حيوانات أليفة في مصر تعاني التمييز الطبقي

جولة في «سوق الجمعة» ومحلات المناطق الراقية

حيوانات أليفة في مصر تعاني التمييز الطبقي
TT

حيوانات أليفة في مصر تعاني التمييز الطبقي

حيوانات أليفة في مصر تعاني التمييز الطبقي

«قد تكون المساواة حقاً من الحقوق، ‏ ولكن ما من قوة على الأرض يمكنها تحقيقها»، هذا ما قاله أونوريه دو بلزاك، ‏الروائي الفرنسي، ‏عن التمييز بين طبقات المجتمع، كان يقصد بمقولته التمييز بين بني البشر، وصعوبة تحقيق فكرة المساواة بينهم، إلا أن الأمر هنا لا يتوقف على بني البشر وحدهم، بل طال الحيوانات أيضاً.
في مصر، تعاني الحيوانات الأليفة من تمييز طبقي، على الرغم من تطابق النوع والفصيلة، وبلد التوريد.
«الشرق الأوسط» أجرت مقارنة بين سوقي الحيوانات الأليفة الغنية والفقيرة في مصر، للتعرف عن قرب على مدلول وإطار الاختلاف بين الحيوانات المرفهة والأخرى التعيسة، وما يحمله هذا الاختلاف من معنى اجتماعي يعكس الحالة الاجتماعية والإنسانية في مصر التي يعاني مواطنوها من تمييز طبقي في الأساس، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الحيوانات التي تملكها كل طبقة من طبقات المجتمع.
محطتنا الأولى كانت داخل «سوق الجمعة»، في منطقة السيدة عائشة (جنوب القاهرة)، فيما كانت المحطة الثانية محلات وأسواق أخرى في أماكن يقطنها أصحاب الطبقات العليا.
يقع سوق السيدة عائشة، أو كما يُطلق عليه «سوق الجمعة»، في قلب القاهرة القديمة، وتحديداً على مشارف العاصمة الإسلامية «الفسطاط»، التي بناها العرب عام 641 م، ويعد إحدى أهم الأسواق التاريخية في القاهرة الكبرى، نظراً لتوافر عدد هائل من السلع فيه.
السوق التي تمتد على مساحة شاسعة من الأراضي، تعد ملتقى لهواة اقتناء الحيوانات الأليفة في مصر. أمام مدخله، يحتل باعة الحمام والعصافير مساحة كبيرة، يعرضون فيها عشرات السلالات، يجاورهم باعة القطط. وفي المنتصف، سرعان ما يتغير المشهد، ليتحول فجأة لعشاق العبث مع مصدري السموم، الثعابين والأفاعي، لينتهي الأمر بالطيور النادرة والكلاب ذات السلالات المختلفة.
تمثل «سوق الجمعة» الشعبية في مصر الأسعار الرخيصة بالنسبة للحيوانات الأليفة، كالقطط والكلاب، مقارنة بأسواق أو محلات أخرى (غير شعبية) تعرض الأنواع نفسها بأسعار مرتفعة، والفرق الوحيد هو المكان.
«إنت وشطارتك»، عبارة تعني بالعامية المصرية أن «الماهر في البيع والشراء هو مالك هذه السوق)، حسب ما يقوله محمود الجزار، بائع العصافير الذي اتخذ لنفسه ركناً مميزاً في ساحة البيع.
ويقول محمود الجزار لـ«الشرق الأوسط»: «هنا يباع كل ما يخطر على البال، بدءاً من الملابس والأجهزة المنزلية، وصولاً إلى الحيوانات والطيور وأسماك الزينة».
وأسعار طيور الزينة عند «الجزار» تتراوح بين 60 إلى 500 جنيه، إلا أنه يؤكد أنّ أسعار سوق الجمعة أقل بكثير من مثيلاتها في الأسواق الأخرى، وهو ما يبرّر الزحام المتزايد في المكان، مضيفًا أنّ «الزبون لا يهتم كثيراً بمصدر السلعة، بقدر ما يشغله سعرها الرخيص».
وتؤكد بائعة قطط لـ«الشرق الأوسط»: «إنّ أكثر ما يضايقها هو سمعة السوق السيئة، ببيع القطة الشيراز بـ300 جنيه، والهيمالاي بـ450».
سمعته السيئة كانت سبباً في عزوف الطبقة الغنية عن شراء القطط منه، الأمر الذي أكده وائل محروس، أحد العاملين بمحلات «Madinaty pets resort»، بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة، مشيراً إلى أن أسعار القطط الشيرازي تبدأ من 450 جنيهاً، والهيمالاي تبدأ من 750 جنيهاً. ويتابع أنّ «النوع والسلالة واحدة، فما يُباع هنا هو نفسه الذي يُباع في سوق الجمعة، إلا أن ما يميّز المكان هو سمعته الطيبة وثقة الزبائن فيه، كما أن الوافدين على المحل لا يعنيهم السعر أكثر مما تعنيهم الثقة في الشراء، وسمعة المكان الذي يشترون منه».
إلى ذلك، يضم سوق الجمعة أقساماً مختلفة لأنواع الكلاب (المفترسة، والبوليسية، والأليفة)، وهو القسم الذي يحتل الصدارة في قائمة مبيعاته، حيث يتجول التجار بكلابهم لعرضها على من يشتريها، وتتفاوت أسعارها كل حسب نوعها واستخداماتها، والإقبال الأكبر على فصيلة «جيرمين شيبرد»، أشهر أنواع الكلاب للحراسة، ويختلف سعرها على حسب عمرها وقوة تدريبها، ولكنّ معظم المقبلين على شرائها من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة، حسب رفعت، تاجر الكلاب بالسوق.
وعلى النقيض تماماً، تختلف تلك السياسة في محلات بيع طيور الزينة بحي المعادي (جنوب القاهرة)، فالأسعار هنا محدّدة، ولا يمكنك «الفصال»، عكس سوق الجمعة التي يعد الفصال ركنا أساسيا في مقوماتها، كما أن زبائنها من النخبة والأثرياء، ولا يهمهم سعر المعروض... ما يشغلهم هو أنواع الطيور وشكلها من الناحية الاجتماعية.
ووفق وائل محروس، بائع حيوانات في المعادي، فالأمر يختلف بالنسبة لهواة الكلاب في المناطق الراقية، كالتجمع الخامس والمعادي والزمالك، حيث يميل سكانها إلى شراء الكلاب من خارج مصر، لخروجها بجوازات سفر مُدون بها اسم الكلب، ورقم هويته وسلالته، وهو ما يساعدهم على إمكانية التنقل والسفر به من مكان إلى آخر، وسعرها من الممكن أن يصل إلى 70 ألف جنيه.
ويضيف أنّ «الشائع في عمليات الشراء لهذه الطبقة هو كلاب الشرطة المصرية، الآتية من الخارج، خصوصاً ألمانيا، التي دُرّبت على أعلى مستوى»، موضحاً أنّ كلية الشرطة تعلن من حين لآخر عن مزادات علنية لبيع كلابها التي مرّ عليها 5 سنوات.
من جانبها، قالت مريم علي، ناشطة في مجال حقوق الحيوان وأحد مؤسسي الجمعية المصرية لحقوق الحيوان، إنّه لا توجد إحصائية رسمية عن حجم تجارة الحيوانات الأليفة والمفترسة في مصر، رافضة إطلاق لفظ «تجار» على من يعملون بهذا المجال، قائلة إن الاسم اللائق بها هو «مافيا تجارة الحيوانات في مصر». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنّه بالنسبة للكلاب مثلاً، فقد تحوّل الأمر من مجرد اقتنائها للحراسة إلى التباهي والتفاخر بين الآخرين، وقد زاد هذا الأمر بين أوساط الشباب خصوصاً، لافتة إلى أنّ أصحاب هذه النظرية دائماً ما يعانون من مشكلات نفسية، وبالتالي يلجأون لهذا الأمر في محاولة منهم للخروج منها، مشيرة إلى أن الكلاب جميعها تُولد على الفطرة، بيد أنها تختلف في الجينات والصفات، وتأتي شراستها عن طريق التدريبات التي تتلقاها من أصحابها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».