصريح بالمظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها بما يتراءى لها، على اعتبار أن ذلك انتقاص واضح لحرية التظاهر التي يكفلها صراحة دستور عام 2014 في المادة رقم 73 التي ورد بها أن «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاح من أي نوع؛ (وذلك) بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون».

وقال خالد علي في مرافعته أمام المحكمة إن قانون التظاهر يتناقض مع الحق الأصيل الذي كفله الدستور للمواطن بالتظاهر السلمي، ورأى أن القانون قد أضر بآلاف الشباب المصري الثوري الذين ألقي بهم خلف القضبان وزج بهم في السجون، وكان القانون هو السبب في القبض عليهم وصدور أحكام ضدهم بالسجن. وطالب علي المحكمة بالتصريح له بالطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا، وقد استجابت له المحكمة بالطعن أمام المحكمة الدستورية على المادة 8 و10 من الدستور في الدعوى التي تطالب بإلغاء قانون التظاهر.

ومنذ صدور قانون التظاهر وهو موضع انتقادات جمة من أحزاب وتيارات سياسية ومنظمات حقوقية، خاصة بعد صدور عدد من الأحكام القضائية بالسجن في حق نشطاء سياسيين عدوها انتهاكا لحق المواطنين في محاكمات عادلة. كما أشار المنتقدون إلى أن القانون كان آلية لاستهداف النشطاء، كما «قامت السلطات باستخدامه أداة للبطش بالمعارضين السياسيين»، على حد تعبيرهم.

وقال بيان صادر عن عدة أحزاب مصرية أمس إنه «في سياق الأحكام المتتالية التي تخرج علينا يوميا تقريبا بالسجن لمدد تتراوح بين عامين و15 عاما ضد شباب الأحزاب والحركات الشبابية المفجرة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، لا يمكن للأحزاب الموقعة أدناه إلا أن تجدد إدانتها القاطعة لقانون التظاهر المشين وغير الدستوري، خاصة عندما يطال هذا القانون متظاهرين سلميين يسعون لممارسة حرية التعبير عن الرأي؛ التي هي أساس لأي ديمقراطية وليدة».

وأضاف البيان أن «هذه المجموعات من المتظاهرين السلميين التي تقضي حاليا أحكاما مشددة بالسجن، وآخرين قضوا شهورا طويلة قيد الحبس الاحتياطي، لا يمكن خلطها بأي شكل من الأشكال مع مجموعات العنف المسلح. خاصة أن نفس هؤلاء الشباب ذاقوا تحت حكم النظام المعزول نفس القمع والترويع الذي يواجهونه الآن. وإن رغبة شعبنا في الحياة الآمنة لا يمكن أن يجري تحقيقها على حساب شباب هذا الشعب الذي ضحى بنفسه ومستقبله وحياته من أجل حياة كريمة للجميع».

وطالبت الأحزاب السلطات بالتراجع عن هذا القانون، وتعديله ليتناسب مع تنظيم حقيقي لممارسة حق التظاهر والاحتجاج كحقوق طبيعية للشعب كفلها له الدستور، كما طالبت الأجهزة الأمنية كذلك بالكف عن استخدام العنف غير المبرر تجاه المتظاهرين السلميين من شباب الثورة، وألا تجري معاملتهم هم وأنصار مجموعات العنف المسلحة سواء بسواء. وطالب البيان بالإفراج الفوري عن كل سجناء الرأي. ومن بين الأحزاب الموقعة على البيان وردت أسماء أحزاب الدستور والكرامة والتحالف الشعبي الاشتراكي ومصر الحرية والعدل والعيش والحرية (تحت التأسيس) والتيار الشعبي.

كما لقي القانون فور صدوره انتقادات مماثلة في المحيط الدولي، حيث رأت وزارة الخارجية الأميركية أنه يعرقل مسار مصر نحو الديمقراطية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تتفق مع ممثلي المجتمع المدني المصري في أن القانون «يفرض قيودا على قدرة المصريين على التجمع السلمي والتعبير عن آرائهم».

وحوكم بتهمة خرق قانون التظاهر عدد من النشطاء السياسيين الشباب المعروفين بأنهم من رموز ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، من بينهم ماهينور المصري وسبعة آخرون، وصدر ضدهم حكم في 20 مايو (أيار) الماضي بالحبس لمدة عامين وغرامة مالية قدرها 50 ألف جنيه (نحو سبعة آلاف دولار) للتظاهر دون تصريح في الإسكندرية. وأيدت محكمة جنح مستأنف سيدي جابر الحكم في 2 يناير 2014.

كما أن مؤسس «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر، ومتحدثها الرسمي محمد عادل، والناشط السياسي أحمد دومة، يقضون حاليا أحكاما بالسجن مدتها ثلاث سنوات لانتهاك القانون نفسه عقب إدانتهم في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2013، كما جرت إدانة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن ووائل متولي و22 آخرين لانتهاكهم قانون التظاهر، ووجهت إليهم المحكمة تهم التجمع غير القانوني، والتعدي على موظفين عموميين أثناء تأدية وظيفتهم، وحُكم على كل منهم بالسجن 15 سنة، ودفع 100 ألف جنيه غرامة، وخمس سنوات أخرى تحت مراقبة الشرطة عقب إطلاق سراحهم.

وتترقب القوى المناهضة للقانون ما سيصدر بشأنه عن المحكمة الدستورية العليا، تأكيدا للضمانات الدستورية بحماية حرية التجمع والرأي والتعبير والحق في محاكمة عادلة.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.