الفلسطينيون يتجهون لتعليق الاعتراف بإسرائيل... و«تدويل» الصراع

السلطة ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات الأميركية

مستوطنون إسرائيليون يتابعون وضع منزل بالقرب من مستوطنة قرية عربة في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنون إسرائيليون يتابعون وضع منزل بالقرب من مستوطنة قرية عربة في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يتجهون لتعليق الاعتراف بإسرائيل... و«تدويل» الصراع

مستوطنون إسرائيليون يتابعون وضع منزل بالقرب من مستوطنة قرية عربة في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنون إسرائيليون يتابعون وضع منزل بالقرب من مستوطنة قرية عربة في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

رفض مسؤولون فلسطينيون دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للعودة إلى طاولة المفاوضات، وقالوا إنه عزل نفسه والولايات المتحدة الأميركية عن أي دور في العملية السياسية بإصراره على «إزاحة» القدس من على الطاولة، مبرزين أنهم يتجهون لتعليق الاعتراف بإسرائيل و«تدويل» الصراع.
وقال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس، إن الفلسطينيين سيعلقون الاعتراف بإسرائيل، رداً على مواقف الرئيس الأميركي المتعلقة بالقدس، بما في ذلك قوله إنه قد يشارك شخصياً في افتتاح السفارة الإسرائيلية في القدس، خلال مايو (أيار) المقبل.
وأضاف عريقات أن «الرئيس ترمب أراد عزل القدس، لكنه عزل الولايات المتحدة. ولذلك، لم يعد أمامنا من سبيل سوى تنفيذ توصيات المجلس المركزي بتعليق الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف بدولة فلسطين».
كان ترمب قد قال في أثناء لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه قد يفتتح ​السفارة الأميركية في ​القدس​ بنفسه، إذا كان قادراً على الذهاب، وأكد أنه فخور بقراره نقل السفارة إلى القدس، التي أزاحها من على طاولة المفاوضات، معتبراً أن القدس لم تعد محل نقاش. وقال في هذا السياق: «يعتبرون القدس عائقاً، نحن أزحنا هذا العائق».
وتوقع ترمب أن يعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات، بقوله: «نبذل عملاً شاقاً جداً في هذا الشأن، وأعتقد أن لدينا فرصة جيدة جداً. أعتقد أن الفلسطينيين يريدون العودة إلى طاولة المفاوضات. وإذا لم يقوموا بذلك، فلن يكون ثمة سلام، هذا أيضاً احتمال».
ورد محمد أشتية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وهو مساعد كبير لعباس، على ترمب بالقول إن «القيادة الفلسطينية لن تعود إلى الطاولة، ونهج التفاوض الثنائي لم يأت بأي نتائج، والقيادة الفلسطينية لن تقبل بالعودة إلى هذا المسار تحت أي ظرف من الظروف؛ هذا النهج انتهى»، وتابع متسائلاً: «بعد استبعاد قضايا القدس واللاجئين، ماذا تبقى؟».
واتهم أشتية الإدارة الأميركية بأنها أصبحت جزءاً من المشكلة، وأنها منحت حكومة الاحتلال الضوء الأخضر لانتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
وشدد أشتية على أن الفلسطينيين «كانوا دائماً جاهزين للحل السياسي، لكن لم يكن هناك شريك، واليوم ليس هناك وسيط أيضاً»، داعياً العالم لمساعدة الفلسطينيين على تصحيح المسار، عبر «تدويل الصراع». وقال إن القيادة الفلسطينية تسعى إلى خلق مسار دولي متعدد الأطراف، بدل النهج الثنائي برعاية أميركية.
وفي السياق نفسه، أوضح أشتية أن القرارات الأميركية والإجراءات الإسرائيلية لن تدفع الشعب الفلسطيني للاستسلام والقبول بأي عرض ينتقص من حقوقه، مؤكداً أن «القدس ركن أساسي في حقوقنا».
ومنذ إعلان الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل، قطع الفلسطينيون العلاقات مع الإدارة الأميركية الحالية، وطرحوا خطة خاصة تقوم على عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الحالي، ينتج عنه تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم، حسب اتفاق أوسلو، بما في ذلك القدس. ويتطلع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لآلية تقوم على «5 زائد 2» أو «7 زائد 2»، على غرار «5 زائد 1»، التي وضعت الاتفاق النووي الإيراني. كما يريد عباس، إلى جانب الرباعية الدولية، أن تنضم إلى هذه الآلية مجموعة دول مؤثرة، من بينها دول عربية.
لكن واشنطن مصرة على طرح خطتها للسلام، متجاهلة خطة الفلسطينيين حتى الآن. وقد أعلن أكثر من مسؤول فلسطيني أن خطة ترمب مرفوضة سلفاً.
وهاجمت وزارة الخارجية الفلسطينية الرئيس الأميركي، أمس، وإدارته، قائلة: «إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم تستخلص العبر والدروس منذ قرارها المشؤوم الاعتراف بالقدس (عاصمة لإسرائيل)، ونقل السفارة إليها، ولم تقرأ كل الإشارات الواضحة التي تصلها من الدول، أو من الأمم المتحدة وقراراتها، بل ما زالت تغمض أعينها عن الحقيقة، وتصر على ارتكاب الأخطاء تلو الأخطاء، والإجحاف بحقوق شعبنا الفلسطيني، والإضرار بما سبق من رعاية أميركية لعملية السلام».
وأضافت الوزارة في بيان أن «تصريحات ترمب تؤكد أنه يقرأ بشكل خاطئ حقائق الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ويبني عليها قراراته التي ستكون بالضرورة خاطئة ومليئة بالتناقض والتضارب، اللذين يعكسان ارتباكاً في مقاربته لحل الصراع. فتارة يعلن عن تمسكه بـ(سلام) على مقاسات مواقفه المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه، وتارة أخرى يعلن عن أهمية وجود الطرف الفلسطيني وموافقته لاستئناف المفاوضات وتحقيق السلام».
وأكدت الخارجية أنه «لا حل للصراع إلا باعتراف الولايات المتحدة والعالم أجمع بدولة فلسطين على حدود عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها، وأن لا سلام دون قبول الأطراف كافة بمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، والالتزام بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، التي تشمل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، واعتبار الاحتلال الإسرائيلي باطلاً، والاستيطان غير قانوني وغير شرعي، ويجب إزالته عن الأرض الفلسطينية المحتلة».
وشددت الخارجية على أن حل الصراع ببعده الإقليمي لن يتحقق دون استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه الوطنية، كما لن يكون هناك حل للصراع إلا بالقدس الشرقية بكامل حدودها عاصمة أبدية لدولة فلسطين، ولا يمكن تحقيق السلام في ظل هذا الاستيطان السرطاني المستشري في الأرض الفلسطينية المحتلة، مع ضرورة توفير التعويضات للمواطنين الفلسطينيين جراء الانتهاكات الإسرائيلية التي تمت بحق أراضيهم. كما أكدت أنه لن يكون هناك سلام ما دامت الحكومة الإسرائيلية تتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتواصل مناهضتها، وما دامت إسرائيل ترتكب المخالفات الجسيمة للقانون الدولي، وتتمرد على قرارات الأمم المتحدة، وتنتهك اتفاقيات جنيف، وما دامت السياسات التشريعية الإسرائيلية تهدف إلى إلغاء الوجود الوطني والإنساني الفلسطيني على أرض وطنه، وبشكل خاص في القدس الشرقية المحتلة، وتستمر في تقويض فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.
كما أعربت الخارجية عن أملها في أن تلتقط إدارة الرئيس ترمب الفرصة، وتصحح المسار الخاطئ الذي بدأته، و«ما زالت أمامهم تلك الفرصة فيما تبقى من وقت».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.