البشير يودع حكومته القديمة وتوقعات بإعلان الجديدة غدا

الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
TT

البشير يودع حكومته القديمة وتوقعات بإعلان الجديدة غدا

الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام في مطار الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام في مطار الخرطوم أمس (رويترز)

وصل رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين الخرطوم أمس للمشاركة في أعمال اللجنة الوزارية السودانية - الإثيوبية المشتركة، في الوقت الذي عقد فيه مجلس الوزراء السوداني اجتماعه الأخير قبيل التعديل الوزاري الذي يتوقع أن يعلنه الرئيس السوداني عمر البشير غدا الخميس.
في غضون ذلك، أعلن منشقون عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن تسجيل حزب جديد باسم «حركة الإصلاح الآن»، بقيادة غازي صلاح الدين العتباني، فيما صعدت قيادات من الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة محمد عثمان الميرغني من لهجتها الرافضة لمشاركة الحزب في حكومة الرئيس البشير المزمعة، استباقا لتوقعات بمنح الحزب حصة أكبر في تلك الوزارة.
وعقد مجلس الوزراء السوداني أمس آخر اجتماع له قبيل التعديل الوزاري الذي ينوي البشير إجراءه. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء عمر محمد صالح في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع إن البشير قدم التحية للوزراء الحاليين، وشكرهم على أدائهم خلال الفترة الماضية، وأخبرهم أن «التعديل الوزاري لا يعني ضعف أدائهم، بل لأن التجديد هو سنة التكليف السياسي»، وأوضح صالح أن قرار إعفاء الوزراء وتعيين الحكومة الجديدة سيجري قريبا، دون تحديد موعد بعينه.
وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن البشير سيعلن عن حكومته الجديدة غدا الخميس، ليتسنى للوزراء الحاليين المشاركة في اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة مع إثيوبيا، التي انعقدت أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء بالخرطوم، ويرأسها البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي.
وأخذ الوزراء صورة تذكارية يتوسطهم البشير في بهو مقر مجلس الوزراء على ضفة النيل الأزرق بوسط الخرطوم، وسط أنباء عن تعديل وزراي غير مسبوق يعتزم البشير إجراءه، يطيح فيه بغالبية الوجوه القديمة التي ظلت تتنقل بين الوزارات منذ وصوله للسلطة عبر انقلاب عسكري مدعوما من الإسلاميين في 1989.
وفي هذا السياق، وصل رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين الخرطوم للمشاركة في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين السودان وإثيوبيا لتوقيع السودان اتفاقات ومذكرات تفاهم، عقب الاجتماع الوزاري للجنة العليا المشتركة بين البلدين.
وتشمل الاتفاقات المزمع توقيعها بين الخرطوم وأديس أبابا اتفاقية إطارية حول التجارة والاقتصاد والتعاون الفني، واتفاقيات تعاون حول المساعدة القانونية في المسائل الجنائية والأمنية وفي مجال الخدمات الجوية وخدمات نقل الركاب والسكك الحديدية، وبشأن الحكم المحلي واللامركزي.
وتشمل مذكرات التفاهم مكافحة الاتجار بالبشر، والمرأة والطفل والشباب، والتعاون المصرفي، والتعاون في مجال الجمارك، فضلا عن البرنامج التنفيذي في مجال الشباب، والبرنامج التنفيذي في مجال التعليم العام. كما يفتتح الرئيسان السوداني والإثيوبي الخط الناقل المشترك للكهرباء بين السودان وإثيوبيا.
من جهة أخرى، صعدت مجموعة من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي، المشارك في الحكومة الحالية، من حملتها الرافضة لاستمرار المشاركة في الحكم قبيل تشكيل الحكومة الجديدة التي يتوقع أن يشارك فيها الحزب بصورة أكبر، واستبقت تكوين الوزارة بالقول: «لو حدثت المشاركة؛ فإن جماهير الحزب وقياداته وأدبياته ستظل تقاومها».
وقال القيادي في الحزب علي نايل، في مؤتمر صحافي عقد أمس، إن المشاركة في نظام حكم البشير خيانة للحزب ولجماهير الحزب، وإن حزبه أعلن موقفه في هذا التوقيت - قبيل إعلان التشكيل الوزاري - ليعلن لجماهيره أنه لا يريد المشاركة فيما سماه «هذا العار».
وواجهت مشاركة الحزب في الحكم معارضة واسعة من قبل قيادات الحزب وجماهيره، بيد أن رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني، ومجموعة من القيادات، قرروا المشاركة في الحكم، رغم أن اللجنة التي كونها للتفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم أوصت برفض المشاركة.
ويشغل نجل الميرغني، جعفر الصادق، وظيفة مساعد للرئيس البشير.. فيما يشارك الحزب بثلاث وزارات اتحادية ووزير دولة، إلا أن المشاركة لا تجد قبولا من بعض قيادات الحزب وجماهيره، خصوصا الشباب منهم، ما جعل الميرغني يكلف لجنة بدراسة مشاركة حزبه في السلطة عقب الاحتجاجات الأخيرة في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين أول) الماضيين. وأوصت اللجنة بخروج الحزب من السلطة وإعلان موقفه المعارض، بيد أن رئيس الحزب - الموجود حاليا في العاصمة البريطانية لندن - لم يقطع بأمر استمرار المشاركة أو الخروج من الحكم.
ويعتقد على نطاق واسع أن استمرار مشاركة حزب الميرغني في حكومة البشير يمثل سندا قويا لها، فيما يمكن أن يسبب خروجه منها خسارة كبيرة لحليفه المؤتمر الوطني، الذي يواجه أوضاعا سياسية وتنظيمية قاسية.
وفي غضون ذلك، أعلنت المجموعة المنشقة عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بقيادة الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، عن تكوين حزب جديد أطلقت عليه «حركة الإصلاح الآن»، وقالت إنها تقدمت لمسجل التنظيمات والأحزاب السياسية بطلب لتصديق حزبها الجديد، وإن المسجل أبلغها بأن الحزب استوفى الشروط المطلوبة للتسجيل.
وقال العتباني في مؤتمر صحافي عقده أمس إن «الدولة اضمحلت كفاءتها وحيدتها وهيبتها، وانحازت إلى هموم الحكام على حساب هموم المحكومين، وسط ضعف بحقوق المواطن وحرمانه، واختلال ميزان العدالة، واستشراء الفساد المالي والإداري، وتحول لمنهج ومسلك، ما أوقع البلاد في ضائقة اقتصادية واضطراب سياسي، وتفكك النسيج الاجتماعي للبلاد».
ودعا العتباني للتوافق في تشخيص مشاكل البلاد انطلاقا من مفهوم «خيار الحد الأدنى» يتمثل في البحث عن أرضية مشتركة تعبر عن منتوج يتوافق عليه الجميع، وإلى التوفيق بين مرجعيات الناس الذين يدعون للحرية والعدالة والديمقراطية وتختلف فقط مرجعياتهم، للوصول لهذا الحد الأدنى الذي يتمثل فيما سماه مجموعة «الآليات المحايدة» التي تضمن ممارسة الحقوق الدستورية.
وأوضح العتباني أن حزبه يسعى لإصلاح سياسي بتجميع السودانيين على الحدود الدنيا لتكوين جبهة موحدة تتصدى لواجبات مرحلة البناء، وأنه يؤسس لمرجعيات تستمد معانيها ودلالاتها وتفسيراتها من منظور الإسلام بقيمه الحضارية المؤكدة لتبادل الحرية والعدل وكرامة الإنسان، وترتكز على مبادئ المسؤولية الفردية والجماعية ومحاربة شتى أشكال الزيغ والفساد.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.