سجل القطاع العقاري السعودي خلال شهر فبراير (شباط) المنصرم انخفاضا في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة قاربت من الـ25 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات العقارية عند 3.2 مليار دولار، مقارنة بنحو 4.2 مليار دولار خلال الشهر ذاته من العام المنصرم، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كافة الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا النزول يأتي امتدادا لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة والتي بدأت حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق نزولا متتاليا في قيمة وعدد الصفقات.
وألقت رسوم الأراضي وضريبة القيمة المضافة بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعة بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما كان بعيداً عن الانخفاضات السوقية حتى منتصف العام الماضي، حيث كان محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية ودخولها كمطور غير ربحي عبر برنامج «سكني» تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته للعام الثاني على التوالي.
وأكد عبد العزيز الشمري المدير العام لشركة المدلول للتطوير العقاري أن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ العام 2014 الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق خصوصاً في العقد الأخير، حيث إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير. وأضاف الشمري، أن السوق تشهد نزولا ملحوظا في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصا أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً، بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذا الربع أن هناك انخفاضا ملحوظا في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، مما يوحي بأن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وجاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضا سنويا وصلت نسبته إلى 44.2 في المائة، مقابل انخفاض قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 14.3 في المائة.
وفي صلب الموضوع أشارت جنا الزعاقي التي تدير عددا من الاستثمارات العقارية فيما يخص الوحدات السكنية الجاهزة، إلى أن فقد السوق لما يلامس الـ25 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعوا إلى ذلك، إلا أن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أياما عصيبة في ظل شح السيولة لدى المشترين.
وقالت: «خصوصا للقطاع السكني الذي يعيش أياما عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة».
وزادت الزعاقي «الحديث عن فتح خيارات تمويل سواء كانت حكومية أو غير حكومية غير مجد في هذا التوقيت بالذات في ظل ارتفاع أسعار العقارات لأكثر من قيمتها الحقيقية رغم انخفاضها منذ نهاية العام قبل المنصرم إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء»، ولفتت إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة.
وارتفع عدد الصفقات العقارية بنسبة 7.2 في المائة، ليستقر عند مستوى 4617 صفقة عقارية، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 1.6 في المائة. وارتفع عدد العقارات المبيعة خلال الأسبوع بنسبة 7.3 في المائة، ليستقر عند 5024 عقارا مبيعا، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 4.3 في المائة. وارتفعت مساحة الصفقات العقارية بنسبة 19.0 في المائة، مستقرة عند 55.9 مليون متر مربع، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 6.3 في المائة.
من جهته أشار أحمد الدريس الذي يدير شركة مستقبل بناء العقارية إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين إلا أنه يعتبر بأن هناك تفاؤلا نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك.
وبين أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار، التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، بأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الدريس، أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبينا أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
وسجل إجمالي قيمة الصفقات العقارية للفترة انخفاضا بلغت نسبته 21.4 في المائة، مستقرا بنهاية الفترة عند مستوى 7 مليارات دولار، مقارنة بمستواه خلال الفترة نفسها من العام الماضي عند مستوى 9 مليارات ريال، جاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة انخفاض بلغت 22.2 في المائة، مقابل انخفاض قيمة صفقات القطاع التجاري خلال الفترة بنسبة 19.7 في المائة.
انخفاض 25 % في قيمة الصفقات العقارية السعودية الشهر الماضي
انحدار التجارية منها بنحو 44 %... والسكنية أقل تضرراً بتراجع 14 %
انخفاض 25 % في قيمة الصفقات العقارية السعودية الشهر الماضي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة