تونس وجهة سياحية لا تموت

أدمجت سياحة المغامرة وزيارة الصحراء لجذب مزيد من الزوار

تونس وجهة سياحية لا تموت
TT

تونس وجهة سياحية لا تموت

تونس وجهة سياحية لا تموت

تأمل السلطات التونسية في استغلال عودة وكالات الأسفار الغربية، مثل «توماس كوك» إلى السوق التونسية، والانتعاشة التي يشهدها القطاع السياحي لتحقيق زيادة في إيرادات السياحة بنحو 25 في المائة خلال الموسم الحالي، خاصة بعد أن تقلص عدد السياح الأوروبيين بسبب الهجمات الإرهابية التي عرفتها تونس بعد ثورة 2011، ومن بينها الهجومان الإرهابيان اللذان استهدفا المتحف الوطني بباردو (غربي العاصمة)، وأحد فنادق مدينة سوسة (وسط شرقي) سنة 2015، وهي الهجمات التي أصابت القطاع السياحي في مقتل، وأدخلته في دوامة شك ما زالت تأثيراتها متواصلة إلى الآن.
لكن رغم الهزة القوية التي عرفها القطاع السياحي، فإن لهجة التفاؤل ما زالت غالبة، إذ قالت سلمى اللومي، وزيرة السياحة التونسية، لدى افتتاحها سوقا سياحية دولية الأسبوع الماضي: «نحن ننتظر استقبال أكثر من 8 ملايين سائح هذه السنة، مقابل 7 ملايين سائح وفروا عملة صعبة بقيمة 2.8 مليار دينار تونسي في موسم 2017».
وأفادت اللومي بأن عدد الوافدين على تونس من السياح من مختلف الجنسيات وصل إلى حوالي 662 ألفا و680 زائرا إلى غاية 20 فبراير (شباط) الماضي، أي بنسبة زيادة قدرت بنحو 19 في المائة مقارنة بنفس النتائج المسجلة خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، كما ارتفع عدد السياح الجزائريين الذين زاروا تونس منذ بداية السنة بنسبة 30 في المائة. وأضافت اللومي موضحة أن العائدات السياحية ارتفعت إلى غاية نفس التاريخ بـ245 مليون دينار، مسجلا زيادة بنسبة 16 في المائة.
وتستهدف وزارة السياحية التونسية تحقيق إيرادات هذا العام بقيمة 3.5 مليار دينار تونسي (نحو 1.4 مليار دولار)، مقابل إيرادات حققتها العام الماضي بقيمة 2.8 مليار دينار (1.1 مليار دولار). ومن المنتظر، وفق توقعات قدمتها وزارة السياحة التونسية خلال الفترة الماضية أن يرتفع عدد السياح الروس خلال الموسم السياحي الحالي من 600 ألف سائح في 2017 إلى 623 ألفاً، والسوق الفرنسية من 550 ألف سائح إلى 650 ألفاً، كما توقعت صعود عدد السياح البولونيين من 8 آلاف إلى 70 ألف سائح، ومن المنتظر أيضا أن تعرف السوق السياحية التشيكية تحسناً ملحوظاً من خلال ازدياد عدد السياح من 65 ألفاً إلى 90 ألف سائح، وهي مؤشرات ترجح تحقيق توقعات وزارة السياحة التونسية في حال تواصل نفس نسق الحجوزات السياحية الحالية.
ويعود هذا التقدم الملحوظ إلى عدة عوامل أبرزها أن تونس تقدم ميزات كثيرة في منافستها مع بقية الوجهات السياحية، وفي مقدمتها انخفاض كلفة الإقامة، لدرجة أن البعض يصف السياحة التونسية بأنها «سياحة الفقراء». لكن تونس ما زالت تعول على كثرة الوافدين عوض نوعية السياح.
تقدم تونس لسياحها نحو 40 ألف معلم أثري من مختلف الحقبات التاريخية، كما تتميز بخصائص طبيعية متميزة. فخلال فصل الشتاء تكون درجات الحرارة متوسطة في المناطق الصحراوية، وفي جزيرة الأحلام جربة، وهو ما يجذب المتقدمين في السن من دول الاتحاد الأوروبي، الهاربين من صقيع أوروبا. كما أن قربها من عدة دول أوروبية، على غرار إيطاليا وفرنسا إسبانيا، يجعل التنقل إليها يسيرا، ويغري الكثير من السياح بالتنقل بسهولة للاطلاع على كنوز تونس الأثرية والمعمارية.
وتمنح تونس زائريها نعمة الشمس والبحر، ولا تبخل بهما على مختلف الجنسيات، التي تفد عليها بروح مرحة وإرادة قوية، وتقدم عروضا مغرية لضمان عودتهم إلى الوجهة السياحية التونسية. وبسبب هذه الخطة السياحية بدأت تونس تزاحم بقوة معظم الوجهات السياحية المنافسة، خاصة تلك المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وذلك بفضل مناخها المعتدل وموقعها الجغرافي الاستراتيجي القريب من السوق الأوروبية، التي تعتبر الخزان الأساسي للسياحة التونسية على مر العقود الماضية.
وخلال السنوات الأخيرة تمكنت عدة مناطق سياحية من ترك بصمة إيجابية لدى السياح، وباتت مناطق طبرقة وبنزرت والحمامات ونابل ومرسى القنطاوي، والمهدية وجزيرة جربة من أهم المناطق السياحية المطلوبة على المستوى العالمي، خاصة أن كل منطقة من هذه المناطق لها ميزاتها التي لا تضاهى، فطبرقة وبنزرت تجمعان بين الجبل والبحر، ومناطق نابل والحمامات تعد مصدر أشهى الفواكه، وأهمها أصناف البرتقال، ومناطق الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) وهبها الله نعمة الشمس والبحر وغابات الزيتون الفسيحة، أما مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي(الكاف وجندوبة وباجة والقصرين والقيروان) فتقدم للزائرين تاريخا تليدا لحضارات تعاقبت على تونس. أما مناطق الجنوب فلها عناصر جذب لا تنتهي، وفي مقدمتها غابات النخيل والقصور البربرية العتيقة، ومشاهد غروب الشمس الرائعة وهي تغيب في غياهب اليم.
ولئن ارتبطت السياحة في تونس خلال الثلاثة عقود الأولى بالشمس والبحر كمنتجين طبيعيين، فإن السائح الفضولي بات لا يكتفي بهما، خاصة بعد أن أدمجت وزارة السياحة التونسية المنتج السياحي الصحراوي ضمن المسالك السياحية القارة، كما فتحت أبواب المغامرة أمام عدد من السياح الذين يرغبون في مزيد من الاستكشاف من خلال تنظيم رحلات ترفيهية إلى عدد من الجزر المتناثرة في البحر الأبيض المتوسط، على غرار أرخبيل جالطة القريب من سواحل مدينة بنزرت، أو جزيرتي زمرة وزمبرتة القريبتين من منطقة الهوارية، أقرب نقطة تونسية من السواحل الإيطالية.
ويجتذب أسلوب الحياة المحافظة على ميزاتها الطبيعية في أرخبيل قرقنة القريب من مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس) وخصوصيات الحياة في جزيرة جربة (جنوب شرقي) نوعية مميزة من السياح، الباحثين عن حياة هادئة، بعيدا عن صخب الحضارة الغربية، وغالبا ما يجدون ضالتهم في تونس.
لقد عرف القطاع السياحي في تونس أزمة وافدين على السنوات الأخيرة، وهو ما دفع إلى طرح سؤال تقليدي حول أولوية توجيه الاستثمار: هل يتم نحو السياحة لتوفير خدمات راقية لسياح راغبين في السوق السياحية التونسية، التي باتت تنافس بعدة ميزات لا تتوفر في دول أخرى؟ أم تعطى للفلاحة التي تضمن الاكتفاء الذاتي الغذائي، وهو أهم من سياحة مهددة في أي وقت بالأزمات.
لكن هذا السؤال غالبا ما يتم تجاوزه من قبل كل الأطراف، لأن خيارات دعم القطاع السياحي كانت واضحة منذ عقد السبعينات من القرن الماضي.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد
TT

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

البترون وجبيل وزغرتا... تتألق وتلبس حلة الأعياد

في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، تتنافس بلدات ومدن لبنانية على اجتذاب الزوّار. مدينتا جبيل والبترون كما زغرتا تشكّل وجهات سياحية داخلية محببة. تتوجه إليها العائلات لتمضية يوم كامل في أسواقها وشوارعها المرتدية حلة العيد.

صاحبة لقب «عاصمة الميلاد»... البترون

كعادتها كل سنة، ترتدي بلدة البترون الشمالية حلّة الأعياد قبل غيرها من المناطق اللبنانية. وهذا العام افتتحت صاحبة لقب «عاصمة الميلاد» موسم الأعياد بنشاطات مختلفة. فأطلقت شجرة ومغارة الميلاد. وافتتحت قرية العيد ومعارض وأسواقاً خاصة بالمناسبة.

زغرتا ونشاطات مختلف بمناسبة الأعياد (انستغرام)

كل ما يخطر على بال زوّار البترون سيجدونه في أسواقها القديمة المطبوعة بعيدي الميلاد ورأس السنة. ففيها تحضّر المونة وتنتشر المقاهي والمطاعم والمنتجات اللبنانية من أشغال يدوية وحرفية وغيرها. وتعدّ من أقدم الأسواق في لبنان، وهي مبنية بأسلوب العمارة التراثية، حيث تجذب السياح والمقيمين. تتألف الأسواق من أزقة، يشعر زائرها وهو يجتازها، بأنه في قلب صفحات تاريخية. وتدأب بلدية البترون في هذا الوقت من كل سنة على تقديم أسواقها بأبهى حلة. وتبرز قناطرها الحجرية المزينة. وتصطف على جانبي السوق الحوانيت والدكاكين، فتعرض كل ما يتعلّق بهذه المناسبة من هدايا وحلويات وعطور وبخور وأزياء.

الزينة في مدينة جبيل (انستغرام)

الموسيقى الميلادية تملأ الأجواء. وفي المناسبة تم إطلاق «ورشة بابا نويل»، وفيها يتاح للأطفال والأولاد التقاط صور تذكارية مع هذه الشخصية العالمية. وكذلك القيام بنشاطات مختلفة من تلوين الرسوم واللعب والترفيه.

وللكبار حصّتهم من هذه السوق. ومع كوب شاي ونارجيلة أو بعض المرطبات والحلويات والمثلجات يستمتعون بلحظات استرخاء. كذلك بإمكانهم تناول ساندويشات الفلافل والشاورما وأكلات أخرى لبنانية وغربية.

البترون من الوجهات الجميلة فترة الاعياد (انستغرام)

«هيللو بيبلوس»... جديدها بمناسبة الأعياد

تحرص مدينة بيبلوس (جبيل) على التجدد في كل مرة تتاح لها الفرصة. هذا العام، وبمناسبة إطلاقها شهر الأعياد، أعلنت عن موقعها الإلكتروني «هيللو بيبلوس» (Hello Byblos). وهو من شأنه أن يسهّل لزوّار هذه المدينة طريقة الوصول إليها، ويضيء على أهم معالمها السياحية والأثرية. وتأتي هذه الخطوة بمناسبة مرور 15 عاماً على إدارة بلدية جبيل للمدينة.

وخلال فترة الأعياد باستطاعة زوّار هذه المدينة العريقة تمضية يوم كامل بين ربوعها. فكما أسواقها الميلادية، كذلك افتتحت شجرة العيد، وتم تزيينها بأكثر من 10 آلاف متر إنارة. وفي الشارع الروماني حيث تنتصب شجرة الميلاد تتوزّع أقسام السوق الميلادية الخاصة بهذا الموسم. وتحت عنوان: «الأمل بيضوّي بجبيل» تقام الاحتفالات في المدينة في شهر ديسمبر (كانون الأول).

ومن يقصد هذه المدينة باستطاعته القيام بعدة نشاطات سياحية، ومن بينها زيارة قلعة جبيل الأثرية ومرفئها القديم. ولهواة المتاحف يحضر في هذه المدينة متحف الأسماك المتحجرة، ومتحف الشمع الخاص بالفن الحديث والمعاصر.

مدن ومناطق لبنان تلبي حلة العيد رغم الظروف الصعبة (انستغرام)

زغرتا وللأعياد نكهتها الخاصة

تعدّ بلدة زغرتا أمّ المعالم الطبيعية والتاريخية. يزورها اللبنانيون من كل حدب وصوب للاستمتاع بنشاطات رياضية وترفيهية مختلفة.

وفي مناسبة الأعياد تقدم زغرتا نشاطات فنية وثقافية. وتحت عنوان: «ليلة عيد»، يمكن لزائرها المشاركة بفعاليات الأعياد التي تنظمها جمعية «دنيانا»، ويتخللها «قطار العيد» الذي ينظم جولات مجانية متعددة للأطفال في شارع زغرتا الرئيس. ويرتدي الشارع بدوره حلة الميلاد وزينته. وتقدّم العديد من الأنشطة الترفيهية والموسيقية. ويحضر في هذه الفعالية مجموعة من الشخصيات الكرتونية المُحببة إلى قلوب أطفالنا؛ فيطلّ «سانتا وماما كلوز»، وترافقهما فرق موسيقية تعزف أغاني وترانيم الميلاد، لبث جوّ الفرح والأمل.

وتفتح المحال التجارية أبوابها لساعات متأخرة من الليل. وتقدّم لزوّارها هدايا رمزية من وحي العيد.

وتشتهر زغرتا بمعالمها الأثرية والطبيعية المختلفة. وتكثر فيها الطواحين القديمة التي تشكّل جزءاً من تراثها. وكما طاحون نحلوس في أسفل زغرتا من الجهة الشرقية الشمالية، هناك أيضاً طاحون المخاضة العليا المشهور بأقبيته من العقد الحجري.

كل ما يخطر على بال زوّار البترون سيجدونه في أسواقها القديمة المطبوعة بعيدي الميلاد ورأس السنة

ويفتخر أهالي البلدة بكنيسة «السيدة» القديمة الأثرية، وكذلك بمواقع دينية أخرى كـ«مارت مورا» وكنيستَي «سيدة الحارة» و«الحبل بلا دنس» الأثريتين. ومن أنهارها المعروفة رشعين وجوعيت. أما بحيرة بنشعي التي تشهد سنوياً احتفالات خاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة، فتتوزع حولها المطاعم والمقاهي. وهي تبعد عن البلدة نحو 10 دقائق، وتعدّ من المحميات الطبيعية اللبنانية المشهورة. وتسبح فيها طيور الإوز والبط، وتحتوي على مئات الأنواع من الأسماك.

وتُعرف زغرتا بمطاعمها التي تقدّم أشهى المأكولات اللبنانية العريقة. وأهمها طبق الكبة على أنواعه. ويقصدها الزوّار ليذوقوا طبق «الكبة بالشحم» و«الكبة بالصينية» و«الكبة النية».