حزب مكافحة الفساد في الهند يواجه قضايا فساد

أنصار زعيم حزب مكافحة الفساد الهندي من الفقراء والمهمشين (واشنطن بوست)
أنصار زعيم حزب مكافحة الفساد الهندي من الفقراء والمهمشين (واشنطن بوست)
TT

حزب مكافحة الفساد في الهند يواجه قضايا فساد

أنصار زعيم حزب مكافحة الفساد الهندي من الفقراء والمهمشين (واشنطن بوست)
أنصار زعيم حزب مكافحة الفساد الهندي من الفقراء والمهمشين (واشنطن بوست)

خلال إحدى مسيراتهم الأخيرة، لوح مؤيدو الحزب السياسي الهندي الجديد بالمقشات في الهواء، في إشارة إلى استعدادهم لتنظيف المنزل، هاتفين: «تخلصوا من الفساد» بعدما أزكمت رائحة الفساد الأنوف في الهند.
تزايدت حدة الهتافات مع وصول زعيم الحزب، آرفيند كيجريوال، مستقلا سيارة رياضية مكشوفة، واستقبله أنصاره بالورود وترديد اسمه.
تحول كيجريوال، مفتش الضرائب السابق، إلى ناشط حقوقي قبل ثلاث سنوات، قبل أن يقود سلسلة من إضرابات الجوع ويكشف فساد الطبقة القوية والغنية في الهند، وهو ما منحه دعما شعبيا واسعا.
ويواجه كيجريوال حاليا أقوى تحد في تحويل تلك النوايا الطيبة إلى صوت فاعل في الساحة السياسية. ويواجه حزبه الذي شكله حديثا «آم آدمي» (الرجل العادي) أول اختبار له في انتخابات العاصمة التي ستجرى في الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، التي تسبق الانتخابات العامة المزمع إجراؤها ربيع العام المقبل.
وأبدى كيجريوال سعادة كبيرة بحجم الاستجابة التي لقيتها حركته أثناء تحرك سيارته الرياضية ببطء في هذا الحي الذي تقطنه أغلبية من الطبقة العاملة والذي يغص بالمتاجر الخشبية والحوانيت الصغيرة.
لكن الحقيقة أطلت برأسها عندما بلغ فريق تابع لقناة إخبارية السيارة ووجهوا له سؤالا عن مرشحي أعضاء حزبه الذين ضبطوا أثناء تلقيهم رشى. ورد رئيس الحزب بعد التعهد بالاطلاع على الشرائط وفصل المرشحين الذين تصرفوا بصورة غير لائقة: «لسنا منزعجين بشأن ذلك».
كانت تلك أحدث الضربات التي أظهرت أن تحول كيجريوال من أيقونة شعبية إلى سياسي ربما تكون أكثر صعوبة مما كان يتوقع.
كانت نيودلهي قد شهدت قبل عامين تدشين حركة الهند ضد الفساد التي قادت مظاهرات في شوارع دلهي وحواضر الهند الأخرى، نتيجة لاستشراء الفساد في الحكومة الهندية، وتنامي الشعور بالإحباط بسبب الرشى التي يضطر أبناء الطبقة الوسطى لدفعها لقضاء مصالحهم.
وتقول سوشيلا ياداف، معلمة تقطن غرب نيودلهي، التي تحولت إلى تأييد كيجريوال أخيرا: «كل شيء صار مكلفا، والكهرباء دائمة الانقطاع، وخدمات الصرف الصحي غير متوافرة، ومياه الشرب النظيفة غير متوافرة. أنا لا أحب دفع الرشى، لكننا مضطرون لذلك».
بدأ كيجريوال حربه ضد الفساد منذ بداية عمله في الحكومة عندما لاحظ سوء تصرف المسؤولين، لكن دفة الأمور تغيرت عندما انضم إلى ناشط آخر (آنا هازاري)، وهو ما أكسبه اهتماما واسعا. قاد هازاري، البالغ من العمر 76 سنة الحركة، وبدأ سلسلة من إضرابات الجوع التي استحوذت على اهتمام الهند. طالب الرجلان البرلمان الهندي بالتصديق على قانون لوكبال، وتشكيل مفوضية للمحاربة الفساد في البلاد، لكن تلك الرغبة سرعان ما خففت، وضاع القانون في غياهب النسيان.
لكن كيجريوال ومؤيديه قرروا الصيف الماضي خوض تجربة أخرى، بحسب براشنات بوشان، محام وأحد مؤسس حزب «آم آدمي»، الذي قال: «رأينا أن كل الأحزاب والنظام بأكمله سيطر عليه الفساد إلى حد أنهم لن يرضخوا ما لم يواجهوا تحديا حقيقيا في الانتخابات من قبل أفراد يتحلون بالنزاهة».
غير أن الشقاق دب بين كيجريوال وهازاري بسبب قرار الأول دخول عالم السياسية، وتنازع الرجلان في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عندما اتهم هازاري حزب «آم آدمي» باستغلال اسمه دون تصريح، وشكك فيما إذا كان كيجريوال يستخدم تمويلات الحركة المدنية من أجل مكاسب سياسية، وهي الاتهامات التي نفاها كيجريوال. ووعد الحزب بتوفير المياه النظيفة وخفض فواتير الكهرباء تلك الوعود التي قال عنها منتقدو الحزب إنها ليست سوى محاولة للحصول على أصوات الناخبين في هذه المدينة الواسعة التي يقطنها 16 مليون شخص، والتي تشير التقديرات الحكومية إلى أن نصف سكانها يعيشون في العشوائيات والمنازل غير المرخصة. يحظى كيجريوال بدعم المعلمين ومالكي الشركات الصغيرة والكثير من سائقي الريكشا الذي رفعوا شارة الحزب على مؤخرة مركباتهم. كما تلقى الحزب تبرعات بلغت نحو 3.5 مليون دولار، وهو ما وصفه الحزب بأنه أمر لم تشهده السياسة الهندية من قبل. يتنافس مرشحو الحزب على كل المقاعد في دوائر برلمان نيودلهي، بمن فيهم كيجريوال ذاته الذي يخوض الانتخابات في مواجهة شيلا ديكشيت، رئيسة حكومة نيودلهي القوية والنائبة عن حزب المؤتمر الوطني الهندي الحاكم.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها شبكة «إيه بي بي» الإخبارية إلى تقدم حزب المعارضة الرئيس بهاراتيا جاناتا بنسبة 33 في المائة مقابل 26 في المائة لحزب المؤتمر الهندي و23 في المائة لحزب أم أدمي، فيما أشارت استطلاعات أخرى إلى حصول الحزب على نسبة أقل.
واستقطب الحزب الكثير من الاهتمام بين أبناء الهند المقيمين بالخارج وصار للحزب مؤيدون في جميع أنحاء العالم.
يقول بران كوروب (46 سنة)، مواطن هندي يرأس شركة تعليم عبر الإنترنت في وادي السليكون بكاليفورنيا: «عندما بدأ حزب (آم آدمي) الحديث عن مكافحة الفساد والشفافية والإصلاح لقي ذلك صدى كبيرا لدى نطاق واسع من الأفراد. يسود اهتمام بين الكثير من المغتربين الهنود بما يجري في بلادهم والحاجة إلى تغيير منهجي وأن هذا التغيير المنهجي يمكن تنفيذه من خلال لاعبين جدد لم تلوث أيديهم بالرشى».
لكن هذا الدعم الخارجي لم يحل دون توجيه انتقادات لاذعة لحزب كيجريوال، فيقول فينيت ناراين، الصحافي المحنك الذي كان أحد دعائم محاربة الفساد: «لن يتمكنوا من الوفاء بما وعدوا بالقيام به لصالح الأمة. هؤلاء الأفراد طموحون للغاية ولا يزالون هواة وألعوبة في يد المصالح الغربية». في تلك الأمسية التي التقى فيها مؤيدو الحزب الذين ارتدوا الشعارات الخاصة بالحزب، ألقى كيجريوال كلمة تحدث فيها عن الدعائم الأساسية لحملته من مكافحة الفساد وارتفاع أسعار المواد الغذائية وسلامة النساء، والقصور في مياه الشرب والكهرباء.
لم يتطرق كيجريوال في كلمته إلى الحديث عن الاتهامات بالفساد التي طالت عددا من مرشحي حزبه، لكن مفوضية الانتخابات لا تزال تقيم التقارير التلفزيونية التي يقول قادة الحزب إنها جرى التلاعب بها. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الفيديوهات التي نشرت على موقع «onmediasarkar.com» إحدى الحيل القذرة للحملة الانتخابية للأحزاب الأخرى، أم أنها، كما يخشى بعض أنصاره، إشارة إلى أن مرشحي الحزب لا يختلفون عن سياسيي المدرسة القديمة في الهند الذين يطمحون إلى أن يحلوا محلهم.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.