استجواب موقوف بهجمات واغادوغو... واحتمال «اختراق» الجيش

مجهولون حاولوا اقتحام القصر الرئاسي في بوركينا فاسو

جانب من موقع الهجوم الإرهابي في واغادوغو (إ.ب.أ)
جانب من موقع الهجوم الإرهابي في واغادوغو (إ.ب.أ)
TT

استجواب موقوف بهجمات واغادوغو... واحتمال «اختراق» الجيش

جانب من موقع الهجوم الإرهابي في واغادوغو (إ.ب.أ)
جانب من موقع الهجوم الإرهابي في واغادوغو (إ.ب.أ)

أعلن مصدر حكومي في بوركينافاسو، أمس، أن القضاء يستجوب شخصا يشتبه بأنه شارك في الهجوم على مقر الأركان العامة للجيش الجمعة الماضي في واغادوغو، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح المصدر، وفق الوكالة الفرنسية، أن هذا الشخص قد يكون «مدبر» الهجوم، مشيرا إلى «شكوك قوية جدا» بوجود «اختراق للجيش» أدّى إلى «اطّلاع المهاجمين على معلومات». وتابع المصدر أن هذا الشخص اعتقل الجمعة الماضي في الساعات التي تلت الهجوم المزدوج على مقر قيادة الأركان والسفارة الفرنسية.
ويوجد تضارب في التقارير حول الحصيلة النهائية لعدد الضحايا؛ إذ ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الهجوم أدى إلى مقتل 7 من قوات الأمن وإصابة أكثر من 80 شخصا بجروح، فيما قتل 9 من الإرهابيين. وأشارت مصادر أمنية محلية إلى سقوط 30 قتيلا على الأقل. وأكدت باريس عدم إصابة أو مقتل أي فرنسي في الاعتداء.
من جانبها، تبنّت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» الهجومين، مؤكدة أنها شنتهما ردا على عملية عسكرية فرنسية في مالي، وذلك في رسالة تلقتها وكالة الأخبار الموريتانية الخاصة السبت الماضي. وأصدرت «نصرة الإسلام» بياناً تبنت فيه الهجوم على قيادة الجيش والسفارة الفرنسية، وأوضح البيان أن الهجوم نفذه 7 أشخاص من ضمنهم انتحاري كان على متن سيارة مفخخة تم تفجيرها في مقر قيادة الجيش، وذلك ما يفسر أن أغلب ضحايا الهجوم من الجنود.
وأكد البيان أن الهجوم جاء انتقاماً لمقتل 6 من القيادات البارزة في الجماعة «الإرهابية» كانت القوات الفرنسية قد قتلتهم في قصف استهدف مواقع الجماعة في أقصى شمال شرقي مالي، ومن ضمن هؤلاء القادة أحد المقربين من «بن لادن الصحراء» الجزائري مختار بلمختار، زعيم جماعة «المرابطون»، كما كان من بينهم مقرب من زعيم «أنصار الدين» الزعيم الطارقي إياد أغ غالي.
وحمل الهجوم الأخير الذي ضرب مدينة واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو، أساليب جديدة أربكت الأجهزة الأمنية، وأثارت مخاوف نظيرتها في دول الساحل الخمس المجاورة، في مقدمة هذه الأساليب استخدام «سيارة مفخخة»، وهو نمط جديد من العمليات في منطقة الساحل الأفريقي، ولم يسبق أن استخدمته «نصرة الإسلام والمسلمين» ولا «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
كما أن «نصرة الإسلام» استخدمت في هجومها 7 عناصر، أغلبهم مواطنون من بوركينافاسو، ما شكل تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية في البلاد، التي تعودت على أن من يهاجمونها في أغلب الأحيان أجانب، ولكن الآن أجبرت الأجهزة الأمنية على فرض إجراءات تفتيش قاسية تجاه المواطنين، لأن التنظيمات الإرهابية نجحت في تشكيل خلايا نائمة داخل البلاد، وفق ما قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط».
في سياق متصل، أحبط حرس القصر الرئاسي في مدينة واغادوغو محاولة لاقتحام إحدى بوابات القصر، فجر أمس، من طرف مسلحين مجهولين. ولم تصدر بعد مرور ساعات على محاولة الاقتحام أي تصريحات رسمية، فيما تشير المعلومات الأولية إلى أن 3 مسلحين حاولوا تجاوز حاجزا أمنيا للحرس الرئاسي، يبعد نحو 500 متر من البوابة الرئيسية للقصر الرئاسي، عند نحو الساعة الثانية من فجر أمس.
وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» أن الرئيس روتش مارك كابوري كان موجوداً في القصر عندما جرت محاولة اقتحام البوابة، وأضافت المصادر ذاتها أن هذه المحاولة لم تشكل أي خطر على الرئيس أو الموجودين داخل القصر، ولكنها أثارت المخاوف من وجود عناصر إرهابية تتحرك في المدينة وقادرة على شن هجمات جديدة، خصوصا أنهم تمكنوا من الوصول إلى القصر الرئاسي الواقع في حي «واغا 2000»، الحي الأكثر رقياً في العاصمة والأكثر تحصيناً.
وكان المهاجمون الثلاثة قد ترجلوا من سيارتهم قبالة مبنى التلفزيون الحكومي في حي «واغا 2000»، قبل أن يستهدفوا واحدة من أهم البوابات المؤدية للقصر الرئاسي، ولكن الأوضاع الأمنية المتوترة التي تعيشها المدينة جعلت عناصر الحرس الرئاسي في أعلى درجات اليقظة، وتصدوا لمحاولة الاقتحام وتمكنوا من صدها وإلقاء القبض على أحد المهاجمين قبل قتله، فيما تمكن رفيقاه من الفرار، وتجري عمليات بحث واسعة عنهما.
وقتل أحد المهاجمين عندما حاول الفرار من قبضة عناصر الحرس الرئاسي، مستحوذاً على سلاح أحد الجنود، ولكن طلقات نارية من بقية الجنود عاجلته ليفارق الحياة على الفور. وبدأت أمس عمليات التحقيق لمعرفة هويته ومحاولة الوصول إلى رفيقيه الفارين.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.