الشعر الشعبي يقلق السياسيين العراقيين انتخابياً

الصدر يدعو إلى إنقاذ البلاد

عراقي يمر أمام ملصق انتخابي في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
عراقي يمر أمام ملصق انتخابي في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
TT

الشعر الشعبي يقلق السياسيين العراقيين انتخابياً

عراقي يمر أمام ملصق انتخابي في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
عراقي يمر أمام ملصق انتخابي في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

بينما حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات البرلمانية في العراق 10 أبريل (نيسان) موعداً لانطلاق الحملة الدعائية للانتخابات المقرر إجراؤها في 12 مايو (أيار) المقبل، بدأ كبار السياسيين والزعامات العراقية التجوال في كثير من المحافظات والمناطق، بهدف التحشيد للقوائم والكتل التي يمثلونها.
الظاهرة التي لفتت الانتباه، خصوصاً من الزعماء الدينيين أو السياسيين، هي الشعراء الشعبيون، ممن يطلق عليهم في العراق تسمية «المهوال»، وهو الشاعر الذي يردد هوسة أو أهزوجة تنتهي بلازمة يرددها معه الجمهور بالضد من هؤلاء الزعامات، وهو ما يحصل للمرة الأولى في الانتخابات في العراق. فعلى مدار الدورات الانتخابية الثلاث كان كبار الزعماء، وخصوصاً من قادة الخط الأول يستقبلون في المضايف العشائرية بكل ترحاب، حيث تنصب لهم السرادق ويبدأ الشعراء الشعبيون والمهاويل بالتغني بهم وبتاريخهم العائلي أو الشخصي، ولم تسجل حالة رفض واحدة لأي زعيم أو رجل دين سبق له أن زار مضيف عشيرة من العشائر. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن بعض زعماء العشائر أصدروا بيانات أعلنوا فيها اعتذارهم عن عدم استقبال السياسيين، وهو أمر يحصل للمرة الأولى، وكان حظر استقبال السياسيين قد اقتصر منذ عام 2015 وحتى اليوم على شخص المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، وذلك احتجاجاً منه على عدم تنفيذ ما وعدوا به الشعب.
وفي الأسبوع الماضي، حصلت حادثتان لفتتا الأنظار وأشعلتا مواقع التواصل الاجتماعي على مدى الأيام الماضية. الحادثة الأولى حصلت أثناء زيارة قام بها زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إلى أحد المضايف في إحدى المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية. وبينما استقبله شيوخ العشائر وأبناؤها بما يتناسب مع أهمية الضيف، لا سيما أنه سليل أسرة دينية معروفة، فقد ظهر من بين الجموع «مهوال» طلب أن يهدي الحكيم أهزوجة، وهو أمر معتاد في مثل هذه المناسبات. غير أن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أحد هو مضمون الأهزوجة التي شبهت ما يجري اليوم بما كان عليه الوضع نفسه أيام الرئيس السابق صدام حسين، قائلاً: «هواية (كثيراً) الشعب ضحى وهواية أحنه (نحن) عدنا أيتام... قبل صدام واحد هسه (الآن) ألف صدام». وعلى أثر انزعاج الحكيم مما حصل وتركه المكان، اضطر الشاعر إلى الاعتذار ثانية، مبدياً أسفه عما حصل.
وبعد يومين من حادثة الحكيم، كان إياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف الوطنية، يلتقي هو الآخر بأعداد من المواطنين وشيوخ العشائر حين انبرى مهوال مهاجماً الطبقة السياسية العراقية كلها، واصفاً إياها بأنها «عديمة الشرف والضمير». لكن علاوي تعامل مع الأمر من زاوية مختلفة، يبدو أنه استفاد خلالها من تجربة المهوال السابق مع الحكيم التي أثارت غضبه، حيث قال له بعد انتهاء هجومه على السياسيين: «صح لسانك»، وهو ما يعني أنه سحب البساط تماماً من تحت أقدام الشاعر وامتص غصبه.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور هاشم حسن، عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الذي جرى وربما سيجري خلال الفترة المقبلة إنما هو تعبير عن كون الناس ملت ما يجري، وإن الإناء فاض وبلغ السيل الزبى»، مبيناً أن «ذلك يعني أنه أصبحت لدى الناس قناعة بأن الوجوه القديمة سوف تكرر نفسها ولا يوجد تغيير حقيقي». وأضاف حسن أن «الشعراء الشعبيين وخصوصاً المهاويل منهم أصحاب الأهزوجات، هم صوت الناس ويعبرون عن دواخلهم، رغم أن كثيراً من هؤلاء ينشدون مثل هذه الهوسات من أجل الحصول على المال». ولفت حسن إلى أنه «حتى هذه القضية استخدمت للتسقيط السياسي، حيث ظهرت فيديوهات ملفقة لما قيل إنه تم قتل الشاعر الشعبي، وهو أمر عار عن الصحة».
إلى ذلك، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى المشاركة بقوة في الانتخابات. وقال الصدر رداً على سؤال عن المشاركة في الانتخابات، وهل أنها «واجب شرعي»، فأجاب: «أنقذوا العراق بأصواتكم أيها المحبون للوطن، وإلا ضاع بأيدي الفاسدين».
من جهته، أكد قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم «تحالف سائرون»، المدعوم من الصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحالف سائرون لديه خريطة طريق لمرحلة ما بعد الانتخابات مع كل من يقترب من رؤانا وأهدافنا في تشكيل حكومة إصلاح وتغيير جدي قادرة على محاربة الفساد بشكل واضح ومحدد، والعمل على جلب الكفاءات والتكنوقراط وتسليمهم المسؤولية بعيداً عن الحزبية والعرقية والطائفية والمناطقية». وأضاف الجبوري: «نعمل على مغادرة خندق المشاركة بالسلطة طبقاً للمحاصصة أو تقاسم النفوذ، وبالتالي يصبح من الصعب، بل من المستحيل محاربة الفساد، لأن الجميع سيشاركون فيه بقدر أو بآخر».



خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
TT

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، الخاضع للجماعة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية؛ للحدِّ من قدرة الجماعة العسكرية.

وعلى الرغم من تهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرد على قصف إسرائيل مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن، فإن الأسبوع الأخير لم يشهد تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أ.ف.ب)

ومع انطفاء الحريق الذي أتى على نحو ثلثَي القدرة التخزينية للوقود في ميناء الحديدة، جرّاء الضربات الإسرائيلية، تجدّدت، السبت، الحرائق مع انفجار أحد الخزانات بفعل الحرارة التي انتقلت إليه من الخزانات المجاورة، وسط إفادة مصادر محلية بسقوط 6 مصابين من العمال.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 6 طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون تحديد للمكان.

وبشكل منفصل، أفاد البيان بأن القوات الأميركية دمّرت 3 زوارق حوثية مسيَّرة قبالة سواحل اليمن، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة كانت تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة وقوات التحالف، والسفن التجارية في المنطقة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا.

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أقرّت، الجمعة، بالضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، وقالت إن 4 غارات استهدفت مطار الحديدة، وهو مطار جنوب المدينة خارج عن الخدمة منذ سنوات، في حين استهدفت 4 غارات أخرى مواقع في جزيرة كمران قبالة الحديدة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد مستمر

كان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عبّر عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعّد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيّرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنّت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

عناصر حوثيون ضمن تجمّع للجماعة في صنعاء تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

مساعٍ أُمَمية

قاد التصعيد الحوثي ضد السفن إلى تجميد عملية السلام في اليمن، بعد أن كانت خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية وعُمانية، وأعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ نهاية العام الماضي، على وشك أن ترى النور.

وإذ يكافح المبعوث لإنجاز ما يمكن على صعيد التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، أفاد في بيان، السبت، أنه اختتم زيارة إلى واشنطن، حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن، واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع.

المبعوث الأُممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يكافح لإنجاز اختراق في مسار السلام (د.ب.أ)

وأضاف أنه التقى مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ومنسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وأوضح غروندبرغ أنه استعرض خلال اجتماعاته التحديات التي تُعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية، ومسار التصعيد المُقلِق في اليمن منذ بداية العام.

وشدّد المبعوث على ضرورة منح الأولوية مسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن. كما أكّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف.