«جزية» التعليم الحوثي تدفع الطلاب إلى «التجنيد الإجباري»

TT

«جزية» التعليم الحوثي تدفع الطلاب إلى «التجنيد الإجباري»

قال الدكتور محمد باسليم، وكيل وزارة التربية والتعليم اليمني، إن إجبار الميليشيا الانقلابية للطلبة على الرسوم المالية يدفعهم للتجنيد الإجباري، مشيراً إلى أن كل عناصر العملية التعليمية يعانون بشدة في المناطق الخاضعة تحت سلطتهم.
وأوضح باسليم لـ«الشرق الأوسط» أن توقف العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسلطة الانقلابيين يزيد المشهد ضبابية عن الآتي، إذ تتجه مخرجات جيل بأكمله نحو مستقبل مجهول، ما دامت الميليشيات مستمرة في فرض سطوتها على الحكم في اليمن.
وقال: «هناك دوامة تعصف بالمناطق الخاضعة لسلطة الانقلابيين، وأول قطاع تعرض للدمار هو قطاع التعليم، فالمعلم يعاني من انقطاع الرواتب وهيمنة سلطات غير شرعية ممثلة في اللجان الثورية في المدارس وسلطة غير شرعية لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، وولي الأمر يعاني من عدم مقدرته تسديد الرسوم غير القانونية المفروضة عليه بموجب توجيهات إلزامية من قيادة الحوثيين، لعدم تسلمه راتبه هو أيضاً».
وفرض الحوثيون على طلاب المدارس في المحافظات المسيطرة عليها، رسوماً شهرية غير قانونية وحددوا سندات دفع وزعت على المدارس بمبلغ 500 ريال يمني للمرحلة الابتدائية، و1000 للإعدادية، و1500 ريال يمني للمرحلة الثانوية، مبررين ذلك بالحرص على استمرار العملية التعليمية.
وحرمت الميليشيات الانقلابية موظفي الدولة ومنهم المعلمون من رواتبهم منذ قرابة العامين، فيما تأخذ إيرادات الدولة العامة وتجمع الجزية وتفرض الضرائب على القطاعات الخاصة والتجار لما يسمى بـ«المجهود الحربي».
إلى ذلك أفاد أولياء أمور في صنعاء، تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» بأن العملية التعليمية أصبحت في عهد سلطة الانقلابيين مجرد أمر شكلي، إذ لا يحصل التلاميذ إلا على حصة أو حصتين في اليوم، نظراً لغياب أكثر المدرسين.
واستغلت الميليشيات هذا التغيب للمدرسين بسبب عدم دفع رواتبهم، وقامت بتعيين المئات من المتطوعين في مدارس صنعاء من الموالين لها، وكلفتهم بمهام التعبئة الطائفية في أوساط التلاميذ، على حد قول أحد أولياء الأمور.
وفي السياق نفسه، أطاحت الجماعة بمدير عام مكتب التربية والتعليم في صنعاء، لاتهامه بموالاة حزب الرئيس السابق، كما أصدرت سلسلة من قرارات التعيين لمديري المدارس الحكومية من أتباعها الطائفيين.
وأكدت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط» أن وزير الميليشيا يحيى الحوثي، وهو شقيق زعيمها، عبد الملك الحوثي، أمر مديري المدارس بتخصيص أنشطة طائفية وسط التلاميذ بالتزامن مع المناسبات الاحتفالية للجماعة.
وطلب من مديري المدارس، بحسب التعميم الرسمي، توثيق الفعاليات والأنشطة المدرسية في أقراص مدمجة بالصوت والصورة، وتسليم نسخ منها لمكتب الحوثي.
وكان القيادي في الجماعة ووزيرها للشباب حسن زيد، حض مطلع السنة الدراسية على إغلاق المدارس في تغريدات على حسابه في «فيسبوك»، وحشد طلبة الثانوية منهم إلى جبهات القتال.
وامتدت إجراءات الميليشيا الطائفية، إلى مدارس الفتيات، عبر قيام مشرفات حوثيات ممن يطلق عليهن «الزينبيات» بإلقاء كلمات توجيهية في طابور الصباح تمجد الجماعة الانقلابية وزعيمها.
وبحسب تقارير أخيرة للأمم المتحدة، فإن نحو 4 ملايين طفل مهددين بترك مدارسهم، بسبب الأحوال الصعبة التي باتت تكتنف حياة أسرهم في ظل التسلط الحوثي.
وفي آخر تقرير قدمته المنظمات الحقوقية اليمنية لاجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف، فإن ثلث مسلحي الميليشيات الحوثية من الأطفال، كما اتهمت الجماعة بخطف الصغار من المدارس دون علم ذويهم.
ويقول ناشطون يمنيون إن «تجريف الحوثيين للتعليم العام هي عملية مقصودة من الجماعة لتجهيل الشعب اليمني، وإعادته إلى ما كان عليه الحال قبل عقود قبل سقوط حكم الإمامة الطائفي في 1962».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.