مشاورات فرنسية حول تنفيذ الهدنة في الغوطة وسط قلق دولي

النظام تقدم ميدانياً في الجيب المحاصر قرب دمشق

طفل مصاب جراء القصف في الغوطة الشرقية (إ.ب.أ)
طفل مصاب جراء القصف في الغوطة الشرقية (إ.ب.أ)
TT

مشاورات فرنسية حول تنفيذ الهدنة في الغوطة وسط قلق دولي

طفل مصاب جراء القصف في الغوطة الشرقية (إ.ب.أ)
طفل مصاب جراء القصف في الغوطة الشرقية (إ.ب.أ)

أجرى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان سلسلة مشاورات لبحث كيفية تنفيذ الهدنة الإنسانية في الغوطة الشرقية في الوقت الذي أبدى فيه الرئيس إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «قلقا عميقا» إزاء الوضع في سوريا.
ولا تزال الأمم المتحدة غير قادرة على إيصال المساعدات إلى معقل المعارضة المحاصر قرب دمشق، بحسب الإليزيه.
وتابع القصر الرئاسي أن ماكرون وغوتيريش «أكدا مجددا تصميمهما على حمل النظام السوري وحلفائه على تطبيق القرار 2401 خصوصا فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية».
وأضاف أن «مواكب الأمم المتحدة يجب أن تتمكن منذ الآن من إيصال المساعدات الطبية والغذائية الضرورية للسكان المحاصرين».
ومن المقرر أن يجري ماكرون الأحد محادثات حول سوريا مع نظيره الإيراني حسن روحاني الذي تعتبر بلاده أحد أبرز حلفاء نظام بشار الأسد.
ولم يتم تطبيق القرار 2401 بعد أسبوع على إقراره في مجلس الأمن الدولي، بينما صعدت قوات النظام وحلفاؤها هجومها على الفصائل المعارضة.
وأجرى لودريان سلسلة اتصالات هاتفية خصوصا مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون لبحث كيفية ممارسة ضغوط من أجل تطبيق الهدنة الإنسانية. كما تشاور مع نظيريه السعودي عادل الجبير والتركي مولود تشاوش أوغلو، ومن المقرر أن يتصل أيضا بنظرائه الألماني والبريطاني والأردني، بحسب ما أعلنت أوساطه.
وأوضحت المصادر نفسها أن «الأمر يتعلق بمتابعة قرار مجلس الأمن الدولي (حول هدنة من ثلاثين يوما) لم يتم تطبيقها فعليا على الأرض وتحديد الاحتمالات للأيام المقبلة».
وشكلت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والأردن «مجموعة صغيرة» سعيا إلى إعادة إطلاق عملية السلام حول سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويحاول الغربيون ممارسة ضغوط على روسيا التي صوتت على القرار بشأن الهدنة في فبراير (شباط) الماضي لكنها تدعم النظام السوري ميدانيا.
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية أن «الروس صوتوا على القرار وهم مسؤولون عن تطبيقه كما أنهم طرف في النزاع».
وكان لودريان قدم سلسلة اقتراحات عملية خلال زيارة قام بها لموسكو الثلاثاء لضمان تطبيق الهدنة.
وسينقل لودريان الرسالة نفسها خلال زيارته لطهران غدا (الاثنين). وشددت مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية على أن «الزيارة ستكون أيضا فرصة لتذكير الإيرانيين بمسؤوليتهم إزاء الوضع في سوريا».
إلى ذلك، استعادت قوات النظام السوري السيطرة على 10 في المائة من الغوطة الشرقية إثر معارك عنيفة ضد الفصائل المعارضة، حسبما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وعادت قوات النظام لتسيطر على جيب في جنوب شرقي المنطقة يضم خصوصا حزرما والنشابية و«على 10 في المائة من الغوطة الشرقية»، بحسب المرصد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.