سعوديات: التطلعات أصبحت واقعاً... ولا حدود لطموحاتنا

حققت المرأة السعودية مكاسب كثيرة خلال أشهر قليلة، ومع حلول يوم المرأة العالمي تتعاظم المكاسب التي حققتها السعوديات، فمن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة إلى إتاحة فرصة دخولها لملاعب كرة القدم، مرورا بتوظيف النساء في جهات عدة لأول مرة مثل النيابة العامة ووزارة العدل.
يضاف لذلك قرارات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية المشجعة على عمل المرأة في تحمّل 80 في المائة من تكاليف نقلها إلى وظيفتها. دون نسيان القرارات المهمة بتعيين السعوديات في مناصب قيادية عليا بالدولة.
هذا التحسن الكبير في أوضاع المرأة لقي حفاوة واسعة من النخب بجميع مجالاتها، ويكاد يكون هو أهم حديث في الشارع السعودي الذي يعوّل كثيرا على «رؤية السعودية 2030»، التي تهدف إلى زيادة مشاركة النساء في قطاع العمل بنسبة تتراوح بين 22 في المائة و30 في المائة بحلول عام 2030، وحاليا يعاد طرح ملف «الولاية» على المرأة بعد دخوله أروقة مجلس الشورى، وذلك في سبيل مضاعفة فرص تمكين المرأة السعودية.
وعن توهج المرأة السعودية في اليوم العالمي للنساء، تقول نورة الشعبان، عضو مجلس الشورى السعودي: «نحن نحتفي كل يوم بالمرأة، في ظل قيادة عليا تقدر المرأة فعليا وتساعدها في إظهار الصورة الحقيقية للمسيرة الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية».
وتؤكد الشعبان خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن وجود المرأة في مجلس الشورى جعلها قادرة على رسم مسارات جديدة والمساهمة في تشريع قوانين تصب في صالح المرأة. مضيفة أن التحديات والعقبات التي صادفت المرأة السعودية جعلتها إنسانة فاعلة ومنتجة ولها صوت مسموع محليا ودوليا.
وتبدي الشعبان حفاوتها بقرار تعيين أول سيدة في منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، قائلة: «أتطلع أن يصبح لدينا كثير من السيدات بهذا المنصب وفي مختلف الوزارات، وأن يتم تعيين سفيرات ودبلوماسيات سعوديات في الفترة المقبلة».
في حين ترى البروفسورة سامية العمودي، مؤسس ورئيس وحدة التمكين الصحي والحقوق الصحية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن «أوضاع المرأة وتمكينها تتصاعد بشكل مذهل». مضيفة: «جيل اليوم يحظى بما لم يحظ به جيلي (جيل الثمانينات)، فبالأمس تم تعيين 15 وكيلة جامعة وقبله صدر قرار تاريخي بحق قيادة المرأة وتعيين النساء في عدد من المناصب الحكومية والخاصة والشورى والبلدية ليس ببعيد، ولعل أهم تلك القرارات تعيين وكيلة وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية وعضوات حقوق الإنسان».
وتستطرد العمودي بحديثها لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «طموحاتنا تعانق السماء وبقي أن نتمنى تعديل بقية الأنظمة المعيقة للمرأة مثل نظام الولاية على المرأة العاقلة البالغة، والمؤشرات واضحة في أنه قادم لا محالة في ظل القرار التاريخي السامي الصادر في مايو (أيار) 2017 برقم 33322 والقاضي بتمكين المرأة من الخدمات دون طلب موافقة ولي الأمر»، وتضيف العمودي: «الأحلام لم تعد أحلاما والتطلعات أصبحت واقعا يتحقق».
من ناحيتها، تقول الدكتورة أمل الطعيمي، وهي كاتبة صحافية: «أنا متفائلة جدا بقادم أجمل في كل شؤون المرأة ليس فيما يخصها فقط بل في الشؤون العامة التي تمثل المرأة فيها نصفا يتكامل مع الآخر والمجتمع الذي يصنعانه معا».
وتتابع الطعيمي حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إذا نظرت لما تناله المرأة من حقوق أرى مجتمعاً حيوياً وصحياً يقوم على خدمة نفسه وصناعة يومه ومستقبله ويتعافى من كثير من المشكلات السابقة التي كانت بحاجة لقانون يحركها في الاتجاه الصحيح ويضبط إيقاع خطواتها وإلى قرار يمكنها من استثمار قدراتها... وها هي القوانين والقرارات بدأت تتوالى والمرأة تحتل مواقعها التي تليق بها».
وتعتقد الطعيمي أن كثيرا من التعديلات في أنظمة مؤسسات الدولة جاء للمرأة فيها نصيب الأسد. مضيفة: «غياب المرأة عنها سابقاً أو عدم الاهتمام بالتفاصيل التي تخصها حولت المرأة إلى مصدر إعاقة في طريق الصحة المجتمعية بالإضافة إلى معاناتها الخاصة التي لا يتساوى فيها الجميع».
وبالاستشهاد بقرار السماح للمرأة بقيادة للسيارة، تقول الطعيمي: «عدم قيادتها أسهم في زيادة عدد العمالة كما ساهم في إرباك اقتصادي للأسرة وللدولة وكانت فيه المرأة عالة ليس على أسرتها فحسب بل على المجتمع كله». وتضيف: «لا نريد أن ننظر لشأن المرأة من زاوية خاصة وضيقة لأنها لا تعيش بمعزل فهي تؤثر وتتأثر وبقوة في كل مجال».
وتتفق معها الدكتورة هتون الفاسي، أكاديمية سعودية مختصة في تاريخ المرأة، التي تصف هذا العام للمرأة بأنه «مختلف بكل المعايير»، وتشبهه الفاسي بعام 2011 عندما دخلت المرأة السعودية لمجلس الشورى والمجالي البلدية، مستدركة: «إلا أن الزخم هذا العام متزايد وغير متوقف، فالانفراجات مستمرة، وهذا مُبشر». وتؤكد الفاسي لـ«الشرق الأوسط» أهمية الاحتفاء بهذه المنجزات في يوم المرأة، مع كون ذلك ينسجم مع المطالبة بأن تدخل هذه المنجزات حيز التغيير والاستمرارية، حسب قولها. مضيفة: «نحن نطالب دائما بالتغييرات، على أن تكون مؤسساتية بصورة أكبر»، مشيرة إلى أن هناك كثيرا من الملفات المتعلقة بالمرأة ما زالت تنتظر النظر فيها، من أبرزها ملف إسقاط الولاية (ولاية الذكور على النساء)، حيث ترى الفاسي أنه آن الأوان للنظر فيه بشكل جدي.
وتتطلع السعوديات اليوم إلى مزيد من الإصلاحات إلى جانب ملف الولاية (إسقاط ولاية الذكور على النساء) الذي دخل مؤخرا إلى أروقة مجلس الشورى بعد جدل اجتماعي واسع حوله في الفترة الماضية، وقضية تحديد سن الرشد للمرأة ومعالجة زواج القاصرات وملف تجنيس أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب، وغيرها كثير من القضايا التي تراهن النخب النسائية على أن الوقت الراهن أصبح متاحا لبحثها وسن تشريعات جديدة حولها.
جدير بالذكر أن الأشهر الماضية شهدت تقليد النساء مناصب نوعية وغير مسبوقة في السعودية، من ذلك: تعيين الأميرة ريما بنت بندر رئيسا للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، وتعيين فاطمة باعشن متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، وتعيين سارة السحيمي رئيس هيئة السوق المالية «تداول»، وتعيين رانيا محمود نشار في منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة «سامبا» المالية، إلى جانب تعيين الدكتورة لبنى الأنصاري ضمن قيادات منظمة الصحة العالمية، كأول سعودية تحصل على هذا المنصب.

سعودية تتعلّم قيادة السيارة (أ.ف.ب)