مشروعات الطاقة الشمسية بالشرق الأوسط تؤثر إيجاباً في خفض التكلفة العالمية

خبراء أكدوا تطور الصناعة في المنطقة بوجودها

عرضت بلدية دبي «المصباح الأكثر كفاءة في العالم» خلال القمة العالمية للطاقة الذكية أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
عرضت بلدية دبي «المصباح الأكثر كفاءة في العالم» خلال القمة العالمية للطاقة الذكية أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

مشروعات الطاقة الشمسية بالشرق الأوسط تؤثر إيجاباً في خفض التكلفة العالمية

عرضت بلدية دبي «المصباح الأكثر كفاءة في العالم» خلال القمة العالمية للطاقة الذكية أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
عرضت بلدية دبي «المصباح الأكثر كفاءة في العالم» خلال القمة العالمية للطاقة الذكية أمس في دبي («الشرق الأوسط»)

أجمع خبراء في قطاع الطاقة المتجددة، على أن تأثير وفرة المشروعات الكبيرة في مجال الطاقة الشمسية، التي يجري التخطيط لها أو تم استكمالها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشكل إيجابي على خفض تكلفة تطوير الطاقة الشمسية على الصعيد العالمي.
وقال الدكتور مارتن كيلر، مدير المختبر الوطني للطاقات المتجددة: إن التقدم الفاعل من حيث التكلفة في المشروعات الكبيرة للطاقة الشمسية على الصعيد الإقليمي، يسهم في خفض تكاليف الاستثمار ضمن أسواق أخرى.
وأضاف كيلر، مدير المختبر الاتحادي الوحيد في الولايات المتحدة الأميركية المخصص لأبحاث وتطوير وتسويق ونشر تكنولوجيا الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة: «تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطورات رائعة من حيث التخطيط لبنى تحتية ضخمة في مجال نظم الطاقة، وتعتبر الطاقة الشمسية فرصة متميزة لهذه المنطقة والقطاع العالمي؛ نظراً لقدرة هذه المشروعات الكبيرة على مواصلة تعزيز فاعلية التكاليف في كل مرة تكتمل بها، حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنجازات بالغة الأهمية بالنسبة لقطاع الطاقة المتجددة ككل».
وفي كلمته في الدورة الافتتاحية لـ«القمة العالمية للطاقة الذكية»، والتي تقام إلى جانب فعاليات «معرض الشرق الأوسط للكهرباء» بمدينة دبي الإماراتية، قال: «يجري العمل على قدم وساق للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، ونرى ذلك يتحقق في مختلف أرجاء المنطقة - إنها خطوة ذكية جداً، وبدلاً من حرقها واستهلاكها في الأسواق المحلية، يمكن أن يعود إنتاج كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط وتصديرهما ببعض المال، وتستثمر الدول الإقليمية في مصادر الطاقة المتجددة، وما زالت تصدر الغاز الطبيعي والنفط؛ مما يجعل الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة بمثابة فرصة شديدة الأهمية».
وحذر كيلر من اقتصار الاستثمارات على الشبكات الكبيرة والمفردة: «ينتقل توليد الطاقة من المنشآت الكبيرة جداً التي تنتج غيغاواط من الطاقة، إلى منشآت أصغر حجماً والتي تنتج مئات الميغاواط؛ نظراً لما توفره من مرونة وأمن. ويسهم تقسيم المنشآت الكبيرة إلى محطات أصغر حجماً، وتعزيزها بالقدرة على تغذية بلدات محددة، في ربط كافة الشبكات الصغيرة والمتوسطة معاً وفي وقت لاحق - إنها بنية مختلفة في تصميم الشبكة، لكن من المؤكد أن الاتجاه سيشهد أكثر من ذلك في المنطقة».
وصدر تقرير أمس حول توقعات الطاقة الشمسية 2018 الذي أطلقته جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية في معرض الشرق الأوسط للكهرباء، حيث توقع تقرير صدر أمس أن تصل السوق في الإمارات وحدها إلى 60 - 70 ميغاواط في عام 2018 - وهو معدل نمو سنوي مرتفع ثلاثة أضعاف مقارنة بـ20 ميغاواط التي حققتها السوق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال ألوك سريفاستافا، المدير العام لتطوير المشروعات لدى «أوتيكو»، مزود خدمات المرافق الخاصة في الإمارات في كلمته: «في الوقت الراهن لا أعتقد أن سوق الألواح الشمسية الخاصة بالأسطح في الإمارات قد تم استغلاله ولو حتى بنسبة 1 في المائة. وإيماناً منها بأهمية توليد الطاقة الشمسية عبر الأسطح وتشجيعاً لهذا التوجه أطلقت أوتيكو (سولار فري) - وهو برنامج لتطوير الألواح الشمسية فوق أسطح المنازل الخاصة».
ويساعد البرنامج الجديد المبتكر على إحداث ثورة في سوق توليد الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، الذي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في دبي عقب إطلاق برنامج «شمس دبي» للطاقة الشمسية.
وأضاف سريفاستافا: «يتضمن البرنامج إجراء مسوحات فنية حول المنازل المملوكة لتقييم استخدام الكهرباء والفواتير وفهم الاستهلاك. وبناءً على ذلك، نقوم بتحديد مقدار الطاقة الشمسية المنزلية المطلوبة. وفي حال رغب ملاك المنازل في تسليم أسطح منازلهم لمدة 20 عاماً، فإنه بوسعنا تحويلها إلى وحدة لتوليد الطاقة الشمسية، وتقديم صيانة مجانية وضمان مدى الحياة».
وأكد أن القرار النهائي هو بيد المتعاملين، وعلى سبيل المثال إذا كانت وحدة الطاقة الشمسية سعة 10 كيلوواط ستكلف 20 ألف دولار، قد يختار المستهلكون شراء سيارة ثانية أو أثاث جديد أو تلفزيون كبير؛ لذلك فإن على المستهلكين اتخاذ القرارات الشجاعة والمساهمة في إيجاد بيئة مستدامة، كما أنه بإمكان الجهات المعنية إدخال هذه المفاهيم التوعوية حول الاستدامة في مناهج التعليم بمستوياته المختلفة بدءاً من المرحلة الابتدائية في المدارس.
واستعرضت شركة «سول برايت» الصينية، التي تعمل في الحلول المتكاملة لأنظمة التشغيل الذكية في قطاع ألواح الطاقة الشمسية، على تعزيز مبيعاتها الإقليمية من وحدات روبوتاتها المبتكرة المتخصصة بالتنظيف في معرض الشرق الأوسط للكهرباء.
وقال فنسنت ليو، مدير المبيعات الدولية في شركة «سول برايت»: «نقوم حالياً بإنتاج 20 ألف وحدة روبوت للتنظيف سنوياً، ويتجلى هدفنا في تعزيز مبيعاتنا في الشرق الأوسط إلى 20 في المائة في عام 2019».
وبوجود شبكة مبيعات تغطي خمس قارات، كشف ليو عن أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر سوق النمو الرئيسية المقبلة للشركة، وأضاف: «لدينا بالفعل وحدات تشغيلية في كل من دبي وأبوظبي، ونحن الآن بصدد التفاوض على مشروعات كبيرة في السعودية ومصر. وهناك إمكانات كبيرة للمبيعات المباشرة لكل من الهيئات الحكومية والمقاولين الهندسيين».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.