الجيش الليبي يعلن عن وقف مفاجئ لإطلاق النار في سبها

رفع درجة الاستعداد القصوى في الحقول النفطية تحسباً لأعمال إرهابية

TT

الجيش الليبي يعلن عن وقف مفاجئ لإطلاق النار في سبها

ارتفعت حصيلة الاشتباكات المسلحة التي تشهدها مدينة سبها في جنوب ليبيا أمس إلى 3 قتلى، وفقا لما أعلنه المركز الطبي بالمدينة، بينما أعلن الجيش الوطني الليبي عن هدنة مفاجئة لوقف إطلاق النار، قبل أن يجتمع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، مع قائد اللواء السادس التابع لحكومته في المدينة، فيما بدا أنه بمثابة استمرار للخلافات العسكرية والسياسية بين السراج والجيش، الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وتتعرض مقرات عسكرية تابعة لحكومة السراج على تخوم المدينة إلى هجمات مسلحة من قبائل التبو، وذلك في إطار النزاع المستمر مع قبائل أولاد سليمان، فيما عززت قوات الجيش الوطني من قدراتها العسكرية، وأطلقت عملية عسكرية لفرض القانون في سبها ومختلف مدن الجنوب الليبي.
وبينما تقول حكومة السراج، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، إن سبب الاشتباكات المتقطعة في سبها هو الخلافات القبلية، قال الجيش الوطني إنه يواجه خليطا من عصابات تشادية مسلحة وفلول من تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى مارقين عن القانون.
ومع ذلك، فقد أعلن الجيش الوطني، بقيادة المشير حفتر، عن هدنة مفاجئة مساء أول من أمس في منطقة الجنوب الليبي، حيث أوضح في بيان وزعه أن اللواء طيار محمد المنفور، قائد غرفة عمليات القوات الجوية، وقائد اللواء 12 مجحفل اللواء محمد بن نايل، توصلا عقب سلسلة من الاجتماعات، تنفيذا لأوامر حفتر، مع أعيان وحكماء قبائل الجنوب الليبي، إلى اتفاق يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار وترك الخلافات، ورفع الغطاء الاجتماعي عن أي أجسام قبلية تحتكم للسلاح، وتهدد أمن الوطن والمواطن ومقدراته، تنفيذاً لعمليات حفظ الأمن وفرض القانون.
وبدت هذه الهدنة بمثابة محاولة لتحييد الخلافات القبلية قبل عملية عسكرية للجيش في المنطقة الجنوبية، حيث أعلنت غرفة عمليات سلاح الجو أنها بدأت في عمليات استطلاع طلعات جوية للطيران الحربي من قاعدة براك الشاطئ الجوية لكل مناطق الجنوب.
وأوضح الجيش، في بيان إضافي منفصل، أن هذا التطور جاء «ضمن عملية تأمين الجنوب التي أطلقتها القيادة العامة لاستتباب الأمن، وفرض هيبة الدولة ومنع أي اعتداء خارجي ورصد أي تحركات مشبوهة».
كما نقل عن غرفة العمليات تأكيدها على أنها ستتعامل مباشرة بالذخيرة الحية وفق التعليمات الصادرة إليها مع أي هدف يشكل تهديدا لليبيا وأمنها وسلامة أراضيها.
في المقابل، اجتمع فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، في العاصمة طرابلس مع قائد القوات الموالية لحكومته في مدينة سبها، الذي كان المشير حفتر قد أقاله من منصبه الأسبوع الماضي. وقال بيان للسراج إنه بحث بصفته القائد الأعلى للجيش مع العقيد أحمد العطايبي، آمر اللواء السادس المتمركز بسبها ومعاونه، تطورات الوضع الأمني في الجنوب، حيث يتمركز اللواء السادس، موضحا أنه أصدر تعليماته باتخاذ حزمة من الإجراءات لدعم اللواء السادس لحماية وتأمين المنطقة الجنوبية من المخاطر كافة، والتنسيق مع القوى الأمنية في المنطقة.
كما استقبل السراج، أمس، وفدا من مجلس حكماء وأعيان قبيلة المشاشية في المنطقة الجنوبية، الذين أكدوا دعمهم لحكومته وتأييدهم لما يبذله من جهود للم الشمل، والخروج بالوطن من الأزمة الراهنة، طبقا لبيان رسمي.
لكن المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان قبائل التبو أعلن في المقابل عن دعمه لعملية «فرض القانون» التي أطلقها حفتر أول من أمس في المنطقة الجنوبية، وقال في بيان له إن «جميع ثروات الليبيين من الموارد الطبيعية الموجودة في الجنوب في أيد أمينة»، في إشارة إلى دعمه قوات الجيش الوطني.
من جهة أخرى، تصدرت الأوضاع الإنسانية في مدينة درنة، التي تعتبر المعقل الرئيسي «للجماعات الإرهابية» في شرق ليبيا، الاجتماع الذي عقده أول من أمس رئيس بعثة الأمم المتحدة في طرابلس غسان سلامة مع وفد يترأسه عوض لعيرج، رئيس المجلس البلدي للمدينة.
وجاء الاجتماع بينما قصفت قوات الجيش، التي تحاصر المدينة منذ العام الماضي، مواقع للمتطرفين في الناحية الغربية من المدينة، التي تم فيها أيضا إعلان حالة الاستنفار الأمني لقوات الجيش، تحسبا لهجمات مضادة من ميليشيات تنظيم ما يعرف باسم مجلس شورى ثوار درنة.
ميدانيا، أعلن العميد مفتاح المقريف، قائد جهاز حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى والشرقية التابع للجيش الوطني، رفع درجة الاستعداد القصوى في الحقول النفطية، تحسبا لأي هجوم غادر من «التنظيمات الإرهابية».
وقال جهاز حرس المنشآت، في بيان، إن المقريف أعطى تعليماته لأمراء قوات حرس المنشآت النفطية، المنتشرة في جميع الحقول الواقعة في نطاق الجهاز، بأخذ الحيطة والحذر، مشيرا إلى أنه طمأن الشعب الليبي بأن الأوضاع في الحقول النفطية تسير بشكل طبيعي وجيد، موضحا أن دوريات الحرس مستمرة، والبلاغات تصل أولا بأول إلى مقر الجهاز.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعلنت، في بيان لها، عن استئناف الإنتاج بحقل الشرارة، بعد توقف دام أكثر من 24 ساعة، وتسبب بفاقد إنتاج قرابة نصف مليون برميل وبخسائر تقدر بثلاثين مليون دولار أميركي.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.