محكمة الدار البيضاء تواصل النظر في ملف متهمي أحداث الريف

TT

محكمة الدار البيضاء تواصل النظر في ملف متهمي أحداث الريف

واجه قاضٍ بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، مساء أول من أمس، أحد المتهمين المتابعين ضمن ملف احتجاجات الريف في المغرب بشريط فيديو، يظهر فيه مع محتجين آخرين وهم يحاصرون مروحية تابعة للدرك الملكي، ويهددون بإحراق أنفسهم معها.
وظهر المتهم صلاح لشخم (27 سنة)، الطالب بكلية الآداب بمدينة وجدة، وهو يتكلم بانفعال كبير قبل أن يدخل تحت المروحية رفقة آخرين، ويقول: «لن تقلع المروحية مهما كان»، مضيفاً: «سنحرق أنفسنا وندفن معها هنا».
وفي رده على أسئلة القاضي، أوضح لشخم أنه ينتمي إلى منطقة تلارواق بضاحية الحسيمة التي شهدت موجة الاحتجاجات، وأن سكان المنطقة تعرضوا إلى نزع ملكية الأراضي الزراعية التي يستغلونها، والتي تناهز مساحتها 486 هكتاراً، وسلمت من طرف السلطات لإحدى التعاونيات. وأضاف لشخم أن السكان الذين يناهز عددهم 6 آلاف شخص، نظموا اعتصاماً للمطالبة بحقوقهم استمر زهاء سنة ونصف السنة، دون أن ينتبه إليهم أحد، بما في ذلك الإعلام الذي لم يغطِّ احتجاجاتهم، مشيراً إلى أنه استغل اندلاع احتجاجات الحسيمة، وحضور وسائل الإعلام للتعريف بقضية سكان تلارواق.
وحول موضوع حصار المروحية، أشار لشخم إلى أنها نقلت وزير الداخلية إلى المنطقة في 25 مايو (أيار) الماضي، بهدف التفاوض مع المعتصمين لإيجاد حل لمشكلتهم، غير أن المروحية حطت في قرية أخرى، وبدل لقاء المحتجين والاستماع إليهم، اجتمع وزير الداخلية في مقر الجماعة القروية مع ممثلي الأحزاب والمجتمع المدني، مبرزاً أن الأشخاص كانوا ملتفين حول الطائرة، ولم يكونوا محاصرين لها، مضيفاً أن هؤلاء الملتفين لم يكونوا من السكان المعتصمين، بل من سكان القرية المجاورة لمكان هبوط المروحية، الذين دفعهم الفضول إلى الالتفاف حولها، لأنه لم يسبق لهم أن شاهدوا طائرة من قبل، حسب تعبيره، وأوضح لشخم أن وزير الداخلية غادر على متن سيارة، معتقداً أن المحتجين هم من يحاصرون المروحية.
وحول الخطاب الذي ألقاه قرب المروحية، والذي تضمن تهديدات ونعوتاً قدحية لرجال الدرك وبعض أجهزة الدولة، قال لشخم إن ذلك كان بسبب انفعاله بسبب عدم لقاء وزير الداخلية مع المحتجين والاستماع إلى مطالبهم. وأضاف: «كان هدفي استغلال وجود وسائل الإعلام من أجل التعريف بقضيتنا»، داعياً القاضي إلى الاطلاع على فيديو نشره موقع «هبة بريس» الإخباري خلال تغطيته للحدث.
وعندما عرض عليه القاضي تصريحه لأحد المواقع الإخبارية، الذي أكد فيه أنه ورفاقه حاصروا المروحية لأزيد من 8 ساعات، قال لشخم: «الطائرة لم تبقَ في الأرض أكثر من ساعتين، وتصريحاتي تلك كانت بهدف التضخيم الإعلامي من أجل التعريف بقضيتنا».
وعرض القاضي شريط فيديو آخر يتكلم فيه لشخم خلال مظاهرة، دعا فيه إلى «حمل السلاح إذا اقتضت الضرورة» لمواجهة «الاستعمار»، سواء كان محلياً أم أجنبياً. فرد لشخم موضحاً أن ما كان يعنيه هو «سلاح الفكر»، مضيفاً أنه خلال المظاهرات، سواء في الحسيمة أم في بلدته، كان يحمل الأعلام الوطنية ويردد الشعار الوطني المغربي «الله... الوطن... الملك»، ودعا القاضي إلى إعادة عرض أشرطة الفيديو ليتأكد من ذلك.
ويواجه لشخم تهماً ثقيلة، بينها جناية «القيام بشكل متعمد بتهديدات وأعمال عنف ضد الموجودين على متن طائرة خلال تحليقها قصد المس بسلامتها»، وجناية «المس بسلامة الدولة الداخلية بارتكاب اعتداء الغرض منه إحداث التخريب والتقتيل والنهب، والمشاركة في ذلك»، بالإضافة إلى كثير من الجنح، منها التحريض علناً ضد الوحدة الترابية للمملكة، والعصيان والتحريض عليه، وتنظيم مظاهرات غير مصرح بها.
وتواصل محكمة الاستئناف في الدار البيضاء النظر في ملف متهمي أحداث الريف، الذي تتابع فيه 54 متهماً، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحتى الآن استمعت المحكمة لـ38 متهماً، وقرر القاضي تسريع المحاكمة عبر رفع عدد الجلسات المخصصة لها أسبوعياً إلى 4 جلسات، تعقد أيام الاثنين والثلاثاء والخميس والجمعة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.